في هذه الدراسة، حلل الباحثون بيانات جينية لأكثر من 17008 أشخاص يعانون الزهايمر ونحو 37154 من الأصحاء لا يعانون المرض. وقال الباحثون إن ارتفاع ضغط الدم قد يكون له تأثير وقائي من التعرض لبعض الأمراض، فضلا عن التأثير الوقائي للعقاقير المخفضة للضغط المرتفع ،ما يسهم بصورة كبيرة في الوقاية من مرض الزهايمر وعته الشيخوخة. وكانت دراسة أمريكية حديثة قد أشارت إلى أن الناس الذين يستخدمون بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم تكون مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر لديهم عادة أقل بكثير من أولئك الذين لا يستخدمونها. وعلى الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح بالضبط كيفية قيام بعض الأدوية، مثل أدوية الضغط التي تدعى مثبطات إنزيم الأنجيتونسين أو مدرات البول بحماية الدماغ، يقول الباحثون إن هذه النتائج الجديدة يمكن أن تؤدي إلى فهم أفضل لمرض الزهايمر، وإلى علاجات جديدة لإبطاء أو تأخير تطور المرض الذي يؤثر سلباً في الذاكرة. وقالت معدة الدراسة الدكتورة سيفيل يسار، وهي أستاذ مساعد في الطب في قسم طب وعلم الشيخوخة في جامعة جونز هوبكنز للطب: وجدنا أن المخاطر تنخفض بنسبة 50 في المئة، وهذا ما يشير إلى وجود شيء ما يقف وراء ذلك. وقد جرى تجميع المعلومات من أكثر من 2200 من كبار السن، تتراوح أعمارهم بين 75 و 96 سنة. وكانوا قد التحقوا أصلاً بدراسة - تدعى دراسة مراقبة - لمعرفة ما إذا كانت عشبة الجنكو بيلوبا يمكن أن تقلل من مخاطر مرض الزهايمر. وكان الجواب عن هذا السؤال بالنفي، ولكن الباحثين كانوا قادرين على استخدام البيانات التي أمكن جمعها بالفعل لإجراء تحليل منفصل عن التأثير الوقائي لبعض الأدوية التي توصف عادة لعلاج ضغط الدم، بما في ذلك المدرات وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين. وأظهرت الدراسة أن الاستخدام المنتظم لهذه الأدوية يقلل من خطر مرض الزهايمر بمقدار النصف على الأقل. وتستخدم هذه الأدوية من قبل الملايين من المتقدمين بالعمر، فمثلاً، يعد اللازيكس واحداً من أكثر المدرات التي توصف بشكل شائع. وتضم الأمثلة على مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين كلا من لوتنسن، كابوتين، فاسوتيك. كما يستخدم تيفيتين وأفابرو بشكل شائع كحاصرات لمستقبلات الأنجيوتنسين. وقال الباحثون إن مدرات البول، والتي هي الخط الأول في علاج ارتفاع ضغط الدم، كانت مرتبطة أيضا بإنقاص الخطر بنسبة 50 في المئة من حيث الإصابة بمرض الزهايمر بين المشاركين الذين ظهرت عليهم بالفعل علامات الضعف الإدراكي الخفيف، وهو ضعف طفيف في التفكير والذاكرة غالبا ما يكون مقدمة لمرض الزهايمر. ولا يزال من غير الواضح بالضبط كيف تخفض هذه العقاقير من مخاطر مرض الزهايمر. لكن إحدى النظريات تقول إن التأثير الوقائي هو نتيجة لانخفاض ضغط الدم. وقال الدكتور ماثيو ماك كويد، وهو أستاذ مساعد في علم الأعصاب في مركز جامعة لويولا الطبي في شيكاغو: إن ارتفاع ضغط الدم هو أحد عوامل الخطر المعروفة لمشاكل التفكير والذاكرة على المدى الطويل. وقال ماك كويد، الذي لم يشارك في الدراسة: إن ارتفاع ضغط الدم يزيد من خطر الإصابة بمرض الأوعية الدماغية الصغيرة، والذي تصبح فيه الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ أصغر قطرا وأكثر تصلبا، ويمكن أن يؤدي هذا إلى عدد من المشاكل في التفكير والذاكرة، موضحاً إن الانخفاض في ضغط الدم يمكن أن يقلل من الإصابة في الجزء الدماغي الذي يشمل الذاكرة. ومع ذلك، إذا كانت كل الأدوية تشترك في تخفيض ضغط الدم، فإن جميع أدوية ضغط الدم ينبغي أن تنقص من مخاطر مرض الزهايمر لدى المرضى. ولكن، لم يكن لكل مجموعات هذه الأدوية تأثير وقائي، وفقاً للبحث. وقالت يسار: لم نجد أي تأثير مفيد لأدوية حاصرات قنوات الكالسيوم، وهذا ما كان مفاجئاً ومخيباً للآمال، كما أن أدوية حاصرات بيتا لم تكن مرتبطة بإنقاص خطر مرض الزهايمر أيضاً. وأشارت يسار إلى دراسات سابقة ذكرت إن هناك مجموعة فرعية معينة من حاصرات قنوات الكالسيوم قد تبقى ذات تأثير وقائي، وقالت: لكن القصة لم تنته، فهناك شيء ما يستوجب الحاجة إلى عينة أكبر لتحليل هذه المجموعة الفرعية. كما قالت أيضاً بأن الدراسة محدودة بسبب حقيقة أن البيانات جرى جمعها لتقييم تأثير نبات الجنكو بيلوبا. ونتيجة لذلك، لم يكن الباحثون قادرين على تحديد ما إذا كان مرضاهم قد استعملوا أدوية ضغط الدم كما هو موصوف لهم، أو ما إذا كانوا قد استخدموا هذه الأدوية في الماضي. لذلك يبقى السؤال: هل تقلل بعض أدوية ضغط الدم من خطر مرض الزهايمر نتيجة لتخفيض ضغط الدم، أم أن شيئا آخر يحدث؟ وقال ماك كويد: من غير الواضح ما إذا كانت الفائدة الصحية الإجمالية الكامنة في هذه الأدوية مستقلة عن ارتفاع ضغط الدم. وهل توفر هذه الأدوية فوائد إضافية لصحة الدماغ؟ إذا كانت هذه هي الحال، فقد يستفيد المرضى المعرضون لخطر الإصابة بأمراض الدماغ بنسبة عالية، لاسيما عته الشيخوخة، من هذه الأدوية لأغراض أخرى، غير تخفيض ضغط الدم. كما قال ماك كويد: تستخدم أدوية ضغط الدم بالفعل لعلاج أمراض أخرى مستقلة عن ارتفاع ضغط الدم، مثل الرعاش والصداع. ونظرا لإصابة العديد من الأشخاص بتغيرات (في التفكير والذاكرة)، فإن استخدام هذه الأدوية لمنع أو تأخير عته الشيخوخة سيكون له على الأرجح أعظم الأثر الاجتماعي. ولكن ماك كويد حذر من أن هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث قبل أن يقوم الناس، ممن لديهم ضغط دم طبيعي، بتناول عقاقير خفض ضغط الدم بهدف خفض خطر عته الشيخوخة عندهم تلقائيا. وعلى الرغم من أن هذه الأدوية تعد آمنة على نطاق واسع، غير أن جميع الأدوية لها آثار جانبية. والآثار الجانبية الأكثر شيوعا لأدوية ضغط الدم تشمل الدوار والسعال والطفح الجلدي والتعب والغثيان والصداع. وقالت يسار: إن المزيد من الدراسات التي تعتمد على المراقبة مثل هذه الدراسة - والتي لا يمكنها إثبات وجود صلة مباشرة بين السبب والنتيجة، ليست هي الحل. وأضافت: لقد حان الوقت للقيام بتجارب سريرية على أدوية ضغط الدم هذه، نحن نعرف بأن هذه الأدوية تعمل على خفض ضغط الدم، ولكن يمكن أن يكون هناك شيء آخر يحدث؟ وفرضيتنا تقوم على ذلك. وفي السياق نفسه توصلت دراسة بريطانية حديثة إلى أن الأدوية التي تستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض الجلدية يمكن أن تعالج الزهايمر بطريقة أسرع وأقل ثمناً من الأدوية المخصصة لعلاج هذا المرض. وقالت جمعية الزهايمر البريطانية التي أصدرت الدراسة إن استخدام الأدوية المتوافرة حالياً لعلاج ارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض الجلدية يساهم في السيطرة على الزهايمر ،لا سيما في المراحل المبكرة للمرض وربما علاجه. وقال البروفيسور وممثل جمعية الزهايمر البريطانية كليف بالارد إن القضاء على مرض الزهايمر هو واحد من أكبر التحديات التي تواجه كل من الطب والمجتمع، مضيفاً أن تطوير أدوية جديدة لعلاج هذا المرض أمر مهم للغاية. وأظهرت الدراسة أن الأدوية المتوافرة حالياً يمكن أن تستخدم لعلاج مرض الزهايمر في 10 سنوات أو أقل خاصة إذا اثبت العلماء أنها آمنة وفعالة في التجارب السريرية. وشدد بالارد: نحن نبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى حل متطور ونهائي وإحداث فرق مهم في حياة المصابين بهذا المرض المزمن.
مشاركة :