مسيرة النجمة الألمانية المعتزلة شتيفي جراف في ملاعب التنس والتي استمرت طوال 17 عاما كانت متميزة بكل معنى الكلمة إذ حصلت خلالها على 22 لقبا في البطولات الأربع الكبرى كما استمرت على رأس قائمة التصنيف الدولية للمحترفات طوال 377 أسبوعا وهو رقم قياسي غير مسبوق أيضا. ففي 1988 وعندما كان عمرها 19 عاما فازت جراف بألقاب أستراليا المفتوحة وفرنسا المفتوحة وويمبلدون وأمريكا المفتوحة والذهبية الأولمبية لتحصد بذلك الجائزة الكبرى الذهبية. وتحمل الأمريكية المخضرمة سيرينا وليامز الرقم القياسي العالمي في عدد مرات التتويج بلقب الفردي في البطولات الكبرى خلال الحقبة الحديثة برصيد 23 لقبا كبيرا في حين يعتبر كثيرون النجم السويسري روجر فيدرر أعظم لاعب بين الرجال والسيدات انجبته ملاعب التنس طوال تاريخها. لكن لم يسبق لفيدرر أو سيرينا تحقيق مثل هذا الانجاز خلال عام واحد حتى الآن. وخلال ثمانينات القرن الماضي هيمنت المنافسة بين مارتينا نافراتيلوفا وكريس إيفرت على تنس السيدات. وفي 1982 اجتذبت جراف الفتاة القادمة من مانهايم بشعرها المجعد الانتباه عند ظهورها الأول في بطولات المحترفات رغم أن عمرها كان 13 عاما فقط. وبحلول 1985 كانت جراف في قائمة أول 10 مصنفات على مستوى العالم وفي 1987 فازت هذه اللاعبة الصاعدة على نافراتيلوفا لتتوج بلقب فرنسا المفتوحة. وبينما تراجع مستوى عدد كبير من اللاعبات الناشئات في هذا الوقت بسبب الإرهاق والضغوط أثبتت جراف قدرتها على التحمل والاستمرار بكل قوة بفضل مهاراتها المتنوعة وقدراتها البدنية والذهنية المتميزة. وبدأت جراف عام 1988 بالفوز بلقب أستراليا المفتوحة دون أن تخسر أي مجموعة بعدما انتصرت على كريس إيفرت في المباراة النهائية. وفي نهائي فرنسا المفتوحة سحقت منافستها الروسية الشابة ناتاشا زفيريفا 6-صفر و6-صفر خلال 32 دقيقة فقط في أقصر مباراة نهائية على مستوى البطولات الأربع الكبرى. وفي نهائي ويمبلدون بعد أسابيع قليلة هزمت حاملة اللقب نافراتيلوفا وثأرت بذلك لهزيمتها في نهائي 1987 قبل أن تنتزع لقب زوجي السيدات. وقالت نافراتيلوفا وقتها “هذه نهاية حقبة أو موعد تسليم الراية إذا شئتم أن تعتبروه كذلك.” وفي أمريكا المفتوحة شقت جراف طريقها إلى المباراة النهائية التي فازت فيها على الأرجنتينية الرائعة جابرييلا ساباتيني لتصبح بذلك خامس شخص على مستوى الرجال والسيدات يحصد جميع ألقاب البطولات الأربع الكبرى في نفس العام الميلادي والوحيدة التي تحقق الانجاز على الملاعب الصلبة والرملية والعشبية. وأهدى جوردون يورجنسون رئيس الاتحاد الأمريكي للتنس جراف سوارا مرصعا بأربع قطع من الألماس مكافأة لها على الانجاز. وبعد أسابيع قليلة وفي سول عاصمة كوريا الجنوبية حصلت جراف على الذهب من جديد عندما هزمت ساباتيني في المباراة النهائية للدورة الأولمبية. ومع اعتزال إيفرت وتراجع مستوى نافراتيلوفا سيطرت جراف تماما على المشهد ولولا هزيمتها أمام الإسبانية أرانتشا سانشيز فيكاريو في نهائي فرنسا المفتوحة في 1989 لاستمرت سيطرتها على ألقاب البطولات الكبرى للعام الثاني على التوالي. ومع ظهور اللاعبة اليوغوسلافية مونيكا سيليش واجهت جراف منافسة من نوع مختلف. وعندما كان عمرها 16 عاما فقط أوقفت سيليش مسيرة انتصارات جراف التي استمرت على مدار 66 مباراة عندما فازت عليها في عقر دارها في بطولة ألمانيا المفتوحة في 1990 ثم فازت على اللاعبة الألمانية ثانية في نهائي فرنسا المفتوحة بعد ذلك بأسابيع قليلة. وما بين عامي 1991 و1992 حصدت سيليش ستة ألقاب في البطولات الأربع الكبرى في مقابل حصول جراف على لقبين ثم فازت اللاعبة اليوغوسلافية على جراف في نهائي أستراليا المفتوحة في 1993. ومن المؤسف جدا أن هذه المنافسة الحامية بين النجمتين توقفت بصورة شبه مأساوية بعد أشهر قليلة من ذلك عندما طعن مشجع مختل مهووس بجراف اللاعبة اليوغوسلافية خلال بطولة في مدينة هامبورج الألمانية. واثر ذلك فازت جراف ببقية البطولات الكبرى لعام 1993 وتوجت بثلاثة من الألقاب الأربعة الكبرى في 1995 و1996 قبل ظهور السويسرية مارتينا هينجيس. وحتى في ظل تراجع مستواها الطبيعي والمتوقع نجحت جراف في الفوز على هينجيس في مباراة مثيرة بنهائي فرنسا المفتوحة في 1999 قبل أشهر قليلة فقط من اعتزالها عندما كان عمرها 30 عاما لتبدأ حياة جديدة برفقة النجم الأمريكي الشهير أندريه أجاسي الذي تزوجته في 2001.
مشاركة :