في تحدٍ للبيت الأبيض، ينشر جون بولتون كتاباً يتهم فيه دونالد ترمب بارتكاب تجاوزات تتعدى قضية أوكرانيا، ويؤكد أن كل سياسته الخارجية دوافعها سياسية داخلية، كما قال الناشر، أمس الجمعة.وكان بولتون المستشار السابق لدونالد ترمب لشؤون الأمن القومي وصانع السياسات الجمهوري المحافظ المتشدد، استقال من منصبه في سبتمبر (أيلول) الماضي بعد خلافات مع الرئيس الأميركي، خصوصاً حول كوريا الشمالية وحركة «طالبان» في أفغانستان.وحذر ترمب مطلع العام الجاري بولتون من نشر الكتاب، طالما أنه موجود في البيت الأبيض، بينما أكد محامو الرئيس أن أجزاء كبيرة من المعلومات الواردة في كتاب المذكرات سرية، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.لكن دار النشر «سايمن آند شوستر» قالت إنها ستنشر الكتاب الذي يحمل عنوان «ذا رووم وير إت هابند: وايت هاوس ميموار» (المكان الذي حدث فيه ذلك: مذكرات البيت الأبيض) في 23 يونيو (حزيران).وقالت في بيان وزع على الصحافيين في إطار حملتها للترويج للكتاب: «هذا هو الكتاب الذي لا يريدك دونالد ترمب أن تقرأه». وحسب البيان، يقول بولتون في الكتاب: «أشعر أنني تحت ضغط كبير يتمثل بضرورة ذكر قرار واحد مهم اتخذه ترمب خلال فترة عملي لم يكن مدفوعاً بحسابات إعادة انتخابه».وأوضحت دار النشر أن بولتون يوثق في الكتاب مخالفات ارتكبها ترمب تتعدى الضغوط التي مارسها على أوكرانيا للتحقيق مع منافسه الديمقراطي جو بايدن، وأدت إلى اتهامه من قبل الديمقراطيين ومحاكمته في الكونغرس.وأضافت أن بولتون «يقول إن مجلس النواب ارتكب أخطاء في ممارسة إجراءات العزل عبر حصر الاتهام بشكل ضيق بأوكرانيا، بينما كانت تجاوزات ترمب الشبيهة بما فعله مع أوكرانيا موجودة على نطاق سياسته الخارجية بالكامل».وقال البيان إن بولتون يتحدث في مذكراته عن «عملية اتخاذ القرار من قبل ترمب غير المتجانسة والمشتتة».ويحيي الكتاب التساؤلات عن سبب امتناع بولتون عن الإدلاء بإفادته خلال محاكمة ترمب إن كان يعتقد أن الرئيس ارتكب كل هذه التجاوزات الخطيرة، واختياره كتاباً وبيعه بدلاً من ذلك.وقال النائب تيد ليو الديمقراطي الذي عمل بقوة من أجل محاكمة ترمب، في تغريدة على «تويتر» إن «جون بولتون هو نموذج الموظف الحكومي المدعي الذي لم يكتف بتغليب الحفلات على البلاد، بل وضع أرباحه الخاصة قبل البلاد... رجل خسيس».من جهته، دعا والتر شوب المدير السابق لمكتب أخلاقيات الحكومة واصطدم مع إدارة ترمب، إلى مقاطعة كتاب بولتون، معتبراً أن شراءه «يعني دعم متقاعس خان بلاده برفضه أداء واجبه الإدلاء بشهادة أمام الكونغرس».وبولتون الذي يتبنى نهجاً متشدداً حيال روسيا، عارض تجميد البيت الأبيض مساعدات عسكرية بقيمة 400 مليون دولار مخصصة لأوكرانيا في الوقت الذي كانت فيه قواتها تحارب الانفصاليين المدعومين من موسكو.وقد اتهم معسكر ترمب في جلسات خاصة باتباع سياسة «مهربي مخدرات».وكان ترمب مارس ضغوطاً في اتصال هاتفي على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليفتح تحقيقاً بحق نجل جو بايدن الذي يعمل في شركة للغاز في البلاد.وبولتون (71 عاماً) سياسي مثير للجدل في واشنطن منذ فترة طويلة. وقد تجاوز الرئيس الأسبق جورج بوش الابن الكونغرس لتعيينه سفيراً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة.وهذا المحامي الذي درس في جامعة يال دافع بشدة عن غزو العراق خلال الحملة التي سبقت الحرب، وكان يدفع باتجاه قصف إيران وكوريا الشمالية. ولم يكن يبدو مناسباً لتركيز ترمب على السياسة الداخلية، لكن تعليقاته على قناة «فوكس نيوز» جذبت الرئيس.ومنذ مغادرته البيت الأبيض امتنع بولتون عن الإدلاء بتصريحات علنية لكن تسريبات من كتابه عكرت سير محاكمة ترمب.وقال تشاك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الذي برأ ترمب في نهاية المطاف، إن شهادة بولتون كان يمكن أن تساعد في إقناع الجمهوريين المترددين بعزل الرئيس.وكان ترمب وصف اتهامه في مجلس النواب بأنه مؤامرة، معتبراً أن الضغط الذي مارسه على أوكرانيا كان لمصلحة الولايات المتحدة.
مشاركة :