بَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى أَعْتَابِ شَهْرٍ آخَرٍ يَكْتَنِفُهُ الْغُمُوضُ وَسْطَ أَجْوَاءِ جَائِحَةِ كُوفِيدَ 19 الَّذِي يَجْتَاحُ الْعَالَمَ؛ فَإِنَّ الدَّرْسَ الَّذِي أَصْبَحَ وَاضِحًا لَنَا هُو أَنَّنَا فِي حَاجَةٍ إِلَى تَكَاتُفِ جُهُودِنَا جَمِيعًا مِنْ أَجْلِ وَقْفِ انْتِشَارِ الْفَيْرُوسِ. وَدَعْمًا لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لابُدَّ مِنْ إِدْرَاجِ خُطَطِ طَوَارِئ لِتَقْدِيمِ خَدَمَاتِ الْعُلُومِ اللُّغَوِيَّةِ لِلتَّصَدِّي لِهَذِهِ الأزْمَةِ الصِّحِّيَّةِ الْمُتَفَاقِمَةِ وَغَيْرِ الْمَسْبُوقَةِ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ عَلَى جَمِيعِ اللُّغَوِيِّينَ فِي الْمَمْلَكَةِ أَنْ يُشَمِّرُوا عَنْ سَوَاعِدَهُمْ لِتَسْخِيرِ إِمْكَانَاتِهِمْ الأكَادِيمِيَّةِ مِنْ أَجْلِ الْقَضِيَّةِ الْعُظْمَى لِلْبَحْرَيْنِ؛ فَفِي حَرْبِنَا ضِدَّ الْجَائِحَةِ لا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقَفُوا مَكْتُوفِي الأيْدِي فِي أَمَاكِنِهِمْ يَشْعُرُونَ أَنَّهُمْ مُحَصَّنُونَ وَيَنْتَظِرُونَ الأخْبَارَ السَّيِّئَةَ تَتَوَارَدُ عَلَيْهِمْ مِنْ غُرَفِ جُلُوسِهِمْ الْمُرِيحَةِ. وَبَعِيدًا عَنْ رِسَالَتِهِمْ فِي الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ وَالتَّعْلِيمِ؛ فَإِنَّ عَلَيْهِمْ مَسْئُولِيَّةً اجْتِمَاعِيَّةً بِمَا لَدَيْهِمْ مِنْ مَهَارَاتٍ كَثِيرَةٍ نَحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ الصَّعْبِ. فَيَجِبُ إِعَادَةُ تَكْلِيفِهِمْ لِلْمُسَاهَمَةِ بِأَفْكَارِهِمْ، وَبَذْلِ جُهُودِهِمْ لاحْتِوَاءِ هَذَا الْفَيْرُوسِ، وَمَطْلُوبٌ مِنْهُمْ أَنْ يُطَوِّعُوا مَهَارَاتِهِمْ فِي دَعْمِ فَرِيقِ الْعَمَلِ الْوَطَنِيِّ لِمُكَافَحَةِ فَيُرُوسِ كُورُونَا مِنَ الآنَ فَصَاعِدًا، حَيْثُ يَكُونُونَ رَأْسَ الْحَرْبَةِ فِي الْمَعْرَكَةِ ضِدَّ الْجَائِحَةِ.فَيَجِبُ اسْتِدْعَاؤُهُمْ فَوْرًا وَعَلَى وَجْهِ السُّرْعَةِ لِلْعَمَلِ يَدًا بِيَدٍ مَعَ قُوَّاتِ الدِّفَاعِ، وَوَزَارَةِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، وَالْعَامِلِينَ فِي مَجَالِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ الَّذِينَ يَبْذُلُونَ تَضْحِيَاتٍ هَائِلَةٍ، وَيَعْمَلُونَ بِلا كَلَلٍ مِنْ أَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى صِحَّتِنَا وَصِحَّةِ أَحِبَّائِنَا، فَلا يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَدَعُوا فَرِيقَ الْعَمَلِ الْوَطَنِيِّ لِمُكَافَحَةِ فَيُرُوسِ كُورُونَا لِتَتَشَتَّتَ جُهُودُهُمْ فِي التَّعَامُلِ مُضْطَرِّينَ مَعَ قَضَايَا اللُّغَةِ وَالتَّوَاصُلِ بِجَانِبِ مَهَامِهِمْ فِي آنٍ وَاحِدٍ. فَيَسْتَطِيعُ اللُّغَوِيُّونَ بِمَا لَدَيْهِمْ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَخِبْرَةٍ لُغَوِيَّةٍ أَنْ يُسْهِمُوا فِي جُهُودِ الْحُكُومَةِ لِلتَّصَدِّي لِلْفَيْرُوسِ، وَتَقْدِيمِ مَعْلُومَاتٍ شَامِلَةٍ لِلْجَمِيعِ بِمُسَاعَدَةِ فَرِيقِ الْعَمَلِ الْوَطَنِيِّ لِمُكَافَحَةِ فَيْرُوسِ كُورُونَا، وَيَسْتَطِيعُ اللُّغَوِيُّونَ تَنْظِيمَ حَمَلاتٍ وَطَنِيَّةٍ مُتَعَدِّدَةِ اللُّغَاتِ، وَوَاسِعَةِ النِّطَاقِ لِزِيَادَةِ الْوَعْي الْعَامِ، وَتَعْزِيزِ الإجْرَاءَاتِ الْوِقَائِيَّةٍ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَبِمَا أَنَّ لِلسُّلُوكِ تَأْثِيرًا مُبَاشِرًا عَلَى سَلامَتِنَا، فَبِوُسْعِ اللُّغَوِيِّينَ مِنْ خِلالِ رُسُومٍ بَيَانِيَّةٍ مُتَعَدِّدَةِ اللُّغَاتِ تَقْدِيمَ مَعْلُومَاتٍ عَنِ التَّغَيُّرِ الَّذِي يَطْرَأُ عَلَى السُّلُوكِ لإنْقَاذِ حَيَاةِ النَّاسِ أَثْنَاءَ الإغْلاقِ التَّامِّ. وَبِالتَّوَازِي يَسْتَطِيعُونَ تَجْمِيعَ كُتُبٍ تَحْتَوِي عَلَى مُصْطَلَحَاتٍ طِبِّيَّةٍ مُتَعَدِّدَةِ اللُّغَاتِ لِتَسْهِيلِ عَمَلِيَّةِ التَّوَاصُلِ بَيْنَ مُقَدِّمِي الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ وَالْمَرْضَى، وَقَدْ تَشْتَمِلُ هَذَه الْكُتُبُ عَلَى جُمَلٍ وَكَلِمَاتٍ شَائِعَةِ الاسْتِخْدَامِ فِي التَّشْخِيصِ وَالْعِلاجِ، وَالَّتِي تُقَدِّمُ مُسَاعَدَةً كَبِيرَةً لِلطَّاقَمِ الطِّبِّيِّ فِي الْخُطُوطِ الأمَامِيَّةِ. وَلَنْ تَقْتَصِرَ فَائِدَةُ هَذِهِ الْكُتُبِ عَلَى مَجْمُوعَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ النَّاسِ؛ بَلْ سَتَدْعَمُ أَيْضًا الثِّقَةَ لَدَى الْعَامِلِينَ فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيِّ، وَبِجَانِبِ ذَلِكَ يَسْتَطِيعُ اللُّغَوِيُّونَ وَضْعَ دَلِيلٍ يَعْرِضُ طُرُقَ الْوِقَايَةِ وَالسَّيْطَرَةِ عَلَى جَائِحَةِ كُوفِيدَ 19، حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ إِجَادَتُهُمْ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَحْدُودَةً. وَقَدْ يَشْتمَلُ هَذَا الدَّلِيلُ عَلَى جُمَلٍ شَائِعَةِ الاسْتِخْدَامِ فِي التَّدَابِيرِ الْيَوْمِيَّةِ، وَاحْتِيَاطَاتِ الدُّخُولِ، وَالْعِلاجِ الطِّبِّيِّ، وَالْحِمَايَةِ الشَّخْصِيَّةِ، وَلا بُدَّ مِنْ تَحْدِيثِهَا بِصِفَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ بُنَاءً عَلَى آخِرِ الْمُسْتَجَدَّاتِ فِي الْجَائِحَةِ الَّتِي تَحْدُثُ دَاخِلَ وَخَارِجَ الْمَمْلَكَةِ. وَبِمَا أَنَّ كُوفِيدَ 19 انْتَشَرَ فِي أَجْزَاءٍ أُخْرَى مِنَ الْعَالَمِ، فَمُمْكِنُ إِتَاحَةُ هَذَا الدَّلِيلَ لِلْجَمِيعِ عَلَى شَبَكَةِ الْمَعْلُومَاتِ الدَّوْلِيَّةِ (الإنْتَرْنِتِّ). وَهَذَا الإجْرَاءُ سَيْنُشُر مَدَى تَقَدُّمِ وَخِبْرَةِ الْمَمْلَكَةِ فِي مُكَافَحَةِ الْجَائِحَةِ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ، مُقَدِّمَةً بِذَلِكَ مُسَاعَدَةً إِنْسَانِيَّةً لِلْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ فِي طُرُقِ الْوِقَايَةِ وَالسَّيْطَرَةِ عَلَى الْفَيْرُوسِ.وَفِي مُقَدِّمَةِ ذَلِكَ يَسْتَطِيعُ اللُّغَوِيُّونَ أَنْ يَعْرِضُوا إِصْدَارَاتٍ بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ عَنْ تَطْبِيقِ التَّتَبُّعِ الْبَحْرِينِيِّ: BeAware، وَدَلِيلِ الْقَوَاعِدِ الإرْشَادِيَّةِ الَّذِي أَصْدَرَتْهُ الْحُكُومَةُ لِتَسْلِيطِ الضَّوْءِ عَلَى قَضَايَا حَيَوِيَّةٍ. كَمَا يُمْكِنُ لِلُّغَوِيِّينَ أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمُوا دَوَرَاتٍ مُبَسَّطَةٍ، وَمُصَمَّمَةٍ خِصِّيصًا للأقَلِّيَّاتِ اللُّغَوِيَّةِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى أَمَلِ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَاتِهِمْ عَنْ كُوفِيدَ 19 أَفْضَلَ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ اتْقَانُهُمْ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَحْدُودًا؛ وَلأنَّ الْحَالَةَ الْعَقْلِيَّةَ وَالنَّفْسِيَّةَ السَّلِيمَةَ مَسْأَلَةٌ حَيَوِيَّةٌ أَيْضًا أَثْنَاءَ وَبَعْدَ حَالَةِ الْفَوْضَى الْمُتَفَشِّيَةِ لِلازْمَةِ؛ فَإِنَّ التَّدَخُّلاتِ الْعِلاجِيَّةِ تُشَكِّلُ مَجَالا آخَرًا لِتَقْدِيمِ خَدَمَاتِ اللُّغَةِ، وَمِنْ هَذَا الْمُنْطَلَقِ تَضَعُ وَاجِبًا آخَرًا عَلَى عَاتِقِ اللُّغَوِيِّينَ لِلْقِيَامِ بِهِ. وَيُمْكِنُ لِلُّغَوِيِّينَ أَنْ يَعْمَلُوا جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مَعَ الأطِبَّاءِ النَّفْسِيِّينَ لِتَقْدِيمِ اسْتِرَاتِيجِيَّاتٍ لُغَوِيَّةٍ مُطَمْئِنَةٍ. وَيَسْتَطِيعُ اللُّغَوِيُّونَ إِنْقَاذَ أَرْوَاحِ النَّاسِ بِالْمُسَاهَمَةِ فِي جُهُودِ الْحُكُومَةِ الَّتِي تَهْدُفُ إِلَى تَسْطِيحِ الْمُنْحَنَى لِفَيْرُوسِ كُورُونَا الْمُتَفَشِّي، وَهَذَا الْمَقَالُ يُعَدُّ نداءً لِجَمِيعِ اللُّغَوِيِّينَ فِي الْمَمْلَكَةِ لاسْتِخْدَامِ مَهَارَاتِهِمْ فِي الْقِيَامِ بِدَوْرٍ فَعَّالٍ فِي الْمَعْرَكَةِ ضِدِّ هَذَا الْفَيْرُوسِ الْقَاتِلِ، وَوَقْفِ مَدِّ خَطَرِهِ. وَهُو أَيْضًا بِمَثَابَةِ دعوة لِتَشْكِيلِ لَجْنَةٍ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الاهْتِمَامِ بِالْقَضَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِاللُّغَةِ فِي أَحْوَالِ الطَّوَارِئِ، وَأَزَمَاتِ الصِّحَّةِ الْعَامَّةِ. وَكَمَا هُو الْحَالُ فِي جَمِيعِ الْمِحَنِ؛ فَإِنَّ الْمَوْقِفَ الرَّاهِنَ سَيَزُولُ يَوْمًا مَا. حَفِظَ اللهُ صِحَّةَ وَسَلامَةَ مَمْلَكَةِ الْبَحْرَيْنِ وَمَلكَهَا الْمُفْدِي وَشَعْبَهَا. { أُسْتَاذُ اللُّغَوِيَّاتِ الْمُشَارِكِكُلِّيَّةُ الآدَابِ- جَامِعَةُ الْبَحْرَيْنِ
مشاركة :