بمجرد أن هجَم فيروس كورونا على العالم، وادلهمت خطوبه، انهالت الأسئلة التي لا حصر لها ولا أجوبة قطعية عليها. وكل هذه الأسئلة تقريبًا تحت طائلة أو بصيغة: ماذا لو..؟!وكان لنا نحن في المملكة نصيبنا من هذه الأسئلة المتدفقة مثل السيل العرم. وكان لدينا، بحمد الله، أجوبة ممتازة ومطمئنة على كثير مما طُرِح، سواءً فيما يتعلق ببنية بلادنا التحتية العادية أو الرقمية، أو استعدادنا وإمكاناتنا الطبية، أو قدرتنا على سد الاحتياجات المعيشية بمختلف صنوفها ومتطلباتها. لكن السؤال الذي لم يُطرَح، بحسب علمي، هو ماذا لو أنّ (العمالة الوافدة) غادرت وتركت مزارعنا ومصانعنا ووسائل نقلنا، وما إلى ذلك وراءها؟ماذا نحن فاعلون، وهل نحن مستعدون، بشبابنا وبناتنا؛ لنعوّض مغادرتهم أو حتى نقصهم؟الجواب، بطبيعة الحال، هو أن وضعنا سيكون كارثيًا بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فنحن غير مستعدين بالمرّة لمثل هذه اللحظة التي لا يمكن استبعادها أو التقليل من إمكانية حدوثها. وأظن أننا عشنا درسًا قاسيًا من هذا القبيل أيام حرب تحرير الكويت. نعم لدينا مزارع ومصانع وإمكانات إدارة ونقل وتوصيل، كانت على قدر التوقعات، وأسعفتنا في زمن الكورونا، لكن لا بد أن يكون من الدروس المستفادة من هذه الأزمة أن اليد العاملة الوطنية هي التي يجب أن يُعوّل عليها في مثل هذه الظروف، حيث لا نضمن متى تقول هذه الدولة أو تلك لمواطنيها: عودوا إلى وطنكم، ولا نملك حق منعهم من هذه العودة لأنها تتعارض مع مصالحنا.أعلم أن هناك مَن سيأتي ليقول إن الأيدي الوطنية العاملة موجودة في المصانع بالذات، لكنني أعلم كذلك أن أعدادها لا تكاد تُذكر، وأن مئات الآلاف، ممن يدير ويُشغِّل عجلة هذه المصانع، فضلًا عن المزارع، هم من الأجانب. وبالتالي فإن الواقعية تفرض أن نعترف بأننا لم نحشد ما يلزم من أبناء وبنات الوطن، بالتدريب والتأهيل والتوظيف؛ لنكون في كل وقت، وفي مثل هذه الأزمات بالذات، في مأمن بشري وطني يُجنبنا مطبات ومزالق العمالة الأجنبية المتوقعة.@ma_alosaimi
مشاركة :