أكد تقرير حديث أن تجربة جائحة كورونا أظهرت الحاجة إلى توفير مستويات أعلى من المخزون، مبينا أن الأزمة أسهمت في إحداث قفزة ملحوظة في حجم التجارة الإلكترونية، ما أدى إلى توجه المستثمرين نحو استكشاف الفرص الاستثمارية في الخدمات اللوجستية والمخازن القريبة من الموانئ. وقال التقرير الصادر عن مؤسسة دبي للمستقبل بالتعاون مع مجلس دبي لمستقبل الخدمات اللوجستية، إن لدى البلدان العربية أعدادا كافية من المنشآت الصناعية المناسبة للخدمات اللوجستية في المناطق الحرة المجاورة للموانئ، مثل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في السعودية بجوار ميناء الملك عبدالله، ومنطقة خليفة الصناعية في أبوظبي بجوار ميناء خليفة، والمنطقة الحرة في جبل علي بالقرب من ميناء جبل علي في الإمارات، والمنطقة الحرة في سلطنة عمان بجانب ميناء صحار، بحسب وكالة أنباء الإمارات "وام". وأشار التقرير إلى أن جائحة كورونا تسببت في اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد بسبب القيود التي فرضت على خدمات النقل والشحن في مختلف أنحاء العالم، ما أدى إلى انخفاض نسب توافر بعض السلع في الأسواق، وتحول المتاجر إلى بيع بدائل محلية للعلامات التجارية المشهورة، موضحا أن الدول التي تمتعت بمرونة سلاسل الإمداد ومستويات مرتفعة لمخزونات السلع فيها، لم تشهد أي نقص في السلع. وقال التقرير الذي صدر بعنوان "الحياة بعد كوفيد - 19: مستقبل الخدمات اللوجستية"، إن دول وحكومات العالم أصبحت أكثر إدراكا لحجم التحديات التي ينطوي عليها الاعتماد على مصدر وحيد للواردات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسلع الأساسية، لأن الموانئ قد تتعرض للإغلاق، وقد توقف الدول صادراتها، أو ربما تتوقف مصانعها عن العمل، ولهذا فإنها تتوجه إلى تعزيز التصنيع المحلي، حتى إن كان ذلك أعلى تكلفة، مشيرا إلى أن اليابان على سبيل المثال، خصصت ملياري دولار لمساعدة المصنعين لديها على إعادة إنتاجهم إلى البلاد بدلا من الصين. وأكد أنه مع أن اضطراب سلاسل الإمداد كان مؤقتا إلا أن قدرة سلاسل الإمداد على تأمين الكميات اللازمة لم يمنع من حدوث تباطؤ فيها سبب انخفاض الطلب وتوقف سلاسل الإمداد المؤتمتة، وإغلاق المصانع المعتمدة على الروبوتات، وأصبح جليا أن الأتمتة لا تمنع الركود مهما بلغت درجة الاعتماد عليها إن تضررت الفاعلية البشرية، وهي قدرة الناس على الانخراط في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، لافتا إلى أنه كان على الحكومات في العالم تقديم تريليونات الدولارات لمنع هذا الضرر، ما يؤكد ضرورة التركيز على الاستثمار في التقنيات التي تحمي إنتاجية العمال وتعززها. وتوقع التقرير أن تؤدي أزمة كوفيد - 19 إلى تعزيز أتمتة الطلب عبر التقنيات التي تربط العالمين الرقمي والواقعي، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، والمركبات ذاتية القيادة، والطائرات دون طيار، وإنترنت الأشياء، والواقع المعزز، والهياكل الخارجية. وأوضح أن تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد ستتيح فرصة للزبون مثلا لتصميم احتياجاته وطباعتها في إحدى منصات الطباعة ثلاثية الأبعاد الخاصة بالعلامة التجارية المعنية، ومن ثم الاستعانة بالمركبات ذاتية القيادة والطائرات دون طيار لجمع المنتجات وتسليمها. وتوقع التقرير أن تجبر أزمة كوفيد - 19 الدول والشركات والأفراد على إعادة تقييم عنصرين حاسمين في النظام الاقتصادي هما: سلاسل الإمداد وطلبات المستهلكين، وأن يستمر التصنيع مستقبلا بالاعتماد على خطوط التصنيع التقليدية لإنتاج بعض الأشياء المعقدة مثل قطع الغيار والسيارات والأجهزة الكهربائية، لكن التصنيع المحلي سيكتسب أهمية متزايدة، وستزداد أهمية الاعتماد على المصانع الأقرب إلى مراكز التوزيع الإقليمية أو الوطنية، فيما سيعتمد على الطباعة ثلاثية الأبعاد بدلا من إنشاء مصانع عالية التقنية وشحن المنتجات لمسافات طويلة. وأوصى التقرير بتوفير المناطق الحرة حوافز لمستأجري المرافق اللوجستية لدعم هذه الصناعة على المدى القصير، وتشجيع المنتجين على إنتاج سلع تتمتع بفترة صلاحية أطول للحد من التأثير الناتج عن الاضطرابات المحتملة في سلسلة الإمداد.
مشاركة :