فى الوقت الذى تغيرت الخريطة الصحية لدى دول العالم وضخ المليارات لمحاولة إيجاد لقاح يحافظ على استمرار بقاء الإنسان، وتجديد الأمل فى تكرار هذا اليوم غدًا ، والتعلق بأى محاولة قد تضيف أيامًا فى حياة المصابين ، فذروة الوباء لم تعد فى زيادة حجم الإصابات حول العالم ومصر بالأخص ، إنما خطورة الوباء فى زيادة عدد الوفيات اليومية سواء من تم تشخيصهم وتوفوا بالفيروس أو المرضى الذين توفوا دون تشخيص وسط سجل الوفيات اليومية المعتادة ، الوباء سار قريب من الجميع كقرب القطار الذى تكون متأكدًا أنه سيصدمك حتى لو ألتفت إلى الجهة الاخرى عشرات المرات دون أن تسمع صوت تنبيهُه المزعج ، لأن ما نعلمه اليوم أقل مما نجهله ، وما علمناه لا يضمن لنا البقاء أمام هذا المجهول الذى أودى بحياة الآلاف ووضع السلبية والاكتئاب ركائز فى حياتنا اليومية .ومن أهم المحاولات التى بدأت فى إيطاليا بعد أن تكبدت موجة كارثية من الأزمة على مستوى المصابين والوفيات حيث ركز مسؤلو الصحة الايطالية على فكرة أقرب من الخيال العلمى وهى نقل الأجسام المضادة أو ما يعرف بالبلازما من المتعافين من الفيروس إلى المصابين ، واقترح الرئيس المحافظ لمنطقة فينيتو الشمالية الشرقية عمل ترخيصًا خاصًا للإيطاليين الذين يمتلكون أجسامًا مضادة تُظهر أنهم مصابون بالفيروس وتغلبوا عليه، وتحدث رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي أن هذة الخطوة ستكون بمثابة الممر الآمن من كوفيد- 19 لغير المصابين ، وقد أوصت جمعية الأمراض المعدية بأمريكا باستخدام بلازما المتعافين وحقنها للمصابين المحجوزين فى العناية المركزة فى إطار التجارب السريرية وذلك فى عدم توافر العقار. كما شجعت المتعافين من الفيروس بالتبرع بالبلازما لاستخدامها فى العلاج ، وعلى الرغم من عدم إثبات أنه العلاج الفعال وأن التجارب علية مازالت قائمة ، إلا أنه يعد من أهم المحاولات التى قد تأتى بالفرج في ظل صراع بين شركات الأدوية العالمية لإنتاج مصل ضد فيروس كورونا بشكل سريع وهو صراع محموم في مصلحة العالم لإيجاد علاج فعال و سريع للفيروس ، ولابد من تشجيع هذة التجربة فى مصر حتى نتوصل إلى إجابة واضحة وصريحة عن فاعليتها ، وكذلك توسيع قاعدة المتبرعين وخصوصا أنه لا يمثل خطورة على المتبرع وأثاره الجانبية قليلة بصفة عامة وقد أعلنت وزارة الصحة أماكن التبرع وأكدت أن التبرع بالبلازما من دم مريض متعافى يمكن أن تكفى لحقن اثنين من المصابين أصحاب الحالات الحرجة وذلك بعد التأكد من أن دم المتعافى يخلو من أى أمراض وبائية أو نقص المناعة حتى يتوافر بها هذة الاجسام المضادة لمواجهة الفيروس ولم تجد وزارة الصحة صعوبة فى تطبيق هذه المحاولة إلا في توفير عدد كافى من المتبرعين، وخصوصًا أن إجبار المريض المتعافى على التبرع بعد شفائه فى عرف الأطباء يخالف شرف المهنة، فأصبح العثور على البلازما الآن أصعب من العثور على إبره فى الظلام.وحتى لا نصل إلى نقطة إنعدام الرؤية ويصبح الهدم أكثر من البناء ، فالوضع يخرج من إطار التبعية والرضوخ لسياسة الدولة الصحية والصحيحة ولكن بمبدأ إحياء النفس وكأنما أحي الناس جميعًا، وبصفة خاصة من تم شفائهم بالمستشفيات والمعاهد الحكومية بدون مقابل عليهم بتذكر من كانوا مكانهم بالأمس القريب ، وخصوصًا أن هناك صعوبة فى الحصول على الدواء و العثور على سرير للعزل وأنها قد تكون محاولة بحثية مهمة تأتى بثمارها لاحقًا وذلك فى ظل تباطؤ المستشفيات الخاصة فى تحمل كافة المصابين دون النظر إلى تكاليف العزل وتجاهُل هذا الظرف الذى جعل المال لا يستطيع أن يشتري أمنًا أوسلامًا ولا يضمن لأحد مكانه .يصادف 14 يونيو من كل عام اليوم العالمي للتبرع بالدم ، حيث يحتفل العالم بالمتبرعين بالدم وبعطائهم الانساني النبيل، لمساهمتهم في انقاذ حياة ضحايا الحوادث والحروب والأوبئة ، من الأطفال والنساء والمسنين والمرضى الذين يحتاجون لنقل الدم بصورة متكررة، نتيجة معاناتهم من بعض الأمراض المزمنة . و أتمنى أن يستغل هذا الحدث اعلاميًا بنشر الوعى و ثقافة التبرع بالبلازما حتى يتم انقاذ مريض من الموت ، و تنظيم العديد من النماذج التى تم شفائهم بين الفئات المختلفة من المجتمع و الاعلامين والممثلين وغيرهم من المؤثرين وأن يُطلَق على هذة الحملة " كل متبرّع بطل " ، وأن يتم التعامل مع هذه الحملة مثل معاملة الإعلانات، التي تحضّ المشاهدين على التبرعات ودفع الأموال والزكاة إلى صناديق التبرعات التابعة إلى جهات عديدة كالجمعيات الخيرية ومستشفيات الحروق ودور الأيتام، و التي تبدو قاسية ومستفزة أحيانًا في المحتوى الإعلامي ، فنحن الآن أصبحنا فى أشد الحاجة لبلازما من متبرعين ليس لعلاج أعراض الوباء فقط ولكن لعلاج الاكتئاب و التوتر والقلق والاستغلال ، الذى أصبحنا نعيشه ، حتى نقوى و نستطيع أن نرى الضوء في نهاية هذا النفق.
مشاركة :