لص السد المنحوس قصة من روايتي المفقودة (زمن جبران)

  • 6/14/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم المشرف التربوي / يحي محمد ذباب   في الخمسينات والستينات من القرن الماضي نشبت حرب اليمن وتدخل الجيش المصري وانطلقت طائراته في يوم مشؤؤوم تطارد الإمام الهارب من الثوار و المنقلبين عليه في اليمن ولما دخل الحدود السعودية قامت الطائرات تقصف هنا وهناك وحينما كانت القذائف تسقط قرب سد وادي جازان الذي كانت تشرف عليه شركة ألمانية وكان عمالها و مهندسيها يسكنون في قرية عمال قرب السد وما كان منهم الا ان فروا وتركوا امتعتهم وحتى مقتنياتهم…وكعادة العربي البسيط الفقير هب بعض سكان القرى من الشباب الطامع الغير مدرك لما يفعل ومحاولة يائسة للتخلص من متاعب الحياة والشقاء هبوا لجمع ما يمكن من أثاث و مقتنينات سهله الحمل وغالية الثمن . كان من بين الطامحين شاب في الثلاثين من عمرة كان يعمل في السد ويسكن احدى القرى ولانه لم يتسنى له يوما دخول قرية العمال الاجانب الخواجات وما ادراك ما الخواجات كان يراقب ما يحدث من نهب ولكن خوفه واحترامه للنظام كان عائقا ولكن الفضول اقوى منه فدخل سكن احد المهندسين الالمان ويبدوا ان ذلك الخواجة هرب ولم يستطع حتى ان يتناول عشاءه ويغلق باب غرفته ..دخل العم علي وبسرعة البرق اختطف قدرا مغلقا باحكام وذو شكل غريب يشبه خزنه ثمينه وهرب وهو موقن انه وقع على كنز حيث كان القدر ثقيلا ومغلق باحكام الى حد قد يتصور من يحمله انه يحوي نقود ذهبية حيث كانت النقود يومها قطعا نقدية تسمى فرانسة هى الشائعة في تلك الفترة وهي ما يجمعه المهندسون والعمال الاجانب .المهم ان العم علي اخذ قدره واسرع الى حافة الوادي ولما وجد العم علي مكانا مناسبا لحفر حفره ودفن كنزه وقد وضع مسافة محددة من حافة الوادي ليعرف بها مكان الكنز.عاد العم علي لبيته وجلس مع اخوانه وهو يحذرهم من الذهاب لسكن الخواجات لان القصف شديد هناك وان الحكومه قد تقبض على من يقترب من ممتلكات الخواجات محاولة منه لتشتيت الانتباه عن فعلته . وقد قامت فعلا السلطات الحكومية بالقبص على كل من سرق من اثاث العمال الاجانب واودعوا السجن بل ان بعضهم ممن تمكن من الخروج اما لبراءته او لعدم اهمية ما سلبه من اثاث قد اخبر بانهم عذبوا لعدم اعترافه .وعندما وصل خبر السجناء للعم علي تملكه الخوف بل انه مرض مرضا شديدا وكاد ان يموت وعندما شعر بانه مفارق لا محاله طلب ان ياتي له اكبر اخوته واقربهم منه وهو العم حسن وقال له يا حسن وصيتي لك بعد ان ينتهي التحقيق في قضية لصوص العمال اريد منك ان نذهب الى مكان كذا وكذا ووصف له المكان وان تحفرالى ان تجد خزنه كالقدر مقفله باحكام بها كنز وتاخذه وتقسمه على اخوتنا بالعدل وان تبني لي مسجدا ويكون المؤذن والامام ليس منا حتى يكتمل الاجر والثواب وتحج عني او تدفع لرجل صالح يحج عني وادعولي بالرحمة والمغفرة. فبكى العم حسن وهو يعد اخوه بان يحقق امنياته وهو يقول الله يحفظك يا اخوي وان شاء الله تقوم بخير وعافية وتقسم انت الكنز بيننا وهو يحتضنه ويضمه كأنه يودعه . خرج العم حسن وترك العم علي ينام .وفي الصباح جاءت الانباء على ان جميع سجناء قضية لصوص السد قد خرجوا واقفلت القضية وستكمل بناء السد شركة جديده قريبا . وما ان سمع العم علي بالخبر حتى قام من فراشه وكانه لم يصب باي مرض بل كان مجرد خوف ورعب من السجن وما يقع من تعذيب . ذهب العم علي الى العم حسن وقال هيا لنذهب ونبحث عن الكنز ..وبالفعل ذهب الاثنان في خفية ووقت ظهيره لا يوجد بالوادي احد من الرعيان او المتجولين .وقف العم علي في جهة والعم حسن في الجهة المقابلة تفصل بينهما مسافة محددة قد حددها العم علي ليعرف بها مكان القدر تعلمها من عمله مع العمال الاجانب ايام تاسيس السد وطلب من العم حسن ان يسير خطوة خطوة معه وباتجاه مستقيم حتى يلتقيان عندها يحفران .وبالفعل طبقا الطريقة والتقيا في المكان المحدد وحفرا فاذا بشي صلب وقف الاخوان واحتضن كل واحد منها الاخر في مشهد درامي من مشاهد افلام الابيض والاسود الحزينه المبكية المفرحة . الحمد لله وجدنا الكنز شكرا اخي علي والله انك نعم الاخ والمحب لاخوته لو واحد غيرك كان تفرد بالكنز لوحده. هنا قال العم علي اسرع يا حسن وخلينا نشيل الكنز قبل ما يجي حد ويكشفنا . وبالفعل اخذوا القدر وذهبوا به لمكان امن وحاولوا الفتح ولكن كان القدر محكم الاغلاق ويبدوا ان الرطوبة وبقاءه مدة طويلة تحت التراب قد جعلته يتصلب ويصعب فتحه . وبمحاولات متكررة وضرب بمطرقة قوية وصلبه انفتح الغطاء او بالاصح انكسر الامان وبنظرات المتلهف المغمورة بالفرحة فتح العم علي الغطاء ليرى مع اخيه كنزهما الثمين الذي صبر مدة طويله وعانى من المرض حتى تمكن من ان يراه للمرة الاولى ويال المفاجئة كان الكنز عبارة عن ….بقايا دجاجة وخضار كان ذلك العامل يعدها عشاء له فصاح العم حسن في اخيه علي بصوت مبحوح فيه انكسارة وخيبه امل …دجاجة يا علي دجاجة ..كل هذا التعب والعناء وفي النهاية دجلجة ويا ليتها حيه الا ميته ونيه ومعفنه…رحم الله العم علي والعم حسن كم كانت الحياة صعبة ومتعبه ايامها رغم ما فيها من بساطة وقناعة الا ان ابن ادم يضل طماع بطبعه وحبه للتملك السريع سبب في وقوعه بالخطأ والتعدى على حقوق الغير .. اتمنى اعجبتكم القصة وهي حقيقية بس الاسماء مستعارة ومبالغ شوي في بعض الاحداث حسب ما سمعنا وروي لنا تحياتي لكم...وهذه صور لسد وادي جازان ..وقصر اثري بمنطقة العارضة وحديقة السدبقلم المشرف التربوي / يحي محمد ذباب   مرتبطالمشاركة

مشاركة :