تبدأ إيطاليا، اليوم، المرحلة الثالثة، والأخيرة، من إجراءات العودة إلى «الحياة الطبيعية»، واستئناف النشاط الاقتصادي في جميع أنحاء البلاد، مع الإبقاء على تدابير المراقبة الصحيّة المشدّدة في إقليم لومبارديّا، خصوصاً في عاصمته ميلانو، حيث ما زال يسجّل أكثر من نصف الإصابات الجديدة والوفياّت اليومية الناجمة عن «كوفيد – 19» ومع رفع جميع القيود على التنقّل بين الأقاليم والمقاطعات، وفتح الحدود مع جميع البلدان في الاتحاد الأوروبي من غير شروط صحية، بدأ الإيطاليون يستعيدون نكهة الماضي مع عودة مباريات بطولة كرة القدم يومي السبت والأحد في ميلانو ونابولي، لكن في ملاعب خالية من الجمهور، الذي لم يحدّد بعد موعد لعودته. وأعلن وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا، عن توقيع عقد أوروبي مشترك مع ألمانيا وفرنسا وهولندا للحصول على اللقاح الذي يجري تطويره في «جامعة أوكسفورد»، والذي أكّدت الشركة التي تنتجه أن 400 مليون جرعة منه ستكون جاهزة لتوزيعها على البلدان الأوروبية قبل نهاية العام الحالي. وأفادت مصادر وزارة الصحة بأن الأولوية في توزيع اللقاح ستكون للطواقم الصحّية والمسنّين والمصابين بأمراض مزمنة تزيد من خطورة الفيروس، وأن سعر الجرعة سيكون في حدود 2.5 يورو مع الحاجة لجرعة ثانية أقوى من الأولى يذكر أن منظمة الصحة العالمية التي تنسّق بين المختبرات التي تعمل على تطوير اللقاح ضد «كوفيد – 19»، قد حذّرت مراراً من التسرّع في إجراء التجارب المخبرية والسريرية قبل المباشرة بإنتاج اللقاح، ومن أن المستوى الحقيقي لفعاليته يظهر قبل انقضاء أشهر على تناوله كانت الحكومة الإيطالية قد نظمّت نهاية الأسبوع الماضي مؤتمراً موسّعاً لاستعراض الوضع العام في البلاد، ووضع الخطوط العريضة لخطة النهوض من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي سبّبها الوباء، بعد أن أوقع أكثر من 34 ألف ضحّية. وكانت المعارضة اليمينية قد رفضت تلبية دعوة رئيس الحكومة جيوزيبي كونتي، للمشاركة في المؤتمر الذي عقد في قصر «بانفيلي» الشهير، حيث نصب الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي خيمته خلال آخر زيارة قام بها إلى الخارج عام 2009 على عهد رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلوسكوني وشارك في المرحلة الأولى من المؤتمر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان در لاين، ورئيس البرلمان الأوروبي دافيد ساسّولي، ورئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، إلى جانب مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جيورجيفا، والأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية آنخيل غورّيا وقال رئيس الحكومة الإيطالية جيوزيبي كونتي، إن «هذه الأزمة، رغم قسوتها، يجب أن تكون فرصة لتغيير تاريخي في إيطاليا يراهن على البيئة والجمال لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين»، وأعلن أنه سيبدأ مشاورات واسعة اعتباراً من اليوم مع جميع الهيئات الاقتصادية والاجتماعية حول خطة للتغيير تقوم على ثلاثة محاور: الرقمنة والتعاضد الاجتماعي والبيئة. ودعت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى جعل برنامج «أوروبا الجيل التالي» فرصة ذهبية لإقامة «تحالف بين الأجيال يرسّخ المشروع الأوروبي على قواعد تضمن ديمومته في المستقبل». وقال رئيس البرلمان الأوروبي إن «الثقة بالحكومة الإيطالية كبيرة في أوروبا، وعلى جميع حكومات البلدان الأعضاء التحلّي بأقصى درجات المسؤولية خلال هذه المرحلة والإسراع بإجراء الإصلاحات الهيكلية اللازمة لمواجهة الأزمة التي يتوقّف مستقبل المشروع الأوروبي على النجاح في معالجتها» وفيما حذّرت لاغارد المسؤولين السياسيين من «تضييع هذه الفرصة التي قد لا تتكرر من حيث التضامن الأوروبي»، أكدّت أن المصرف المركزي سيقوم بواجبه، وأن خطة الإنعاش لن تؤتي نتائجها المنشودة إلا إذا رافقتها الإصلاحات الهيكلية. كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد وجّهت رسالة إلى المؤتمر دعت فيها إيطاليا إلى الإسراع في إجراء الإصلاحات اللازمة، التي أكّد عليها أيضاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة مشابهة، قال فيها إن فرنسا وإيطاليا تربطهما وحدة مصير تاريخي تمرّ اليوم عبر ترسيخ المشروع الأوروبي انطلاقاً من المبادئ الأساسية التي قام عليها كان كونتي قد كشف خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في نهاية المؤتمر أن إيطاليا ستتقدّم بطلب مشترك مع إسبانيا والبرتغال، مطلع الشهر المقبل، للحصول على أول دفعة من القروض الميسّرة عن طريق «آليّة الاستقرار الأوروبية»، ريثما يتمّ الاتفاق النهائي على حزمة المساعدات التي اقترحتها المفوضية الأوروبية بقيمة 750 مليار يورو، التي ستناقش في التاسع عشر من هذا الشهر خلال القمة المقبلة. ورغم التحوّلات التي طرأت مؤخراً على الموقف الألماني من شروط الحصول على المساعدات، ما زال الطريق أمام الموافقة على اقتراح المفوضية محفوفاً بالعراقيل التي تضعها مجموعة «الصقور»، التي تضمّ هولندا والنمسا والسويد والدانمارك وفنلندا، والتي تصرّ على ربط المساعدات بشروط صارمة يخضع استيفاؤها لمراقبة أجهزة المؤسسات الأوروبية. وتستبعد مصادر مسؤولة في المفوضية الأوروبية أن تتمّ الموافقة النهائية على حزمة المساعدات وشروطها في القمة المقبلة، ولا حتى في القمة التالية التي ستعقد تحت رئاسة ألمانيا الدورية للاتحاد في التاسع من الشهر المقبل. وإدراكاً منه للصعوبات المرتقبة لتذليل العقبات أمام الموافقة النهائية على حزمة المساعدات الأوروبية، ناشد رئيس الوزراء الإيطالي، أحزاب المعارضة اليمينية، الضغط على حلفائها في الدول الأوروبية التي تعترض على حجم الموارد المخصصة للمساعدات وعلى الشروط المرفقة بها في اقتراح المفوضية
مشاركة :