الأحلام التي تراود خيال «السلطان العثماني» الجديد رجب طيب أردوغان هي التي أزاحت الستار عن مشروعه الإمبراطوري الذي ينشده منذ فشل دخوله سوريا وبعدها تدخله في أزمة الخليج العربي بتحالفه مع النظام القطري المتحالف مع الإخوان المسلمين ذلك يثبت لنا أنه لم يعد هناك أدنى شك حول نوايا أردوغان الإخواني وما تدخله في ليبيا وإصراره على احتلالها إلا الحلقة المهمة لتحقيق هذا المشروع الذي يهدد مستقبل الأمن الوطني العربي برمته.السلطان العثماني أردوغان بقراره التدخّل في ليبيا وبتوقعه ان يكون كالسلطان سليم الأول فيعيد التاريخ للدولة العثمانية التي سلمت مصر ودولا عربية أخرى لقوات الحلفاء المنتصرة عليها في عام 1918 ذلك يثب لنا أن أردوغان لم يقرأ التاريخ وعِبَرَهُ ودروسَهُ، ومن هذه الدروس أن أي حادثة تقع مرة واحدة لا تتكرّر كما يقول الفيلسوف اليوناني هيراقليطس «إنك لا تنزل إلى النهر الواحد مرتين لأن مياهه جديدة تجري حواليك». إن المعلومات الكثيرة لا تكفي للفهم. إن لم تتوقع ما ليس متوقعا فلن تجد الحقيقة أبدا»، لذا لن يستطع أردوغان تكرار دور السلطان سليم الأول مهما كان تطور الأحداث.المشروع الأردوغاني الإخواني اتضحت معالمه بوضوح أكثر بعد تدخله في ليبيا وتسليحه السرّي للمليشيات المتطرفة من السوريين وبأعداد كثيرة من (جبهتي النصرة وداعش) والمليشيات التابعة للإخوان المسلمين إلى مرحلة تسليحها العلني لها منتهكا بذلك القرار الدولي بحظر السلاح على ليبيا وبإرساله طائرات مسيرة وشحنات ذخيرة على أمل تغيير موازين القوى لصالح حكومة الوفاق بيد أن الثقل العسكري التركي وإن نجح في إبطاء عمليات الجيش الوطني الليبي فإنه عاجز عن تفتيت عزيمته في تطهير العاصمة طرابلس من المليشيات المتطرفة وفي التصدي لهجماتها وآخرها تلك التي استهدفت قاعدة الجفرة، ولكن لأن الجيش الوطني الليبي ذو نفس طويل لا يستطيع أردوغان تحقيق أهدافه فهو إذا كان قد فشل في سوريا رغم توافر الظروف المناسبة له فكيف يستطيع أن يخضع شعبا بأكمله في ليبيا؟أهداف مهمة لأردوغان يريد تحقيقها من تدخله في ليبيا تتعدى الأهداف السياسية الدينية لتمتد إلى أهداف أهم وهي الاقتصادية وذلك لأن ليبيا بلد غني بالنفط وبمخزونات الغاز ويتاخم طرقا تجارية مهمة في البحر المتوسط فإن ليبيا التي فقدت الاستقرار تجلب بسرعة أطماع الفاعلين الدوليين وأهمهم النظام التركي، ووفقًا لقناة دويتشه فيليه الألمانية وما جاء فيها أن أحد أهم الأسباب وراء تدخل أنقرة في ليبيا كما يقول «أويتون أورهان» من مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في تصريحاته للشبكة الألمانية «منذ حقبة القذافي كان الكثير من الشركات التركية تعمل في تركيا. لكن بعد الحرب الأهلية خسرت ليبيا كثيرا من أهميتها الاقتصادية وبالتالي تراجع الاهتمام بالاستثمار» وهذا يتغير ببطء.إن أطماع أردوغان تتخطى ليبيا لتمتد إلى السيطرة على مصر وربما الوصول إلى الجزيرة العربية ودول الخليج العربي، ويزعم أردوغان لعب دور (خليفة المسلمين) وليس بمستبعد أن النظام الإيراني شريك في تنفيذ هذا المخطط بيد أنه لا يستطيع أن يكشف عن هذه النوايا في ظل الأوضاع التي يمر بها.والتدخل التركي في ليبيا مخطط له باستغلاله ظرفا آخر وهو انتشار وباء كورونا -كوفيد 19- والذي قد يساعده في ذلك في اعتقاده بانشغال دول العالم كله بمكافحة هذا الوباء، لذا وجد أن الفرصة مناسبة له لتحقيق أهدافه العدوانية التوسعية في سوريا وليبيا، دون إعطائه أي اعتبار لهذه الظروف في العالم ومتجاهلاً حتى واجبه في مواجهة تفشي الوباء بين أبناء شعبه حتى أصبحت تركيا بؤرة خطيرة لانتشار الوباء في منطقة الشرق الأوسط، بعدد إصابات تجاوز الـ120 ألفًا وعدد وفيات تخطى الـ3000 حالة وبزيادة مخيفة في الأرقام كل يوم.وأخيرا وليس آخرًا، وحتى لا تضيع ليبيا يجب على الدول العربية ألا تتأخر عن تفعيلها للدور العربي كما حدث في سوريا وخاصة أن أطماع أردوغان تتخطى ليبيا لتمتد إلى محاولة السيطرة على مصر وربما الوصول إلى الجزيرة العربية ودول الخليج العربي، لذا وجب على العرب أن يعيدوا حساباتهم وألا يعطوا الفرصة لمخططات الدول الكبرى التي تسببت في زيادة الأطماع التوسعية لكل من مصر سوريا واليمن والعراق، ويبقى السؤال: هل ستترك الدول العربية أردوغان ليواصل مشروعه التوسعي ويلتزم الجميع الصمت تجاه قضايانا العربية ويتم بعدها تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ أم تنقلب الموازين على أردوغان ومن معه، وتكون ليبيا مقبرة للنظام التركي؟
مشاركة :