أثار تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه خفض عدد القوات الأميركية المتمركزة في ألمانيا إلى 25 ألف جندي، وربطه الخطوة بزيادة برلين إنفاقها الدفاعي، في إثارة انتقادات حادة في برلين. ووصف نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، يوهان فادفول هذا الإجراء وتبريره بأنه أمر «خاطئ»، وقال أمس: «تكثف ألمانيا جهودها الدفاعية، وتضطر إلى مواصلة ذلك رغم أزمة كورونا. أي أن الانخفاض في الوجود العسكري يفاقم المشاكل بدلا من حلها». من جانبه، رفض رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم، نوربرت فالتر-بوريانس، ربط سياسة التسلح بنسبة نمو معينة، وإلا فإن هذا يعني أنه يتعين خفض التسلح عندما يحدث انكماش في الاقتصاد، على حد تعبيره. وقيّم رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار، ديتمار بارتش، استراتيجية الحكومة الألمانية بالموافقة على زيادة الإنفاق الدفاعي الى 2 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي بالفاشلة، وقال: «الابتزاز الواضح من رئيس أميركي للحكومة الألمانية أمر لا يمكن قبوله بين الشركاء. الشراكة عبر الأطلسي أصبحت ابتزازا عبر الأطلسي». وفي المقابل، حمل نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، ميشائيل تويرر، الحكومة الألمانية المسؤولية، وقال: «كان من الواضح أن التخطيط المالي متوسط المدى، الذي تضمن نفقات دفاعية منخفضة، سيُنظر إليه على أنه إهانة في الولايات المتحدة». أما وزير الخارجية الألماني هايكو ماس فقد شدد على أن بقاء القوات الأميركية في ألمانيا مهم لأمن أوروبا والولايات المتحدة. وقال ماس خلال زيارة لبولندا غداة إعلان ترامب «نعتقد أن الوجود الأميركي في ألمانيا مهم للأمن، ليس فقط بالنسبة لألمانيا بل أيضا لأمن الولايات المتحدة خصوصا لأمن أوروبا». وفي أعقاب لقاء مع نظيره البولندي ياتسيك تشابوتوفيتش، قال ماس: «ليس لدينا معلومات أكثر دقة أو مفصلة بخصوص متى وكيف وأين وماذا سيتم تنفيذه». وأضاف الوزير المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي: «لم يتسن الحصول على هذه المعلومات لا في وزارة الخارجية ولا في وزارة الدفاع الأميركية، وعلى هذا الأساس نحن ننتظر ما يفكر الجانب الأميركي في القيام به هناك». ووصف الوزير الألماني الخطط الأميركية بأنها «خطوات ستغير الهيكل الأمني الأوروبي»، ورأى أنه لهذا السبب يجب إجراء محادثات حولها، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن سحب القوات يقع في نطاق «القرار السيادي للولايات المتحدة». ووفقاً لتقارير إعلامية، فإنه من الممكن نقل جزء من القوات الأميركية إلى بولندا التي يتمركز فيها حاليا نحو 5000 جندي أميركي، وكان ترامب قد وعد بولندا قبل عام بزيادة عدد القوات بمقدار 1000 جندي. من جانبه، أكد تشابوتوفيتش أن هذا الوعد ليس له علاقة بما أعلنه ترامب عن سحب لقوات أميركية من ألمانيا، وقال «من وجهة نظرنا، فإن القوة العسكرية الأميركية في ألمانيا تخدم أمننا أيضا، ونحن نرغب في استمرار هذا الوجود». وكان ترامب أكد، أمس الأول، عزم بلاده تقليص عدد قواتها المنتشرة في ألمانيا إلى 25 ألف جندي، متهما برلين بأنها «متأخرة في سداد» مساهماتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وقال ترامب في البيت الأبيض «سنخفض عدد الجنود إلى 25 ألفا». وذكر ان نشر القوات في ألمانيا يتم «بتكلفة باهظة على الولايات المتحدة». وأضاف أن ألمانيا لا تفي بالتزامها بإنفاق 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، لافتا الى أنه حتى هذا الرقم يعد منخفضاً جدا. وكان أعضاء الحلف تعهدوا بأن يبلغ إنفاقهم العسكري نسبة 2 في المئة بحلول عام 2024. وزادت ألمانيا من نفقاتها العسكرية بوضوح خلال الأعوام الماضية، إلا أن هذه النفقات شكلت 1.38 في المئة فقط من ناتجها المحلي الإجمالي عام 2019.
مشاركة :