أيَّدت اللجنة الصحية في الشورى توصية تدعو وزارة الصحة إلى دراسة سبل تحقيق المساواة في التعويض المالي عن الأخطاء الطبية الواقعة على المرضى الذكور والإناث على حد سواء لتحقيق العدل وتعزيز سلامة المرضى، وأخذت بمضمون التوصية المشتركة في هذا الشأن لعضوي المجلس حنان الأحمدي وصالح الخثلان، وجاء في مسوغات التوصية أن المتبع حاليا لتقدير التعويض عن الأخطاء الطبية، يتم تحديد دية المرأة المتوفية بخطأ طبي بنصف دية الرجل، ودية جراحها وأطرافها، كدية الرجل حتى الثلث، ثم تكون على النصف من دية أطراف وجراح الرجل، وهذا التمييز في مقدار التعويض عن الخطأ الطبي يتعارض مع حرص المملكة على تمكين المرأة وتعزيز حقوقها والقضاء على الممارسات التمييزية تجاهها، وتأتي هذه الخطوة لتعزيز التمكين الصحي للمرأة امتداداً لسياسة الدولة في هذا الاتجاه. ونبهت مسوغات التوصية على أن من الضرورة إدراك أن الأخطاء الطبية قد تؤدي إلى حدوث إعاقة أو عدة إعاقات للمريض وأن إتلاف بعض منافع جسده، أو وفاته لاسمح الله، وقد ينتج عن ذلك أضرار مادية ومعنوية جسيمة، لذلك لابد أن يكون مبلغ التعويض مكافئ للتلف أو الخسارة التي تعرض لها المريض أو ذووه، وأشار عضوا المجلس إلى أن مبالغ التعويض عن الأخطاء الطبية في المملكة هي أقل بكثير مما هي عليه في الدول المتقدمة، وتخصيص جزء فقط من هذه التعويضات للأنثى المتضررة أو ذويها مقارنة بما يخصص كتعويض عن الضرر الواقع على الذكر لا يكفي لتعويض ما يترتب على الخطأ من تكاليف إعادة التأهيل الجسدي أو المعنوي ولا يعوض الخسائر المترتبة على ترك الوظيفة مؤقتا أو للأبد، وبالتالي لا يحقق العدالة المنشودة. ولفتت مبررات التوصية إلى أن الأخطاء الطبية عموماً تقع بمعدلات كبيرة وتعد من أهم أسباب الوفيات في المستشفيات، وهي تنتج عن حوادث وقصور وتقصير من بعض مقدمي الرعاية من المؤسسات أو الأفراد، لذلك تعد التعويضات التي تفرضها الجهات القضائية وسيلة رادعة لمحاربة الأخطاء الطبية وتقليصها وحث مقدمي الرعاية على اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من الأخطاء والحوادث التي يتعرض لها المرضى أثناء تلقيهم الرعاية الصحية، وتتصدر القضايا المنظورة في الهيئات الطبية الأخطاء الطبية في أقسام النساء والولادة -حسب إحصائية أعدتها الإدارة العامة لمراكز الطب الشرعي العام 1437- بواقع 303 قضايا، تلتها قضايا أمراض الباطنة بـ 125 قضية، وهذا يستدعي اتخاذ التدابير الوقائية للحد من الأخطاء الطبية في هذه الأقسام وتعزيز جودة الأداء، إضافة إلى أن المعاناة المترتبة على الخطأ الطبي واحدة، لا تختلف حسب جنس المريض وهو ما يقتضي عدم التمييز بينهما فيما يستحقانه من تعويض لتخفيفها. وأخذت اللجنة الصحية التي يرأسها عبدالله العتيبي بمضمون توصية للعضو حنان الأحمدي منفردة، تضمنت تعزيز حوكمة المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية، والمركز الوطني لسلامة المرض، وهيئة التخصصات الصحية، ومنحها الاستقلالية اللازمة لممارسة أدوارها التنظيمية للارتقاء بجودة الرعاية وسلامة المرضى، وقد ذكرت العضو في مسوغاتها أن هذه المؤسسات جميعها تعنى بجودة الرعاية الصحية ومعايير الأداء، ومتطلبات الممارسة المهنية، ومنوط بها أدوار تكاملية تهدف إلى تعزيز سلامة المرضى ومنع الحوادث والأخطاء الطبية، ولكن ما تزال هذه المؤسسات ضعيفة ولا تمتلك الأدوات والصلاحيات المكافئة للمؤسسات المماثلة لها في الدول المتقدمة، ومن ذلك مركز سلامة المرضى والذي يمارس دورا توعوياً، يقل عن المطلوب وفق الممارسات العالمية، وما يزال تأثيره الفعلي غير ملموس على ترسيخ معايير الأداء وجودة الرعاية ومنع العوامل المسببة للأخطاء والحوادث الطبية، كما أن الوضع الحالي يخل بأسس الحوكمة التي تتطلب الاستقلالية التامة للأجهزة الرقابية والتنظيمية عن الجهات المقدمة للخدمات. وقالت الأحمدي في مبررات توصيتها إن بعض هذه المؤسسات يرتبط بوزارة الصحة أو بشخص الوزير، مما يجعلها تعمل وكأنها كيانات تابعة للوزارة وتخضع بشكل أو بآخر لإجراءاتها البيروقراطية، ولا يستوي الحال إلا باستقلال هذه الجهات عن الوزارة، وعن بعضها، وتعيين مجالس إدارة مستقلة تماما لكل منها، فهذه أسس الحوكمة وأسس الممارسة المهنية والتي لا تستقيم منظومة الخدمات الصحية من دونها، إضافة إلى أن التصور المستقبلي لمشروع الحوكمة في وزارة الصحة ما يزال ضبابيا، ومن المتوقع أن يستغرق التحول المنشود في وزراة الصحة لتحقيق متطلبات رؤية المملكة عدة سنوات، لذا لا بد من اتخاذ ما يلزم لتعزيز الحوكمة في هذا القطاع وإتاحة الفرصة لهذه المؤسسات لتمارس أدوارها المهنية وتتطور وفق المعايير المتعارف عليها دولياً، وترتقي بدورها بمستوى الرعاية الصحية. ويحسم الشورى اليوم الأربعاء توصية إضافية للعضو حمد آل فهاد على تقرير وزارة الصحة تهدف لمعالجة التفاوت الكبير في أسعار الخدمات الطبية في القطاع الصحي الخاص بين من يدفع لحسابه الشخصي ومن لديه تأمين صحي، وقد أشار إلى أن أغلب المواطنين ليس لديهم تأمين صحي ويعانون من عدم وجود موعد مناسب في المستشفيات الحكومية وإذا اضطروا للتوجه للمراكز والمستشفيات الخاصة قابلوهم بأسعار عالية جدا وفي المقابل نفس الخدمة تقدم لمن لديه تأمين صحي بسعر يصل إلى 40 ٪ من السعر الذي يطلب من الشخص الذي يدفع من حسابه الشخصي، وتنص التوصية على إلزام وزارة الصحة للمراكز الصحية والمستشفيات الخاصة بأن تكون أسعار خدماتها لمن يدفع من حسابه الشخصي مساوية لما تدفعه شركات التأمين. وقد اعتذرت اللجنة الصحية عن قبولها وبينت أن الأصل في التسعير هو ما يتم دفعه نقداً ولكن شركات التأمين تحصل على نسبة تخفيضات خاصة من المستشفيات، وهي علاقة بين المستشفى وشركة التأمين مبينة على عوامل منها الدفع السريع وعدم الخصم من الفوائد، وهي علاقة لا تستطيع وزارة الصحة التدخل فيها. وبرر العضو آل فهاد توصيته التي تمسك بحقه في تقديمها للمجلس لتحسم بالتصويت بعد الاستماع لأسباب اللجنة الصحية في عدم قبولها، بأن هناك تفاوتا كبيرا جداً في أسعار الخدمات بين من يدفع نقداً وما تدفعه شركات التأمين قد تصل إلى 50 % أو أكثر، وأكد أهمية أن تتساوى القيمة ولفت إلى أن ذلك يحقق العدالة ويخفف الزحام على المراكز والمستشفيات الحكومية لمن يستطيع دفع القيمة بسعر معقول.. ومن التوصيات الإضافية التي ستقدم في جلسة اليوم الأربعاء، توصية للعضو ناصر النعيم وطالب وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة بدراسة السماح بفتح صيدليات داخل الأحياء السكنية وحصر ملكيتها على خريجي كليات الصيدلية، وقد رفضتها اللجنة الصحية وبينت للعضو وجود ثمانية آلاف صيدلية، كما أن هناك ترتيب لربط سكان الحى بطبيب الأسرة بالمركز الصحي للحى ثم صرف الدواء إلكترونيا والذي سيجده المريض بانتظاره فى أقرب صيدلية بالحي. وقد ساغ النعيم لتبرير توصيته خمسة أسباب في مقدمتها دعم التوطين ومعالجة البطالة بقصر التملك والعمل على الصيادلة السعوديين من الجنسين، وحل مشكلة الخريجين من كليات الصيدلة ودعمهم مادياً وتخفيف العبء على الدولة، ودعم الأحياء بتوفير الخدمات الصحية وقال إن نظام وصفتي الجديد التابع لوزارة الصحة سوف يزيد من بطالة الصيادلة في المملكة. د. حمد آل فهاد د. صالح الخثلان
مشاركة :