واشنطن- أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء الاثنين أنّه قرّر خفض عدد القوات الأميركية في ألمانيا بمقدار النصف وذلك بسبب عدم سداد برلين مساهماتها في حلف شمال الأطلسي وتعاملها “بشكل سيّء” مع الولايات المتحدة في المجال التجاري. ويرى مراقبون أن هذا الخفض سيعمق الخلافات الحاصلة بين الأوروبيين والولايات المتحدة بالرغم من بدء جولة مباحثات حول العديد من القضايا العالقة بين الطرفين. وقال ترامب للصحافيين إنّ عديد قوات بلاده المتمركزين في ألمانيا حاليا يبلغ 52 ألف عسكري، مشيراً إلى أنّ هذه القوات التي تشكّل عماد المساهمة الأميركية في حلف شمال الأطلسي ترتّب “كلفة باهظة على الولايات المتّحدة.. لذلك سنخفّض العدد، سنخفّضه إلى 25 ألف عسكري”. ويتمركز في ألمانيا بشكل دائم ما بين 34 و35 ألف عسكري، وفقاً للبنتاغون، لكن بسبب عمليات التناوب فإنّ عدد هؤلاء العسكريين يمكن أن يصل في بعض الأحيان إلى 50 ألفاً. سبق لترامب أن اتّهم مرارا أعضاء حلف شمال الأطلسي الأوروبيين بالاتّكال على الولايات المتحدة من خلال عدم وفائهم بالتزامهم بإنفاق ما لا يقلّ عن 2 في المئة من ناتجهم المحلّي الإجمالي على موازنات الدفاع والقوات الأميركية متمركزة في ألمانيا، الدولة المحورية جيوسياسياً، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت تشكّل عماد قوة الدفاع التقليدي لحلف شمال الأطلسي في مواجهة الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة. وتعيد سياسة ترامب التي تُعنى بإعادة تموضع بلاده عسكريا في العالم المخاوف من تعزيز روسيا نفوذها في القارة العجوز. وكان الوجود العسكري الأميركي في ألمانيا قد تعززت أهميّته خلال العقدين الفائتين مع تجدّد الطموحات العسكرية الروسية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين وتطلّع دول أوروبا الوسطى والشرقية إلى الولايات المتّحدة للوقوف في وجه النفوذ الروسي. ولكنّ الرئيس الأميركي أكّد أنّ قراره جاء ردّا على تخلّف ألمانيا عن سداد مساهماتها في حلف شمال الأطلسي، غير أنّ ذلك سيزيد من إصرار الرئيس الروسي على التغلغل في أوروبا من خلال السعي إلى تفاهمات عسكرية مع بروكسل تُضاف للاتفاقيات الاقتصادية السابقة. دونالد ترامب: ألمانيا مدينة بمليارات الدولارات لحلف شمال الأطلسي دونالد ترامب: ألمانيا مدينة بمليارات الدولارات لحلف شمال الأطلسي وقال ترامب “ألمانيا متأخّرة عن السداد، هي متأخّرة عن السداد منذ سنوات وهي مدينة بمليارات الدولارات لحلف شمال الأطلسي وعليها دفعها. نحن إذن نحمي ألمانيا وهم متأخّرون عن السداد، هذا غير منطقي”. وردت برلين بالتأكيد على أهمية الوجود العسكري الأميركي في ألمانيا منتقدة الطريقة التي أعلن بها ترامب عن إعادة الانتشار هناك حيث أكدت أنها لم تكن على علم بهذه العملية. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس خلال زيارة لبولندا “نعتقد أن الوجود الأميركي في ألمانيا مهم للأمن ليس فقط بالنسبة لألمانيا بل أيضا لأمن الولايات المتحدة وخصوصا لأمن أوروبا”. وأضاف المسؤول الألماني “لم تستطع لا وزارة الخارجية الأميركية ولا البنتاغون تقديم أي معلومات عن تفاصيل وموعد إعادة الانتشار الأميركي في ألمانيا”، موضحا أن أي تغييرات في الهيكلية الأمنية في أوروبا “تحتاج بالتأكيد إلى بحث”. وسبق لترامب أن اتّهم مرارا أعضاء حلف شمال الأطلسي الأوروبيين بالاتّكال على الولايات المتحدة من خلال عدم وفائهم بالتزامهم بإنفاق ما لا يقلّ عن 2 في المئة من ناتجهم المحلّي الإجمالي على موازنات الدفاع. والأسبوع الماضي أعرب مسؤولون ألمان كبار عن قلقهم إزاء تقارير إعلامية أفادت بأنّ الولايات المتحدة تخطّط لخفض عديد قواتها في بلادهم إلى 25 ألف عسكري، في خطوة بدت مفاجئة لبرلين وطرحت علامات استفهام حيال مدى التزام ترامب باتفاقيات التعاون الطويلة الأمد مع حلفاء بلاده الأوروبيين، إذ يخشى بعض المراقبين من أن تقوّض هذه الخطوة أمن الحلف الأطلسي. كما عزا ترامب قراره إلى طريقة تعامل ألمانيا، القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، مع بلاده في الميدان التجاري. وقال “إنّهم يعاملوننا معاملة سيئة للغاية في التجارة”. القوات الأميركية متمركزة في ألمانيا، الدولة المحورية جيوسياسياً، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت تشكّل عماد قوة الدفاع التقليدي لحلف شمال الأطلسي في مواجهة الاتحاد السوفياتي وأضاف “نحن نتفاوض معهم بشأن ذلك ولكنّي الآن لست راضياً عن الاتفاق الذي يريدون إبرامه. لقد كلّفوا الولايات المتحدة مئات مليارات الدولارات على مرّ السنين في المجال التجاري، لذلك نحن نتأذّى على الصعيد التجاري ونتأذّى أيضاً على صعيد حلف شمال الأطلسي”. كما أعرب ترامب عن استيائه من واقع استفادة برلين مالياً من القوات الأميركية المتمركزة في ألمانيا. وقال “إنهم جنود يتلقون رواتب مرتفعة. هم يعيشون في ألمانيا، وينفقون مبالغ هائلة في ألمانيا. كل الأمكنة المحيطة بهذه القواعد العسكرية الأميركية مزدهرة للغاية. لذلك فإنّ ألمانيا تأخذ”. وتأتي كل هذه المستجدات في وقت تمر فيه العلاقات الأميركية الأوروبية عموما بفترة انتكاسة بسبب العديد من القضايا على غرار قرارات ترامب بحق منظمة الصحة العالمية والمحكمة الجنائية الدولية. كما يثير صمت الإدارة الأميركية على تدخلات تركيا في الأزمتين الليبية والسورية ومحاولاتها التوسعية في شرق المتوسط حفيظة الأوروبيين.
مشاركة :