اللهم ارحمنا واغفر لنا وأعتقنا من النار - شريفة الشملان

  • 7/6/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ها نحن نقترب من نهاية هذا الشهر الفضيل، اليوم التاسع عشر منه، وغدا تبدأ العشر الأواخر، حيث العتق من النيران، إذا رحمنا الله وغفر لنا فإننا محظوظون بالحصول على العتق من النيران، وهو حظ لا شك كبير، هذا الحظ لن يكون لنا حتى نساهم في عتق خلق الله من نار الدنيا، ونار الدنيا تنقسم لعدة فروع وألوان، منها نار الحروب ونار الأوبئة والأمراض، ونار التهجير وفقد الأمان. هناك نيران للدنيا عبارة عن شرارات تتلقح وتكبر في غفلة من الكبار منها نيران العنف البشري، خاصة عنف الطفولة وزرع الحقد في القلوب الغضة، فتكبر ويكبر معها، إن أمية الصغار عنف، وعدم العناية الصحية عنف، وكذا غرز الطائفية والعنصرية هو عنف للمستقبل. هذا العنف يوّلد نارا تكون خامدة ولكن سرعان ما تظهر بصورة وبأخرى فتؤثر وتتأثر بالعوامل المحيطة بها، ولا نشك بأن العوامل كثيرة ومحفزة للاضطرام ما لم يقم الكبار بسرعة إخمادها، وهذه السرعة يجب أن تتغلغل في دواخل الثقافة الجمعية وتتحد معها لتكون منطلقا جديدا لفكر جديد، هذا الفكر يحمي الوحدة الوطنية ثم ينطلق نحو مدى أوسع لعالمنا العربي الذي تصدعت الكثير من جدرانه وبات من الضروري إعادة البناء، كما امرنا رسولنا الكريم (يشد بعضه بعضا). ذات يوم كتبتُ في "مجلة اليمامة" قبل أكثر من عشرين عاما عن مجلس التعاون الخليجي بما معناه لا يجب أن نترك الرحابة العربية ونكون في زاوية صغيرة، وها أنا أعود مرة أخرى لذلك فكلنا يسند بعضنا البعض، بدليل أن المجلس رأى ضم كل من المغرب والأردن له وهما قطران لا ينتميان للخليج العربي، وأضيف لذلك مستقران لحد بعيد، وينتميان للدول المدنية بحيث يبدوان مكملين لدول الخليج، أعترف أن هناك من يرى أن عدم انضمام كل من الدولتين سببه الهواجس الأمنية، وحتى ذلك لا يمنع من كون الخليج دائما بحاجة للبعد العربي. ها نحن في أواخر الشهر الفضيل، وفرح بعض صغارنا بالقرقيعان وحرم بعضهم منه، ولكن فرحة رمضان عامة لنا مهما كانت الظروف، مسّودة أحيانا منيرة أحيانا أخرى تلتقط من أنوار رمضان قبسا يزيل الحلكة، والقلوب تهفو للعتق من النار، نار الدنيا في الحياة، ونار الآخرة بعد الممات وبعد النفور للحي القيوم. هل فزنا برحمته عز وجل وبمغفرته، لا إله إلا هو، نحن نحتاج لمراجعة أنفسنا، هل رحمنا بعضنا البعض، وهل رحمنا حيوانا سواء طير عطشان أو هرة جوعى، وهل رحمنا أنفسنا من النميمة والبغض والتعنيف؟ إذا كنا رحمنا عباد الله فإن رب العباد سيرحمنا، وإذا كنا سامحنا وغفرنا لبعضنا البعض، ولم نعد نستذكر ويلات التاريخ لنلقي وزرها على فئة منا دون أخرى، فالله الغفور الرحيم يبحث لعبده عن سبل المغفرة والرحمة، بينما العبد قد ينسى كل ذلك ويبحث عن أسباب الثأر والعدوان، ومن ثم تكثر المصائب وتشتعل النيران فنكون أقرب لنار الدنيا ومن ثم نار الآخرة ولم نفز بالعتق من النيران في هذا الشهر الفضيل، نحن غالبا نبكي ونتضرع لله الواحد الغفور الرحيم، والله دلنا على السبيل للرحمة والمغفرة والعتق من النار، حيث الحسنات تمحو السيئات، وحيث لا ينسى الله لنا مقدار ذرة من خردل، والحسنة تتضاعف عشر مرات بينما السيئة لا تجزى إلا بمثلها. ولكي يرحمنا الله لابد أن نرحم عباده ونغفر لهم زلاتهم ونطفئ النار في نفوسنا كي تطفئ فيما حولنا، وغفر الله لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

مشاركة :