نظرة نقدية في رواية ( أراكان ) للكاتب محمد سعيد شهاب

  • 6/17/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمي ، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين . سوف أعرض عليكم اليوم قراءة نقدية لرواية ( أراكان ) للكاتب محمد سعيد شهاب الدينوقد تعرفت عليه في إحدى ندوات اتحاد كتاب الغربية حين تم تكليفي بمناقشة إحدى رواياته وهي رواية ( أراكان ) والحقيقة أنني حين قرأت الرواية شعرت بأنني أمام كاتب مبدع في كتابة الرواية ، وهذا الشعور يشعر به كل من يبدأ في قراءة رواياته حيث تأخذك الرواية إلى الاستمتاع بإكمال القراءة دفعة واحدة ، بسبب ماتتميزبه الرواية من لغة مكثفة وصفاء في الأسلوب ورشاقة في العباراتوهو من الأصوات الروائية المميزة حيث تتسم رواياته ب الاستهلال ذى الطبيعة الخاصة ومركزية الحدث . حين تقرأ روايته تجد أنك أمام كاتب مبدع لا يهوى الثرثرة وأعماله قليلة محكمة كما أن كل رواية من رواياته تناقش قضية من القضايا الظاهرة في المجتمع والتى يستطيع الكاتب بقلمه تسليط الضوء عليها من خلال أحداث الرواية▪ عنوان الروايةإذا نظرنا إلى عنوان الرواية ( أراكان ) نجد أن : العنوان يحيلنا إلى قضية أساسية تطالعنا فتشد أذهاننا ، وتدفعنا لمتابعة العمل الأدبي فالعنوان هو: تلك العتبة الأساسية للدخول في النص الأدبي ، وقد وفق الكاتب في تصدير روايته بذلك العنوان الذى يثير تساؤلات أليمة عديدة تجيب عليها تفاصيل العمل الأدبي . فقد جاء عنوان الرواية مترابطاً مع مضمونها بشكل واضح وكبير .▪ مضمون الروايةالرواية في مجملها تتحدث عن مأساة الأقلية المسلمة في تلك البلاد البعيدة ( ميانمار ) دولة في جنوب شرق آسيا ، والنسبة الكبيرة في هذه البلاد من البوذيين ، وتعرف ميانمار باسم بورما ، والمسلمون مضطهدون في هذا البلد إلى درجة التعذيب والقتل ويعتبرون غرباء أمام البوذيين السكان الأصليين .حيث قامت في السنوات الأخيرة الماضية حملات مطاردة من قبل الجيش ضد الروهينجا (اعتقال وتعذيب وتصفية وحرق للبيوت والتنكيل بالناس وأخذهم في مشاريع إنشائية للدولة ليعملوابها هناك بالسخرة ليل نهار وبدون مقابل واستغلال نسائهم للعمل في البيوت خادمات وإذلالهن ) ، وقد فر الكثير من هؤلاء المظلومين إلى دول مجاورة مثل: اندونيسيا، وماليزيا ، واثيوبيا ، وكانت هذه الدول ترفضهم وتمنع دخولهم كالاجئين .فالرواية تسرد لنا قضية احتلال أراكان من قبل البوذيين ، ومعاناة المسلمين ( الروهنجيين ) فيها ، ونتعرف على تلك المآسي من خلال بطلة الرواية : أمينة محمد نبراس الدينيقول السارد(اسمي أمينة محمد نبراس الدين من روهينجا أراكان المسلمين . أحرق الجيش البورمي قريتنا بمباركة الرهبان البوذيين ، عصفوا بنا عصفاً وأعملوا فينا المذابح والتعذيب) . الرواية ص 56وفي موضع آخر من الرواية تحكي أمينة قائلة : ( الإقليم الذي نسكنه اسمه أراكان ، وهواسم مستمد من لفظة أركان إشارة إلى أركان الإسلام. كنا آمنين الأمان الذليل مع الخضوع الكامل لتسلط الجيش واضطهاده لنا ، نطيع خوفاً من التنكيل بنا كبقية القرى المحيطة فلا أسماء إسلامية ولا مساجد أو مكاتب لتحفيظ القرآن .حُرمت علينا المناصب القيادية والوظائف المحترمة ، لا زواج إلا بأمر السلطات ، ولا إنجاب أكثر من طفلين ، ولا استضافة لأحد من الأقارب في المنزل إلا بإذن ، يعمل معظمنافي أعمال السخرة وتعبيد الطرق والزراعة وبناء المستوطنات للبوذيين وكل مايخدم مصلحة الجيش البورمي والويل لمن يخالف )الرواية ص 58وتستمر أمينة من خلال أحداث الرواية في سرد ماتعرضت له هي وأسرتها من تعذيبمن ذلك: ماتعرض له زوجها إبراهيم ( زجوا به في معسكرات العمل القسري بحجة الزواج والإنجاب بدون تصريح . ثم اقتادوه بعدها لمعسكرات التعذيب والاعتقال . بعد أن لفق له تهمة الانتماء لجبهة مناهضة لقانون وأعراف البلد حكموا عليه بالموت حرقاً في ميدان راخين الكبير ، ربطوه بساري من المعدن وأشعلوا الحطب الجاف أسفل قدميه لم يكف عن الصراخ وطلب الغوث من الله الرحيم )وتستطرد قائلة ( أشعر بالنار تتسلل بين أضلعي فتنهشها كلما تذكرت صرخاته تهتز لها البنايات والأشجار وترتعد من هولها الطيور صرخة في ضمير العالم ) ص 64وتستمر الرواية في عرض هذه المآسي مأساة أمينة وعائلتها موضحة ماحدث لزوجها وأبيها وأخيها حتى ابنها الذى أخذوه منهافالكاتب يقدم للعالم كل هذه المآسي بأسلوب درامي .▪ السردركز السرد في الرواية على عرض قضية مسلمي أراكان ( بورما ) تطرق المؤلف إلى التوسع في الحديث عنهم وعن أوضاعهم والمشاكل التى يعاني منها المسلمون بعد الاحتلال وجرائم البوذيين ضد المسلمين ومستقبل الإسلام في بورما .وقد أبدع الرواي في تلخيص الفكرة الأساسية والانطلاق منها وتخيل الوقائع وتحريك الشخوص . وقد كان الراوي قريباً من أحداث الرواية أو كان جزءاً منها حين يتحدث عن تفاصيل بعينهامن ذلك ماحدث لوالد أمينة يقول السارد ( رفعوه من يديه بالرافعه ثم أسقطوه من قدمية بين أنياب الحديد جعلوها تمزقه جزءاً جزءاً مزقة مزقةكانت القواطع تسحبه تفرم لحمه وتسحق عظامه .. بدأت بالساقين كنت أسمع لطحن عظام أبي صوت تهشيم وقرقعة ثم أوقفوا المذرأة الكهربائية حتى لا يتسلل جسد أبي سريعاً بداخلها فيموت ويستريح ، تركوه لما رأوا أن لسانه الذي لم يكف عن التسبيح والحمد والجهر بالشهادتين صمت برهة ظناً منهم أنه قد يستعطفهم أو ينطق بما يرضيهم فيسب محمداً ودينهثم واصلوا فرمه بعد أن يئسوا منه بينما كتل لحمه المسحوقة تتطاير ويهبط الجسد كله حتى بلغ الرأس الذى تركوه معلقاً بين القواطعكان باسماً يلهج لسانه بذكر الله ، فاستفزهم ثباته حتى أمرهم المعلم أن يسحقوها) ص 67أي بشاعة تلك التى يعاني منها هؤلاء الضعفاء وتصفهم أمينة في الرواية بقولها ( إنهم قساة قلوب مهوسون بالدم يمتعهم صراخ المعذبين ويشجيهم تألمهم ) ص 66كل هذه المآسي يعرضها الكاتب لتثير مشاعرنا من أجل معرفة المعاناة التى يتعرض لها المسلمون الروهنجيون . فالراوي يجيد فن السرد الروائي فهو يخطط ويرسم الأحداث كما لوكانت تمر أمامه كشريط سينمائي فهو يصف حالة هؤلاء الأبرياء الذين يعذبون ويقتلون دون أي سبب . فالكاتب يروي الأحداث الأساسية كما وقعت في الواقع الفعلي وهذا يدلل على أن الراوي مدرك تماماً لكل مايقوم به من عمل روائي فني يلخص أحداثاً تاريخية ماثلة ولم تكن خيالية مجردة فهو يكتب عن قضية إنسانية يتعرض فيها قلة من المسلمين إلى الإبادة والتطهير العرقي في ظل صمت عربي وإسلامي ودولي .▪ الشخصياتتعرض لنا الرواية شخصية ( عز) وهو من الشخصيات الأساسية في الرواية التى كانت تعيش حياة هانئة مستقرة ، ولكنه يعبر عن شعوره بالملل من الحياة بقوله : ( الحياة مملة مزعجة لا أدري لشعوري ذلك سبباً رغم استغراقي في متع لاتنتهي وقد وصفه أحد أصدقائه بأنه ملحد يقول الراوي ( أشرب وأخوض في اللغو والإثم والفجور لم أعرف يوماً طريقاً لمصلى أو أقشعر جلدي لصوت آذان أو تلاوة قرآن يقول أصدقائي عنى أننى ملحد وأنا لا أهتم ) ص 16كان يدير شركة سياحية ورثها عن والده ورغم أن هذه الشركة كانت توجه معظم رحلاتها لأداء مناسك الحج والعمرة إلا أنه لم يصحب أفواجاً مطلقاً للحجاز ولكن كان عنده يقين بأنه قد يتغير يوماً .وتستمر الرواية في عرض سمات الشخصية فهو قد طلق زوجته الشرعية ، وأصبح خبيراً في فن الإيقاع بالنساء المتزوجات إلى أن تعرف بفتاة تسمى ( سمر ) واصطحبها معه في رحلة إلى جنوب شرق آسيا لمدة أسبوعين .يقول السارد ( عالق بين السماء والأرض ماذا لو انفجرت الطائرة ؟ ما سيكون مصيري ؟لم استعد للقاء يوم كهذا ، فكرة الموت والنهاية أبعد ماتكون عني .أشعر أني لن أموت أبداً ، وأنني منحت الخلود ) ص 17تلك هي شخصية (عز) بطل الرواية التى ينغمس صاحبها في المجون والفسق والبعد عن كل القوانين السماوية مبرراً ذلك لنفسه ومعترضاً على كل مافي الحياة من قيود وقوانينثم نجد هذه الشخصية تتحول للنقيض حين يتعرف على فتاة آسيوية لاتتجاوز التاسعة عشرمن عمرها وهي ( أمينة ) الروهنجية تلك الفتاة التي ستكون مسار التحول في حياته من العبثية والمجون إلى الصلاح والتقوى .يقول السارد على لسان عز ( كانت تصلي وترفع صوتها بالقرآن رغم لحنها فيه وعدم إجادتها الكاملة للتلاوة . بدا ذلك من قراءتها المتكسرة للحروف العربية ) ص 55تحكي الفتاة ل ( عز) بطل الرواية عن المآسي التى يتعرض لها المسلمون في بورما موضحة صور التعذيب والقهر التي يعيشها المسمون الروهنجيونيشعر ( عز ) بالضآلة والدونية لحاله ويظهر ذلك من خلال سرد الرواية ( استحيت من ذاتي وأنا في حضرتها شعرت بالضآلة والدونية كأنني الأسير رهن أمرها لا هي )وتقول له أمينة معاتبة له على حياته اللاهية : ( علمي أنك جئت راغباً في لذة محرمة رغم كونك ميسور الحال تستطيع أن تتزوج بأكثر من واحدة ولا ترتكب الخطيئة الكبرىأطرقت كغر صغير تؤدبه مربيته وتؤنبه على جرم فعله )تقول أمينة : ( نحن لانعلم عن الإسلام إلا القليل محرومون من تلاوة القرآن والصلاة بعد أن هدمت المساجد فوق رؤس المصلين ) ص 59أثرت كلمات أمينة في نفس (عز) لذا نجده يقول لها من خلال أحداث الرواية ( يكفيك فخراً أني قد ولدت على يديك منذ التقيتك وأن الله كتب لي التوبة على يدي أمينة الروهنجية ) ص60وتستمر أحداث الرواية وتطلب أمينة منه أن يساعدها في البحث عن ابنها ويستمر السارد في عرض أحداث الرواية مشيراً إلى ماتعرض له ( عز وأمينة ) من خوف وقهر وتعرض للموت من أجل البحث عن ابنها حتى استطاعت الوصول إليه ثم يحاول الجنود التخلص منها ومن عز وابنها فتضحي أمينة بنفسها وذلك بإلقاء نفسها في النهر حتى ينشغل الجنود بها ويهرب عز والطفل الصغير بعد أن توصيه أمينة بأن يحميه ويتبناه ك (ابن) له ، وأن يعلمه القرآن والصلاة ، وخلال رحلة العودة إلى مصر يتعرف (عز) على خال ابنها في معسكرات المجاهدين ويرى صورالمعاناة والتعذيب والحياة الغير آدامية التى يعيشها المسلمون .يقول عز ( في القاهرة ، كل مظاهر الجمال تغيرت لم أعد أحفل بشيء من ذلك بعدإجراءات معقدة استطعت تبني حسين الذى يشبه أمه كثيراً )ثم يستطرد قائلاً :( أخيراً ياولدي صارت لك هوية ، وغداً لك كيان …الآن واليوم فقط تستطيع أن تلحق بالمدرسة ، وتكتب اسمك على دفتر الواجب المنزلي وفي كشوف التلاميذ ) ص 197ثم يختتم الكاتب الرواية بعد أن يوضح ما آلت له نفس (عز)” لم أحاول طرق أبواب الفساد القديمة وانتويت أن اعتمر كياني يتوق إلى مكة قلبها النابض نبت في صدري للمرة الأولى ) ص197ثم يلتقى عز بصديقه طلال في رحاب الحرم حيث ( المآذن تصدح بالنداء والأصوات تلهج بالتلبية والدعاء ، تطهرنا من زمزم ، أرواحنا هي من اغتسلت فيه لا الأبدان وشعرنا أننا نعود إلى الله بعد أن تخبطنا في معترك أوهامنا زمناً ) الرواية ص 198ثم ينهي الكاتب الرواية بعد أن يقرر ( عز) بأن يذهب لمعسكرات اللاجئين لمساعدتهم( سأعود لمعسكرات اللاجئين سأسخر جهدي ومالي لمد يد عون حقيقية لتلك الأبدان العارية والبطون الجائعة والأجساد التى اخترقتها الأوبئة والأمراض ..لن أحيا وغيري يموتون في كل ثانية يشهدون الموت وهم لا زالوا يتنفسون .. لن أهنأ بالعيش آمناً وإخواني يبادون ) ص 201▪ البناء الفني للروايةإذا نظرنا إلى البناء الفني للرواية نجد أن الكاتب قدبرع في تكوين الشخصية داخل الرواية حيث أن الشخصية تعد إحدى المكونات الحكائية التى تشكل بنية النص الروائي ،ولها دور مهم وفعال في العمل الروائي ، وهي تحتل معظم أجوائه حيث تمتد منها وإليها جميع العناصر الفنية في العمل الروائي وقد تمثلت شخصيات الرواية في شخصية ( أمينة ) الروهنجية ، وشخصية ( عز ) وهما من الشخصيات الرئيسية في بناء الروايةومن شخصيات الرواية أيضاً شخصية ( طلال ) وهو صديق أيمن وهو صديقه الخليجي الموجود في المنطقة العربية ببانكوك ويلجأ الكاتب إلى استخدام تقنية الوصف من أجل توضيح الشخصية ( طلال كهل خليجي مترهل ، عرفته منذ زمن ، وكان يعمل في إدارة شركة سياحية ، هناك لكنه مؤخراً نقل أعماله لبانكوك وقطن بها منذ سنوات . يدير مقهى على الطراز العربي ، ومطعماً يقدم الوجبات الخليجية له جمهور ورواد )ومن شخصيات الرواية أيضاً شخصية (تشي يونج ) وهو يعمل ضمن عصابة كبيرة لتجارة الرقيق الأبيض وقد التقى بأيمن أثناء جولاته وقدعرفه الكاتب أيضاًمن خلال تقنية الوصف بقوله ( بائع كهل نحيل على رأسه مظلة صغيرة من الخوص ..نظر نحوي باسماً ، رغب أن يحادثني منفرداً ، اقتربنا منه ..فهمت أنه يعرض علينا أن نشتري بضاعته وإن احتجنا شيئاً في المدينة يمكنه أن يقدمه لنا لقاء ثمن زهيد ) ص 21 وقد كان تشي يونج هو من جلب له الفتاة الروهنجية أمينة وعرفه عليها– رئيسة المعارضة في بورما السيدة ( سوتشي ) الحاصلة على جائزة للسلام ، وهي من الشخصيات الثانوية في الرواية ( تصف المذابح الوحشية بالشأن الداخلي الذي لا ينبغي التدخل فية ) الرواية ص 59– والد عز وهو أيضاً من الشخصيات الثانوية في الرواية ولم يرد ذكره إلا في فقرة واحدة من الرواية حينما تذكره عز بقوله ( غداً ربما يتغير الحال ، ويهيج قلبي لما كان يهيج له قلب أبي الذي كان يقرأ ويرتل ويبكي ، لايترك المسجد ، ولا يبرح يحج كل بضعة أعوام ، ويعتمر في رمضان كل عام . كان يطلقون عليه – رجلاً صالحاً . ص 8– (شوان كيو ) الراهب الأعظم لمعبد ( منغدو ) في أراكان وهو شخصية ثانوية ودائماً ماكان يردد (سأريكم يا عبدة محمد لن أدع في ميانمار محمدياً واحداً سأهدم مأذن أراكان وأقوض قراكم وأنتزع أبناءكم من أرحامكم لن يصدح في بورما صوت آذان . لن يطغى صوت على أصوات تعاليم رهبان بوذا وأجراس معابده ) 66– والدة أمينة الروهنجية وقد عذبوها بأشد أنواع التعذيب ويظهر ذلك من خلال أحداث الرواية ( فقد بقروا بطن والدتي واستخرجوا أمعاءها ثم سحلوها في الشوارع ،يشهدها دعاة الحب والحرية والسلام ص 67– الراهب البوذي( ميراها سان وين ) الذى تخصص في العلاج بالأعشاب والإبر الصينية وهو من الشخصيات الثانوية أيضاً– عابد وهو أخو أمينة وقد فر إلى جبال أراكان على الحدود والتحق بالمجاهدين لما رآه من قسوة العذاب والتنكيل بأهله– حسين وهو ولد أمينة الروهنجية وقد تم أخذه من أمة كنوع من التعذيب لها تقول أمينة في أحد مشاهد الرواية 🙁 لابد أن استخلصه من أيديهم لن يعيش عابداً لبوذا رغم أن كل قطرة من دمه توحد بالله) .– المجاهد عبد الحسيب وهوأحد المجاهدين في معسكر المجاهدين .▪ الحدثبعد عرض شخصيات الرواية ننتقل للحديث عن الحدث في الروايةفلقد وجدنا الأحداث تنساب متصلة متواصلة في تطورها ونمائها وتلاحمها لا يفصلها فاصل يخرج القارىء عن السياق العام للرواية بل تتصل الأحداث كلها رئيسية وثانوية على حد سواء بشكل تام تتحرك منذ بدء الرواية حتى نهايتها بصورة منطقية لاخلل فيها ولا اضطراب .المكانأما عن المكان فقد زخرت الرواية بالعديد من الأماكن منها المفتوح ومنها المغلقالزمنأما بنية الزمن فيعد الزمن الهيكل الذى يقوم عليه البناء الروائي ، إذ لا رواية من غير زمن ، وقد أولى الخطاب الروائي عنصر الزمن اهتماماً كبيراً بوصفه عنصراً أساسياً في العمل الروائي لأنه لايمكننا تصور رواية خالية من هذه البنية المحورية في العملية السردية فكل خطاب روائي يرتبط بالزمن وعليه فلا يمكن الإقرار بوجود سرد دون زمن ويتجلى الزمن بأبعاده الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل في تسلسل يسير عبر حياة الإنسان من خلال الرواية وقد حفلت الرواية بتقنية الاسترجاع والاستباقأماالاسترجاع فهى توقف الراوي عند نقطة زمنية معينة في السرد والعودة إلى الوراء لسرد أحداث سابقة على النقطة التى بلغها السرد وكل عودة إلى الماضي تمثل بالنسبة للسرد استرجاعاً لماضيه وقد ظهر ذلك جلياً في الرواية .أما الاستباق وهو عكس الاسترجاع فإذا كان الاسترجاع يعني العودة للوراء لسرد أحداث ماضية فإن الاستباق يعنى تجاوز النقطة الزمنية التى وصلها السرد والقفز إلى الأمام لتقديم حدث أو أحداث سابقة ستقع – فيما بعد- أو يمكن حدوثهاومن الاستباقات التى وردت في الرواية يقول عابد ( لن أوصيك بابننا اتخذه لك ولداً ، أعلم مافعلته من أجله وواثق أنك ستواصل ما بدأته )ص160وقد استخدم الكاتب تقنية الحوار والمونولوج الداخلي من أجل إثراء الرواية– تقول الفتاة (ما أخزى العالم ذا اليد التى تتقاصر عن نجدة المظلومين التعساء ، ثم يتيه فخراً بإنشائه المحميات لإنقاذ فلول بعض الحيوانات من الانقراض ليتهم ينظرون إلينا نظرة الأوربي لقطته أو كلبه . أي دين سماوي أو وضعي يدعو لكل هذه القسوة والظلم ؟ أن ينهش الإنسان لحم أخيه الإنسان ويرقص فوق أشلائه ، بدعوى نصرته لدين أو معتقد وإجلاله لفكرة .تباً لكل الأفكار والمبادىء والتعاليم التى تحولنا لوحوش ضارية يأكل بعضاً بعضاً . محمد رسول الله دعا إلى السلام أليس كذلك أجبني أرجوك ، لقد فنيت عائلتي كلها في سبيل هذا الدين . أليس ديننا دين الرحمة والمحبة والأمان أم أنه دين التطرف والإرهاب والعنف ؟ كما زعم قاتلونا الجبناء من أتباع بوذا ) ص68وأخيراً : أقول إن رواية أراكان هي : رواية هادفة عميقة جداً بأحداثها وشخصيات أبطالها مليئة بالمشاعر العميقة والمؤثرة ، كما أن فكرة الرواية ومضمونها يوضح معاناة وتعاسة الأمة المسلمة في أراكان ، وتحمل الرواية بين طياتها رسالة للأمة الإسلامية جميعها.– يقول الكاتب ( الأزمة الحقيقية أن الكل يتعاطف يبكي تلهبه نار الحمية والغيرة على الدين ثم يذوب كل ذلك حتى يتلاشى كفصوص الملح الصلد في الماء) ص80 للكاتبة المصرية ناهد الجمسي – دكتوراه الفلسفة في الآداب في اللغة العربية وآدابها

مشاركة :