يوسف جاها.. عالم ملوَّن بخصائص مختزلة

  • 6/19/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وأنت تقف أمام هذا الكيان الجمالي والمضامين الممتلئة بالإيحاءات التعبيرية فإنك ترى حالة من التأمل والفرح وعالم ملون جذاب ينعكس الإنسان على تقطيعاته الملونة بأفكاره ومزاجه ومشاعره والطبيعة مستثمراً إلهاماتها الشكلية ومناخاتها اللونية اللامحدودة وترسباتها الوجدانية في الشعور فيمنحها وجهاً إنسانياً وجناحاً طائراً أو جبالاً ملونةً أو غيمة ممطرة يتجلى حضورها في معظم أعماله تتشكل وتمطر تظهر ثم تختفي فتظهر من جديد كحلقة متواصلة متجاوزاً بعدها المادي إلى تجليات أكثر رحابة فتتناثر مع قطراتها مفاهيم وأفكار وثقافات لتترك خلفها رموزاً وإشارات تقودنا لأسئلة وأحاديث ممتعة.. هكذا هو الخطاب البصري للفنان التشكيلي (يوسف جاها) للوحات مسكونة بالبحث والتجريب يتحاور فيها مع الطبيعة لتزدحم لوحاته بمفاهيم فلسفية في نصوص تشكيلية مفتوحة. خصائص مختزلة: ولعل ما يمكن التنويه عنه هنا في الخطاب التشكيلي للفنان التشكيلي يوسف جاها أنه مر بخصائص أسلوبية متنوعة فينغمس تارة في الإحساسات الانطباعية وتارة أخرى يتجه ويتحرر لتجارب تعبيرية وتجريدية رمزية يعبر فيها عن تداعيات الذاكرة بتخطيط معاصر وتنظيم جمالي يبتعد فيه عن النسق الشكلي للمفردة ويمنحها خزيناً لونياً ثرياً وبُعداً تواصلياً وجدانياً يتصل بالتعبيرات الإنسانية. الجوهر الحقيقي للطبيعة: يرى كروتشيه (إن الفنان تكمن قيمته الحقيقية ليس في إخراج الصورة الذهنية بل في تصور الفكرة لديه) فنلمس هنا الجوهر الحقيقي للطبيعة وما تحمله من جماليات بعيداً عن المألوف فلا يغرق جاها في واقعية الخطاب الجمالي بل يعيد تنظيم المشهد البيئي برؤية رمزية ومنظومة تخيلية وتعبيرية بإيقاع شكلي ولوني جديد في مساحات لونية مسطحة بخصائص مختزلة بعلاقات شكلية وخطوط منحنية تتشابه مع المنظومة الشكلية لعالم الطبيعة بتنوع جديد يشتغل فيه على تفكيك المفردات ومنحها سمة التحول والتغير فكأنها مساحات حية يرصد نموها وتبدلها من شكل لآخر لتأمل فعل الزمن وتغيره وحركته المتلاحقة وأثره الملحوظ حولنا وداخلنا بدلالات مفتوحة على ذائقة المتلقي مما يستدعي قراءة خطابه البصري عدة مرات. لمسات لونية: وبلمسات لونية متنوعة وإيقاع لوني متناغم يضعنا جاها أمام مساحات من السعادة والنماء بانطباعات حسية في بيئة جمالية لونية لا تنفصل عن الطبيعة نتنفس فيها اللون الأخضر الزرعي والأزرق الفيروزي البارد والقرمزي والبرتقالي الدافئ كمجموعات لونية تتجاور أحياناً بتجاذب لوني جميل وقد تتفتت وتطفو على تجريدات واسعة بيضاء ورمادية كغيمة مسافرة ترعد وتهدي الخير وتلون الأرض بالحياة وتزرع في النفس الأمل والتفاؤل بحياة متجددة يتوهج فيها لون الشمس فيصبغ مساحاته المنحدرة فيمدنا بالحرارة والنشاط والحياة. ومن جهة أخرى غالباً ما نجد على مساحاته الملونة تفاصيل صغيرة لتخطيطات وخدوش لها محمولها الفكري وطرحها الفلسفي للحظة عابرة لما في النفس من قلق وحيرة أو كشاهد لزخم الطبيعة ومكوناتها وفق رؤية جديدة معاصرة تنبض بالحياة. ناقدة تشكيلية*

مشاركة :