نحتفل هذا الشهر بالذكرى السابعة لإزاحة التنظيم الإخوانى الراديكالي بعد مرور عام واحد من حكمه لمصر، مما يثبت هشاشة هذا التنظيم الأخطبوطي وعدم قدرته على الوقوف أمام الملايين من الشعب المصرى، تبقي تلك الثورة البيضاء علامة ودرس لشعوب العالم أجمع كثورة سلمية نظيفة لم يسقط فيها شهيد ولم يسرق أفرادها أو ُيحرق فيها مبنى أو قسم.وقف شعب 30 يونيو ضد الظلم وتصدى لتنظيم الإخوان المجرم قانونيا، ووضعوا كلمة النهاية لما بدر من اعتداءات على سيادة القانون المتمثلة فى الاعلان الدستورى وتمرير قانون السلطة القضائية عندما تم حصار المحكمة الدستورية العليا ودار القضاء العالي وحصار مدينة الإنتاج الإعلامي من قبل جماعة" حازمون" وكذلك الاعتداء على المتظاهرين فى محيط قصر الاتحادية والذي راح ضحيته عدد من الصحافيين والمواطنين، حتى وصل عدد الشهداء حتى نهاية عهد "مرسي" إلى 154 شهيد من المدنيين، باستثناء القتلى العسكريين والأمنيين في سيناء.خرجت الثورة العاقلة لتثبت أن اعلاء كلمة الحق لا تستوجب العنف والتدمير كما حدث بينايرالحزين والذى حاول مرارا أن يبرأ من صبغة العنف التى اجتاحته بادعاءات واهية وهى أن 30/6 هى ثورة تصحيح أو امتداد له، رغم أن الصور تثبت العكس فالتدمير وحالة الهياج وأعمال الشغب من سرقة وحرق وقتل، كان الدينامو والمحرك لمؤيدى يناير، فسلمية 30/6 هو صك براءة للشرطة المصرية التى لم يتغير أفرادها أو مسئوليها فى كلا الحدثين ، كما هو شهادة فخر لكل من خرج فى يونيو، فهناك فرق بين من نادى بإسقاط "نظام الدولة" وبين من دعا لاسقاط تنظيم ممنهج صاحب أجندات وأغراض ضد مصلحة البلد.لم تكن ثورة 30 يونيو درسا على المستوى المحلى فقط بل أيضا على المستوى العالمى، بعد أن شاهدت الشعوب العربية أحداث الشغب والعنف التى جرت بالولايات المتحدة على أثر مقتل الأمريكي من أصول أفريقية" جورج فلويد" بعدما تم خنقه بالضغط على عنقه قرابة تسع دقائق و تثبيته على الأرض من قبل أحد رجال الشرطة. وقد عبر الشعب الأمريكي عن حالة الغضب بسبب وفاة فلويد بعمليات تخريبيبة وسرقة ونهب المتاجر وإلقاء الحجارة على أفراد الشرطة وحدثت مواجهات بين الحشود الغاضبة وبين قوات الأمن الأمريكية أمام الأقسام وتم استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع ونشر500 من قوات الحرس الوطني في مينيابوليس.والحقيقة أن تلك الأحداث قد أحيت ذكرى 25 يناير، والتى باتت ترتبط بالعنف والتخريب، ورغم عدم رضا البعض عما حدث بيناير إلا إن الشماتة عبرت عن رفضهم لما ُسمى بثورة الربيع العربي وقبولهم ما حدث بأمريكيا ليذق صناع الفوضى من نفس الكأس على حد تعبيرهم، ومن هنا وضعت المقارنات رغما عنهم وتم إطلاق مصطلحات كالربيع الأمريكى والفوضي الخلاقة وهو المصطلح التى أدلت به وزيرة الخارجية السابقة "كونداليزا رايس" في مطلع عام 2005 لجريدة واشنطن بوست لنشر الديمقراطية بالعالم العربي والبدأ بتشكيل مايُعرف ب "الشرق الأوسط الجديد "، فهل تراها الآن تسعد بالنداءات المناهضة للعنصرية والعاكسة لحالة الإحباط بسبب الافتقار للعدالة الاجتماعية، والتى ترتب عليها وقوع اشتباكات وصدامات بين المحتجين ورجال الشرطة وصلت لمحيط البيت الأبيض مما أدى لنقل الرئيس "دونالد ترامب" إلى مخبأ للطوارئ.ولاخلاف على أن التظاهرات الفوضوية الأخيرة بأمريكا هى مشاهد مكررة من 25 يناير، إلا أن الفارق الوحيد يتمثل فى الأداء الشرطي فى كلا الحدثين ، فممارسات الشرطة الأمريكية لا تعرف إلا استخدام القوة المفرطة فى حالة عدم طاعة الأوامر، ومهما كانت الأساليب المستخدمة من ضباط الشرطة الأمريكية فلا يمكن اتهامهم أو إدانتهم بأي جريمة مهما كانت بسبب الحماية القانونية التي يتمتعون بها بموجب القانون الأمريكي، وهذا عكس ما يحدث بالدول العربية و فى مصرعلى وجه التحديد حيث كانت الأخطاء الفردية ذرية لأشعال فتيل الفتنة وترتب عليه سقوط شهداء بصفوف الشرطة بلغ عددهم 393 شهيدًا و 8321 مصاب بجانب تدمير 99 قسم من أقسام الشرطة ، فى الفترة من 25 يناير وحتى فبراير 2013 حسب تصريح وزارة الداخلية وقتها، فى حين لم يقتل ضابط أمريكى واحد خلال المواجهات الأخيرة ، وهذا ينم عن تمتع الشرطة المصرية بضبط النفس على غرار شرطة أوروبا وأمريكا مما دفع الرئيس الأمريكي " ترامب" لتوقيع أمرا تنفيذيا لتطبيق إصلاحات بشرطته، ومع ذلك تترصد حقوق الإنسان بتجاوزات الشرطة المصرية فقط مع غض الطرف عن السلوك العام الوحشي لشرطة العالم المتقدم.إن تظاهرات 30 يونيو ستظل نموذج مشرف لتضافر المواطنين وكل مؤسسات الدولة بما فيهم جهاز الشرطة ضد سارقي الأوطان، وهو ما يدعو بعضهم للالتصاق بذلك الحدث العظيم فى محاولات يائسة لتبييض صفحة ثورتهم المزعومة الملطخة بالدم والتى أصبحت وثيقة الصلة لكل حدث فوضوى يحدث هنا أو هناك.
مشاركة :