طرح الشاعر حبيب الصايغ، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الكثير من الأسئلة حيال الثقافة في الإمارات، خلال محاضرة بحثت الثقافة ودورها في التنمية الوطنية، ضمن أنشطة منتدى الفجيرة الرمضاني، التي نظمتها جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، واستضافها رجل الأعمال محمد علي الملا، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الفجيرة الخيرية، في منزله في ضاحية الفصيل، بحضور نخبة من المسؤولين والمثقفي. قال الملا إن مثل هذه المحاضرات القيّمة تثري ثقافة أفراد المجتمع، وتبصّرهم بقضايا مجتمعية ذات أهمية بالغة في تنمية المجتمع. فيما أكد الشاعر والإعلامي خالد الظنحاني المشرف العام لمنتدى الفجيرة الرمضاني، الذي أدار المحاضرة، أن الثقافة من أهم الركائز الأساسية في عملية البناء والتنمية، وأن الحضور الثقافي والفكري والأدبي، يمثل قوة في ترسيخ مبادئ الدولة وقيمها، وتعميق معاني الولاء والانتماء إلى الوطن والقيادة الرشيدة، فضلاً عن تعزيز الهوية الوطنية في نفوس أبناء الشعب الإماراتي. وقد جاء مدخل الصايغ شعرياً،حيث قال: ولدت مرة، ولدت ألف مره، في خورفكان، وفي الفجيرة، وفي أبوظبي، وفي دبي، في الدم المر، وفي القهوة وهي مرّة، وأضاف بهذه الكلمات أفتتح كلما كنت في هذا الجزء العزيز من الوطن، في الفجيرة، حاضرتنا الشرقية، وبوابتنا الشرقية على البحر البعيد، وعلى الدنيا كلها، لهذا أيضاً رمزيته، ونحن في رحاب ذكرى والدنا وقائدنا وحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، فالفجيرة حاضرة، بما هي رمز أو واقع، في الاتحاد هيكلاً وفعلاً وتأثيراً، والحق أننا ينبغي أن ننطلق الليلة من ثقافة الاتحاد وضرورة تكريسها، وترسيخ مفهومها، لتشمل الهوية والتربية الوطنية. وقال الصايغ إن التنمية هي الثقافة، والثقافة هي التنمية، وإن المغفور له الشيخ زايد عليه الرحمة، بذل من الجهد أقصاه، ومن المال والعمر لتأسيس الاتحاد وبناء الدولة، ونحن اليوم معنيون، أكثر من أي وقت مضى، بترسيخ الاتحاد وثقافته ومؤسساته، وإن الفجيرة، وأهلها ركن أصيل، حيث البيت متوحد من السلع إلى الفجيرة. وقال إن مدخل ثقافة الاتحاد ربما يطرح للمرة الأولى مدخلاً لتناول الثقافة ودورها في التنمية الوطنية، وترتبط بذلك معرفة الشأن المحلي، وإدماج الشباب إدماجاً حقيقياً بمجتمعهم، في أفق شاغلين يشغلان أوساطنا الثقافية والعامة، وهما الهوية واللغة العربية، وأنا لا أطمح اليوم أبعد من إثارة أسئلة الثقافة في الإمارات، نحو إيجاد أو محاولات إيجاد معالجات. وأضاف: نتمسّك بمدخلنا غير التقليدي، حيث واجب تثقيف الطلاب والشباب بالثقافة الوطنية بطريقة أكثر عملانية؛ أول هذه المعرفة طبيعة الدولة التي ينتمون إليها، الدولة التي تسبق دول المنطقة في التنمية الاقتصادية والتقنية، وتختلف عن جاراتها كونها اتحادية فيها الاتحادي والمحلي، ويحكمها دستور متقدم منذ وقت مبكر، ينصّ في ديباجته ومواده على صون كرامة الإنسان والحريات والمساواة والعدل؛ ذلك بعض سرّ عبقرية هذه الدولة، وقد أفضى بعد ذلك إلى فضاءات من التسامح والاعتدال والانفتاح على الآخر، وأدت هذه الثقافة التي هي اليوم بعض الهوية إلى أن تعيش على هذه الأرض 206 جنسيات، في ظروف طبيعية، تلقائية، وغير ضاغطة. وقال: لا نريد الاختلاف على المفاهيم، وحسبنا اليوم إثارة عنوان الثقافة بما هو سؤال شامل، وعلى تماس بمعظم القضايا أو كل القضايا. لا نريد بعد اليوم أن نتحدث عن الشعر والأدب والرواية والكتابة فقط، ولا نريد تناول المسرح والتشكيل والسينما فقط، بالرغم من الإقرار الأكيد بالأهمية والضرورة، مع الإشارة إلى المنجز الكبير الذي تمّ في ذلك كله، ومع الدعوة إلى استكمال ملفات كبيرة ما تزال ناقصة، ومنها غياب الثقة عن الساحة الأدبية، وانسحابات كُتَّاب وأدباء لأسباب يجب أن تدرس، وترفّع آخرين على الساحة، وفهم آخرين لمصطلحات، مثل النخبة والجمهور، والفن في حدّ ذاته، والفن من حيث هو رسالة فهماً خاطئاً. وعن أهيمه التراث الإماراتي القديم والحديث، قال الصايغ لدينا تراث جديد ومعاصر من كتابات أدبائنا من الجنسين وإبداعاتهم، وهو يضاف إلى رصيد تراثنا السابق، ويتميّز تراثنا الجديد بالجدية والمرونة، ويظل غياب التوثيق عاملاً يحول دون المزيد من الانتشار، ونحن إزاء مسألة التوثيق يجب أن نتذكر ضياع جزء كبير من إرثنا الجديد، والقديم لهذا السبب، ونحن هنا نحيي مركز الوثائق والدراسات التابع لوزارة شؤون الرئاسة على إحياء مشروع الأرشيف الوطني. وفي إطار الحديث عن الثقافة في عهد خليفة الخير، أشار الصايغ إلى أن دولة الإمارات استطاعت تكذيب الإشاعة التي كانت رائجة عن القطيعة بين الأجيال، نتيجة الهوة الهائلة بين المادي والمعنوي، واستطاعت تكذيب ذلك بالعمل، وأخيراً بتبنّى المجلس الأعلى ومجلس الوزراء نهج صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتحويله إلى برنامج عمل، ويلفت النظر في نهج سموّه إلى قضايا الثقافة والتراث والبيئة والعمل التطوعي، واعتبارها جزءاً أصيلاً من التنمية الشاملة والمتوازنة في البلاد. وقال إن الإمارات اهتمّت بالثقافة، ولا يخلو خطاب لصاحب السموّ رئيس الدولة من التركيز والاهتمام بالثقافة، بوصفها جزءاً أصيلاً من التنمية الوطنية، مسترشداً بمقولة صاحب السموّ رئيس الدولة، حفظه الله، في اليوم الوطني 2013 عن أن المستقبل الذي نتطلع إليه، يتطلب بيئة اجتماعية ثقافية غنية ومؤثرة، وهذه البيئة طبعاً، تشتمل على التعليم، وضرورة الالتفات أكثر إلى موضوعي تمويل الثقافة وتمويل التعليم، موضوع الانتخابات، والجمعيات، والأنشطة الإعلامية، ومستقبل الثقافة والتنمية. وفي ختام المحاضرة دار حوار تفاعلي بين المحاضر والحضور، حيث قال الدكتور سليمان الجاسم الرئيس الأسبق لجامعة زايد، إن الثقافة مكوّن جوهري من مكوّنات المجتمع، وتجسّد هويته الروحية والمادية والحضارية، وإنها تشمل الفنون والآداب وطرق الحياة والعيش ونظم المجتمع وتقاليده ومعتقداته، وترتبط بقوة وطاقة مكوّنات البناء المجتمعي. وقال إن العصر الذي نعيشه اليوم، هو عصر الهويات المتداخلة، والثقافة هي القاطرة التي ستقود تحقيق التنمية المجتمعية والمحافظة عليها. ثم ألقى مجموعة من الشعراء منهم: حبيب الصايغ، والدكتور مصطفى الهبرة، وأحمد اليماحي، قصائد وطنية مستذكرين مآثر مؤسس دولة الإمارات وباني نهضتها، المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إحياءً للذكرى الحادية عشرة لرحيله. وفي نهاية الأمسية كرّم خالد الظنحاني المشرف العام لمنتدى الفجيرة الرمضاني، يرافقه هاني محمد من جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، المحاضر حبيب الصايغ والمستضيف محمد علي الملا، تقديراً لجهودهما ومشاركتهما المتميّزة التي لقيت مشاركة مجتمعية لافتة.
مشاركة :