عاد التوتّر سيداً للموقف في شبه الجزيرة الكورية، بعد نحو عامين من الوئام بين بيونغيانغ وسيئول، من جهة، وبينها والولايات المتحدة من الطرف الآخر. يبدو في السطح، أنّ إرسال ناشطين ومنشقين كوريين جنوبيين منشورات دعائية إلى الشمال، هو ما فجّر غضب الجارة الشمالية، وحدا بها للتلويح برد مؤلم، بل ودفعها لتفجير مكتب الاتصال على الحدود، إلّا أنّ الأمر يتعدى ذلك، فلم تكن المنشورات سوى آخر حلقات تدهور العلاقة بين «الإخوة الأعداء». وفق مراقبين لديهم ميل للرواية الكورية الشمالية، ضافت بيونغيانغ ذرعاً بالعقوبات التي تخنقها منذ سنوات طوال، ولم تثمر مباحثاتها مع واشنطن، عن نتائج تذكر لرفعها، ما دفعها إلى محاولة تفجير الأوضاع مجدداً، في ظل تبخّر أحلامها في فك الحصار الخانق عن اقتصادها. لعل بيت القصيد في الأزمة، يكمن في الترسانة النووية الكورية الشمالية، والبرنامج الصاروخي، وضرورة التخلّص منها قبيل الشروع الأمريكي في رفع العقوبات، وهو أمر تتلخص وجهة نظر بيونيانغ، أنّ تنفيذه يجب أن يتم بشكل تدريجي، وأنّها غير مستعدة على الإطلاق لتقديم تنازلات في هذا الملف، دون الحصول على مقابل مجزٍ. لعب تفشي فيروس «كورونا»، دوراً محورياً، ربما، في عودة التوتّر إلى شبه الجزيرة الكورية، إذ وجدت بيونغيانغ نفسها في أوضاع اقتصادية قاسية، بعد إغلاق الحدود مع الحليفة الكبرى، الصين، الأمر الذي أجبرها على وقف التجارة، وهي الشريان الرئيس الذي كانت تتغذى عليه. ترى بيونيغيانغ، وفق مراقبين، أنّها لم تستفد على الإطلاق من حبال الود التي وصلتها مع الجارة الجنوبية، أو الولايات المتحدة الأمريكية، وربما خاب أملها في لعب سيئول دوراً في رفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. يدّلل التحذير الكوري الشمالي، لواشنطن، بأنّ من شأن اندلاع حرب جديدة في شبه الجزيرة أن يؤدي إلى تدمير الولايات المتحدة، على أنّ بيونغايغ فقدت كل أمل في توافق تحقّق منه ما تبتغي من مكاسب، فضلاً عن أنّها ترى في المناورات العسكرية بين واشنطن وسيئول، خطراً يتهدّدها، وليس سوى مقدمة لشن هجوم عليها. إنّ المرجّح إقدام كوريا الشمالية على إجراء المزيد من التجارب النووية، وإطلاق صواريخ باليستية، بما يهدّد أمن واستقرار المنطقة برمتها، الأمر الذي يتطلّب، وفق كثيرين، التحرّك الفوري، بمحاولة إعادة العلاقة بين الجارتين، والمضي قدماً كذلك في إحياء المفاوضات بين بيونغاينغ وواشنطن، بما يؤدي إلى نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، من جهة، فيما من الجهة المقابلة، رفع العقوبات عن كاهل كوريا الشمالية، حتى تستطيع العودة للاندماج في المجتمع الدولي. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :