أربعة أشهر منذ بداية دخول الزائر الثقيل (كورونا) إلى الكويت! ليتبدّل الحال لدى الجميع وبلا استثناء، فلم يعد وضعنا الاقتصادي والاجتماعي والصحي كما كان! الأعمال جامدة، والمشاريع متوقفة، والمصالح معطلة، والكل ينتظر انفراجة في علاج مأمول أو لقاح ذي مفعول، لعل وعسى نعود كما كنا من قبل!ولعل أول المتضررين من هذه الأزمة هم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فمنهم مَنْ توقفتْ أعمالهم بسبب الحظر أو بسبب قرار الإغلاق حفاظاً على الصحة العامة، لكن الشاهد أن هذه المشاريع المقدرعددها بأكثر من 16 ألف مشروع، ستواجه الأمَرين عاجلاً أم آجلاً طالما استمرت الحكومة بالوقوف ساكناً أمام هذه الأزمة!في المشاريع الصغيرة والمتوسطة هناك مشاريع مميزة وطموحة، كما أن هناك مشاريع مكررة ومملة، وهناك مشاريع ناجحة مربحة ومشاريع سيكتب لها الفشل منذ بدايتها، ومشاريع ستختفي بعد هذه الأزمة وستغلق أبوابها إلى الأبد، ومخطئ مَنْ يعتقد أن المشروع الصغير هو فقط مطعم أو قهوة أو مصبغة، فهناك مشاريع ذات أفكار إبداعية ورؤى تطويرية، ورغم كل هذا وذاك فإن دعمها في هذا الوقت بالتحديد، وبغض النظر عن جدلية أهميتها ضرورة اقتصادية ووطنية مُلحة.فرغم حزم التشجيع التي أطلقتها دول العالم في محاولة لمواجهة التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا، إلّا أننا ومن وجهة نظري الشخصية، ما زلنا بعيدين عن التوقعات والآمال، بعد مرور فترة طويلة على ظهور كورونا، فكل ما تم هو إعلانات وقرارات لم تدخل حيز التنفيذ لسبب أو لآخر.أولها القرض الميسر الذي أعلن عنه محافظ البنك المركزي منذ أكثر من شهرين، إلّا أن القطاع الخاص اصطدم بحجم الطلبات والشروط المفروضة والصعبة، والبنوك التي وجدت من حجم الفائد المنخفض عاملاً منفراً لإعطاء هذ القرض، ففشلت أول قرارات هذه الحزمة مما حدا بالمحافظ عن إعلان برنامج دعم وضمان التمويل لعل وعسى أن ينجح القرض الميسر!المشكلة في موضوع القرض الميسر الذي أعلن عنه في أبريل، أنه سيكون موجهاً لسداد الإيجارات والرواتب والالتزامات التعاقدية للشركات الصغيرة والمتوسطة حتى نهاية العام، ووصلنا الآن إلى نهاية شهر يونيو وسيدخل علينا شهر يوليو، ولم ينجز التشريع المتعلق بضمان التمويل! وإذا فرضنا جدلاً أن المجلس أقرّ التشريع في يوليو! فهل من المعقول أن يكون القرض فقط لسداد التزامات الأشهر المتبقية من السنة؟ أما القوانين الأخرى التي رأى فيها الفريق الاقتصادي أنها ستساهم في مواجهة تبعات هذه الأزمة، وهي تعديل قانون الإيجارات وقانون العمل في القطاع الأهلي، فلم ترَ النور بعد، لأنها مع الأسف تحتاج إلى موافقة مجلس الأمة بعد مروره في اللجان المعنية! ولا نملك سوى الانتظار وبعد مرور أربعة أشهر على الأزمة حتى تقر هذه القوانين!ولا شك أن دعم موظفي الباب الثالث والخامس سيساهم بدرجة معقولة، حتى لا أكون متفائلاً، في الحفاظ على أعمال ولقمة عيش العاملين في القطاع الخاص، إلّا أن تأخر تنفيذ هذا الدعم الذي أعلنت عنه الحكومة سيزيد من مآسي وآلام المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي وصل أنينها إلى حد الموت البطيء.بالمختصر، يقول المثل: (أسمع كلامك أصدقك وأشوف أفعالك أتعجب)، فهذا واقع الحال حتى هذه اللحظة مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكأن لسان الحال يقول لهم وبإيجاز: (روحوا بلطوا البحر)، والله من وراء القصد!
مشاركة :