منال لاشين تكتب: وزيرة الصناعة باعت المصريين مرتين

  • 6/21/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تأجيل تسعير الكمامات والمطهرات لشهرين مقبلين من أجل عيون أهل البيزنس رجال الأعمال يعوضون خسارتهم من إيقاف التصدير بـ«مص دم» المصريين جنرال موتورز أجبرت على صناعة أجهزة التنفس الصناعى ولم تجرؤ على الرفض سعر الكمامة العادل 3 جنيهات فى الصيدليات مع هامش ربح للجميعفرحت كثيرا لاختيار نفين جامع كوزيرة للصناعة، ولكننى كنت قلقة قليلا من هذا الاختيار، فعلى الرغم من خبرتها فى ملفات صناعية عدة وسمعتها الطيبة، فقد كنت أخشى من ضعف شخصيتها القيادية، وأعتقد أنها تميل إلى عدم الدخول فى مشاكل مهما كانت النتيجة، بالطبع لا أقصد أن يكون الوزير مشاغبا أو بيقول (شكل للبيع)، ولكن هناك مواقع تحتاج أن تظهر فيها الوزير أو الوزيرة أو أى مسئول العين الحمراء، وقد خسرت الوزيرة أول معركة تهم صحة المواطن فى مواجهتها مع وباء كورونا.معركة الكمامة والمطهر، تحولت إلى معركة حياة أو موت بالنسبة لكل المواطنين، وبحسب العديد من الدراسات فإن ارتداء كل من المصاب والمواطن غير المصاب الكمامة يحمى الأخير بنسبة 85% من انتقال الفيروس، أما المطهر فهو يمثل الجناح الآخر فى معركة الموت بالنسبة للمواجهة مع كورونا.1- خطوة للأمامما أن بدأ وباء كورونا فى الهبوط على أرض مصر وأصبحت الكمامة والمطهر من أسلحة المعركة حتى حدث الانقلاب الكبير والمهزلة الخطيرة فى كل من الكمامة والمطهرات، قبل الأزمة كانت الكمامة الزرقاء أو الخضراء مصرية الصنع وبخامات مصرية تباع بجنيه واحد، والعلبة بخمسين جنيهاً، فجأه زاد سعر نفس العلبة إلى 100 جنيه، وواصلت أسعار الكمامة الارتفاع لتبلغ 8 أو 10 جنيهات فى بعض المناطق الراقية، كما ظهرت أنواع كثيرة من الكمامات بأنواع وأشكال مختلفة، فقد جذبت الأرباح الخرافية الكثير من المغامرين، ووصل الأمر إلى كارثة طبية عندما تم تصنيع الكمامات فى ورش بير السلم، وداخل البيوت، ومع الارتفاع الجنونى لأسعار الكمامة اضطر الملايين من الفقراء لاستخدام كمامة غير مطابقة للمواصفات أو الاستغناء عنها تماما.وما حدث مع الكمامة تكرر مع المطهرات، فى السوق السوداء وصل سعر لتر الكحول إلى 200 جنيه وأكثر، كما ظهرت أنواع غريبة من المطهرات المضروبة، ومع تزايد الضغط أو بالأحرى الغضب الشعبى قررت وزيرة الصناعة الدكتورة نيفين جامع التحرك واتخذت خطوة مهمة، فقد أصدرت الوزيرة قراراً رقم 17 لسنة 2020، بتسعير الكمامات والمطهرات، وقد صدر القرار من رئيس الحكومة ولكن الملف بالطبع فى يد وزيرة الصناعة، وتسعير الحكومة لبعض السلع الاستراتيجية فى وقت الأزمات تصرف رأسمالى بحت، ومنصوص عليه فى كل قوانين حماية المنافسة فى جميع الدول الرأسمالية وعلى رأسها أمريكا، بل إن الرئيس الامريكى أصدر قرار مع اجتياح كورونا، بإلزام -وأكرر إلزام- شركة جنرال موتوز عملاق ورمز الرأسمالية الأمريكية بتصنيع أجهزة التنفس الصناعى فورا، لم يجلس معهم ولا تحايل عليهم ولا تفاوض فى السعر، ففى زمن الأوبئة تسقط كل القوانين والحصانات مثل حصانة براءات الاختراع، أو حصانة الرأسمال الخاص سواء كان مصنعا أو أرضا أو سلعاً، كل موارد الدولة توضع تحت قبضة الحكومة لمواجهة الوباء وحماية أرواح المواطنين.2- خطوة للوراءولكن الوضع فى مصر مختلف تماما، رجال الأعمال سواء كانوا صناعا أو تجارا لا يعترفون بشىء ولا يؤمنون بشىء إلا الربح، والربح فقط. هناك بالطبع نسبة قليلة منهم مختلفة ولكنها تظل استثناء يؤكد القاعدة.ولذلك ما أن أصدرت وزيرة الصناعة القرار حتى بدأت شعبة الكمامات والمطهرات فى تهديد الحكومة بشكل غير مباشر، قالوا للوزيرة إن التسعير سيجعل المصانع تتراجع عن الإنتاج.يعنى لى ذراع، وجاءت النتيجة سريعة، فقد أجلت الوزيرة تنفيذ القرار لمدة شهرين، وكانت المدة تنتهى فى 15 الشهر الجارى، ولكن يبدو أن خزائن المصنعين والتجار لم تمتلئ على آخرها بعد، أو أنهم اكتشفوا أن هناك شوية دم لا تزال تجرى فى عروق المصريين ولم يمتصوها بعد، فطالبوا بتأجيل ثانٍ لمدة شهرين، وبالطبع استجابت الوزيرة، أى أن وزيرة الصناعة باعت المصريين مرتين فى أقل من أربعة أشهر برعاية رئيس الحكومة، وتركتنا أمام مافيا لا نعرف أولها من أخرها، وكل فئة تلقى بالاتهام على الآخرين، المصنع يقول إن التاجر وراء زيادة الأسعار، والتاجر أو الموزع يتهم الصيدليات أو بالأحرى أصحابها بالجشع، والصيادلة يحلفون بكل قسم ممكن بما فيها الطلاق بأنهم ضحايا، وهكذا ضاعت القضية وتوزع دم ومال ومعاناة المصريين بين القبائل.3- خطوة خاطئةولاشك أن وزيرة الصناعة نيفين جامع اتخذت خطوة خاطئة تماما بتأجيل تنفيذ قرار التسعير مرة تلو الأخرى.لأن كل مبررات المصنعين غير منطقية أو علمية، وأى طالب فى سنة أولى اقتصاد يمكنه كشف زيف هذه المبررات؟ فالقول إن خامات الكمامة ارتفعت 300% مردود عليه لأن خامات الكمامة المصرية محلية، وليس لها علاقة بانهيار التجارة العالمية أو ارتفاع سعر الدولار، وحتى لو صدقنا أكذوبة الـ300%، لأن ثمن الكمامة المصرية يصبح 3 جنيهات فقط، لأن الكمامة ذاتها كانت تباع فى الصيدليات بجنيه واحد شامل ربح المصنع والموزع والصيدلية.الأمر الثانى أن الحكومة تستطيع أن تتعرف على سعر البيع فى كل مرحلة سواء المصنع أو الموزع من خلال فواتير البيع. الأمر الثالث أن صناع الكمامات والمطهرات أقنعوا الوزيرة بترك الأمر لنظرية العرض والطلب.لأنهم قالوا لها كلما زاد الإنتاج وزاد المعروض سيقل السعر، وهذه نظرية اقتصادية صحيحة ولكنها لا تنفع فى وقت الأزمات الكبرى، وفى زمن الأوبئة، خاصة مع وجود إمكانية اتفاق بين بعض المصنعين أو الموزعين على تثبيت السعر، الأمر الرابع أن المصنعين لم ولن يعرضوا على الوزيرة تكلفة الإنتاج الحقيقية حتى يصلوا للسعر العادل لجميع الأطراف، وبالتأكيد يعلم أى طالب فى أولى اقتصاد أن الوزيرة تستطيع أن تحصل على أسعار المواد الخام وحساب تكلفة الإنتاج.5- الخطوة السريةوأخيرا هناك خطوة سرية أتمنى أن تدركها الوزيرة، هذه الخطوة تتعلق بقرار منع تصدير الكمامات والمطهرات، لأن مكاسب التصدير كانت خرافية، ولذلك يحاول بعض المصنعين والتجار تعويض هذه المكاسب من خلال السوق المحلية أو بالأحرى مص دم المصريين وخاصة الغلابة.أرجو من الوزيرة ورئيس الحكومة أن يسارعا بتنفيذ قرار التسعير فورا.

مشاركة :