السياسة التركية.. من «صفر مشاكل» إلى 100% عزلة

  • 6/22/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

سنة 2002، رفعت تركيا شعار «صفر مشاكل» في سياستها الخارجية، وهو الشعار الذي يعتقد كثيرون أنه من بنات أفكار القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية ووزير الخارجية السابق داوود أوغلو. ساد هذا الشعار لفترة وجيزة إلى أن حل ما يسمى «الربيع العربي» الذي وجدت فيه أنقرة فرصة لمدّ أصابعها في العديد من المناطق بدءاً من جارتيها سوريا والعراق، وصولاً إلى القارة الإفريقية عبر ليبيا. الآن تحوّل شعار «صفر مشاكل» إلى 100% عزلة، بل إن أول ضحايا هذا الانقلاب على الشعار هو واضعه «داوود أوغلو» الذي همّشه الرئيس التركي، ورئيس الحزب رجب طيب أردوغان، مثلما همّش قادة آخرين ومنهم الرئيس السابق عبد الله غول، والقيادي في الحزب علي بابا جان. وبعضهم يستعد لتأسيس أحزاب جديدة. سوريا أوضح الأمثلة على الأطماع التركية، فقد بدا واضحاً أن تحرّكها فيها يرمي إلى السيطرة طويلة الأمد، فهي تواصل تعزيز نفوذها بشتى الوسائل في شمال سوريا، من خلال استراتيجية تعزيز وجودها العسكري والتدخل في جوانب الحياة المدنية والاقتصادية والأمنية والتعليمية والثقافية، والعمل على «تتريك» المنطقة، تمهيداً لضمها حين تحين ظروف «ملائمة» في المستقبل.تتريك شامل في عفرين التي احتلتها القوات التركية بدعوى إبعاد «الخطر الكردي» عملت تركيا على إجراء تغيير ديموغرافي في المنطقة من خلال استبدال السكان الأكراد أبناء المنطقة بآخرين نزحوا من مناطق استعادتها الحكومة السورية من الجماعات المدعومة من أنقرة. وفي عملياتها للسيطرة على الشمال السوري استخدمت أنقرة وثائق ومقابر عثمانية كمسمار جحا لبسط نفوذها. وشملت سياسة التتريك الكتب المدرسية ولافتات الطرق والمؤسسات التي باتت تنطق باللغة التركية، وإنشاء فروع جامعية وترويج بضائع تركية. وبعد تدخلها في سوريا، بل واحتلال شماله مرة بزعم محاربة «داعش»، ومرة بزعم الحد من نفوذ القوى الكردية، تعود تركيا للتحرش العدواني العسكري في شمال العراق. وفي عدوانها الأسبوع الماضي على شمال العراق، سقط قتلى مدنيون، ما أثار ضدها موجة جديدة من الغضب الشعبي، فضلاً عن تأكيد حزب العمال الكردستاني مقتل العديد من العسكريين الأتراك. وبرأي مراقبين فإن هدف هذا العدوان التركي يتجاوز مسألة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني إلى إقامة قواعد عسكرية دائمة في المنطقة ضمن مخطط واسع يعمل على تنفيذه أردوغان في سوريا وليبيا والعراق ومناطق أخرى، بهدف تحقيق أطماع تركيا لغايتها، وفقاً لتحليل في موقع «سوق عكاظ» الإخباري.ليبيا وإفريقيا وفي ليبيا، ألقت أنقرة في الأشهر الأخيرة بكامل ثقلها لدعم حكومة فايز السراج مالياً وعسكرياً، وعلى نحو مباشر، كما تقول صحيفة «الجماهيرية» الليبية. وإذ يردد المسؤولون الأتراك أن أنقرة تسعى لحل سياسي في ليبيا، تؤكد الوقائع على الأرض أن الهدف التركي لا يتجاوز حماية مشروع الإسلام السياسي المتطرف في ليبيا وعبرها في شمال أفريقيا. وفي حين تقول أنقرة بـ «الحل السياسي» تردّد بأن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي ليس له مكان في مستقبل ليبيا. هذا الموقف ينسف الحديث عن الحل السياسي، إذ إن الصراع يدور بين طرفين، إذاً بين من ومن سيكون الحل إذا استبعدنا طرفاً منهما؟. وبالرغم من أن التحركات التركية في ليبيا وأطماعها بثروات المتوسط أثارت اعتراضات أوروبية ودولية مستمرة، فقد جددت اليونان انتقادها، باستدعاء السفير التركي في أثينا، بل إن رئيس هيئة أركان الجيش اليوناني قسطنطينوس فلوروس أكد أمس السبت استعداد بلاده للرد على أية خطوات من قبل تركيا، مهدداً بـ«حرق من يضع قدمه» على الأراضي اليونانية.الأهداف والقدرة ثمّة تحليل لصحيفة «نويه زوريشر تسايتونغ» السويسرية، يقول إن تركيا لا تملك القوة أو الإمكانيات لتحقيق أطماعها الخارجية، سواء في ليبيا أو في البحر المتوسط، لافتاً إلى سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرضت على أنقرة عزلة دولية وإقليمية متزايدة. الصحيفة الناطقة بالألمانية تقول إن تركيا تحاول منذ سنوات، تحقيق أهداف سياسية خارجية بشكل أكثر كثافة من المعتاد، إلا أنها لا تملك القوة أو الإمكانيات، أو الوسائل لتحقيق أهدافها الخارجية، سواء في ليبيا أو في البحر المتوسط. هذا يعني أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يورّط بلاده في مواجهة قوى دولية عديدة. وبحسب ما تنقل الصحيفة السويسرية عن خبير الشؤون التركية سنان أولغين، فإن السياسية التركية الرامية لتحقيق أهداف خارجية من طرف واحد غير مجدية، لأن أنقرة تحتاج إلى الشركاء الدوليين لتحقيق ما تريد، في حين أنها باتت معزولة دولياً بشكل متزايد. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :