هولاند يسعى للعب دور «الوسيط» بين ميركل وتسيبراس

  • 7/7/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد دقائق معدودة من إعلان نتائج الاستفتاء الذي جرى الأحد في اليونان، سارع أليكسيس تسيبراس، رئيس الوزراء اليوناني، للاتصال هاتفيا بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للتشاور معه في مرحلة ما بعد رفض الشعب اليوناني مقترحات الترويكا (صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، ومجموعة اليورو)، بشأن الإصلاحات المطلوبة من أثينا مقابل برنامج جديد لمساعدتها ماليا والنظر في إعادة جدولة ديونها. وعقب ذلك بدقائق، اتصل هولاند بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، واتفقا على الالتقاء مساء أمس في باريس للتشاور، وخصوصا طلب انعقاد قمة أوروبية طارئة مساء اليوم للنظر في وضع اليونان والمخارج الممكنة. واضح أن هولاند يعتبر أن له دورا يمكن أن يلعبه في الأزمة المالية اليونانية، بحيث يكون «وسيطا» بين متناقضين: من جهة، تسيبراس المتسلح بنتائج الاستفتاء الشعبي الذي منحه شرعية جديدة وتفويضا شعبيا لرفض ما كان مطروحا على حكومته.. ومن جهة أخرى، ميركل الرافضة لتقديم «تسهيلات» إضافية لليونان التي تحملها مسؤولية فشل المفاوضات المضنية الدائرة منذ أسابيع مع الترويكا. ونقلت وسائل إعلامية فرنسية عن هولاند قوله لتسيبراس الذي طلب دعمه ومساندته في عملية لي الذراع مع ميركل: «ساعدني حتى أستطيع مساعدتك». وحتى الأيام الأخيرة، ورغم دعوة رئيس الحكومة اليونانية المفاجئة الناخبين إلى استفتاء، استمر هولاند في الدعوة إلى الحوار مع أثينا وعدم إغلاق الباب. بيد أن دعوته لقيت رفضا صارما من قبل ميركل التي ردت بأنه «لا تفاوض مع أثينا قبل صدور نتائج الاستفتاء». ومنذ مساء الأحد، أكثر هولاند من الاتصالات والاجتماعات مع وزرائه المختصين من جهة، ومع القادة الأوروبيين من جهة أخرى، للبحث عن مقترحات من شأنها أن توفر المناخ الملائم لعودة التفاوض مع اليونان. وللتدليل على «انشغال» الرئيس الفرنسي بالأزمة غير المسبوقة التي يعرفها الاتحاد الأوروبي وبالنظر للمخاوف المترتبة على خروج اليونان من منطقة اليورو وتأثير ذلك على العملة الموحدة والبناء الأوروبي، نشر القصر الرئاسي على حسابه الرسمي ثلاث صور تبين هولاند محاطا برئيس الحكومة ووزير المال ووزير الشؤون الأوروبية خلال اتصالاته بالقادة الأوروبيين. والرسالة من كل ذلك واضحة: التأكيد على أن الرئيس ممسك بدفة الأمور فرنسيا وهو يسعى «لإنقاذ» الاتحاد الأوروبي. بيد أن وساطة هولاند لا يمكن أن تنجح من غير ضوء أخضر من ميركل صاحبة الخط المتشدد إزاء اليونان. لذا، كان من الضروري أن يسعى هولاند للتوافق معها وإقناعها بإعطاء اليونان «فرصة جديدة» عن طريق تقديم مقترحات يمكن أن تكون مقبولة من الترويكا. وبموازاة ذلك، عمد هولاند إلى الضغط على تسيبراس لدفعه إلى «الاعتدال» في رفع المطالب وتقديم مقترحات «يمكن تسويقها» لدى ميركل ولدى القادة الأوروبيين الآخرين الذين «تعبوا» من الغطرسة اليونانية ومن المطالب «التعجيزية». وفي أي حال، فإن هولاند الساعي إلى دور يريد الرد على معارضته الداخلية التي، من جهة، اتهمته على لسان نيكولا ساركوزي، الرئيس السابق ورئيس حزب «الجمهوريين» (الاتحاد من أجل حركة شعبية سابقا) بـ«الغياب» وبأنه «ليس بمستوى الأزمة»، أو على الذين يدعون مثل رئيسي الحكومة السابقين فرنسوا فيون وآلان جوبيه لخروج اليونان من منطقة اليورو. ولخص الوزير ميشال سابان الموقف بقوله إنه «لا حل يمكن العثور عليه من غير تفاهم عميق بين هولاند وميركل». ما هي مقومات الموقف الفرنسي؟ بداية، تريد باريس بقاء اليونان في منطقة اليورو وأن تبقى عملتها العملة الأوروبية الموحدة. لكنها في الوقت عينه ترى أن اليونان هي التي «تعرف الأزمة وليس أوروبا، ولذا على اليونان أن تقدم المقترحات الجديدة» بحسب وزير المال الناطق باسم الحكومة. وخطت باريس أمس خطوة باتجاه أثينا عندما أعلن ميشال سابان أنه «إذا أظهرت أثينا أنها تتعاطى مع مسألة الحوار (المطلوب) بجدية، وأنها عرضت مقترحات جدية وصلبة، وإذا سعينا لجعل عبء الديون على اليونان أقل ثقلا في المرحلة أو السنوات الأولى، للسماح لليونان بالخروج من الأزمة، فإن ذلك سيشكل قاعدة لمناقشات تفضي إلى حل». كما حث سابان البنك المركزي الأوروبي على الاستمرار في ضخ السيولة إلى البنوك اليونانية، وهذا الطرح يعني عمليا أن باريس تقبل إعادة جدولة الديون اليونانية، وهو مطلب طرحته حكومة تسيبراس منذ البداية من غير أن يلاقي آذنا صاغية من قبل الدائنين الذين طالبوا بالإصلاحات قبل أي شيء آخر. تنقل مصادر قصر الإليزيه أن هولاند الذي يقيم علاقات جيدة مع كل الأطراف ينطلق من مبدأ الحاجة لـ«إنقاذ ماء وجه الجميع من أجل تيسير التوصل إلى حل». وهذا الحل يفترض، بحسب وزير المال، أن يبين تسيبراس أنه «جاهز حقيقة» للنقاش، وأن مقترحاته الجديدة «جدية». وجاءت استقالة وزير المالية اليوناني فاروفاكيس لتخفف من الاحتقان لدى الأطراف الدائنة التي لم «تهضم» أبدا أساليبه وطروحاته وتأمل أن يكون خليفته أكثر استعدادا للنقاش والحوار وهو ما تسعى إليه باريس في كل حال.

مشاركة :