تصاعدت وتيرة استثمارات الصناديق الدولية والمستثمرين الأجانب بالسوق المصرية خلال الأسابيع الاخيرة، مدعومة بتوصل مصر لاتفاق جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 5.2 مليار دولار من المقرر أن ينظر المجلس التنفيذي للصندوق فيه يوم الجمعة المقبلة، وسط توقعات بانعكاس الاتفاق على اكتساب مزيد من الثقة في الاقتصاد المصري وحسن إدارة السياسات النقدية المتبعة من قبل البنك المركزي.وقال خبراء اقتصاديون ومسئولون ببنوك الاستثمار ومصرفيون، إن مصر نجحت خلال الأسابيع القليلة الماضية في الحصول على نحو 8 مليارات دولار من السوق الدولية في صورة سندات حظيت بإقبال قياسي من الصناديق الدولية، بالإضافة إلى قرابة 3 مليارات دولار من صندوق النقد في إتفاق أول تحت مسمى اتفاق أداة التمويل السريع.وقال هيثم عادل رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال ببنك التنمية الصناعية، إن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية قفزت إلى أكثر من 10 مليارات دولار هذا الشهر لتبدأ في استعادة معدلاتها السابقة والتي كانت قد تجاوزت 23 مليار دولار ومقابل نحو 15 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2019.وكان معهد التمويل الدولي قد أعلن عن نزوح أكثر من 83 مليار دولار من الأسواق الناشئة في مارس الماضي بسبب جائحة كورونا، وهو ما يمثل أكبر عملية تخارج من أسواق الناشئة خلال سنوات عديدة.وأضاف عادل أن سمعة مصر في الأسواق الدولية الآن تتفوق على جميع الدول الناشئة، وربما دولا أخرى كبرى، وذلك لم يأت من فراغ، بل نتاج لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والثقة الدولية في السياسات التي يتبعها البنك المركزي، وانتهاجه لسياسات السوق الحر في سوق الصرف ما يتيح حرية الدخول والخروج للأجانب ما زاد من الثقة في السوق المصرية.وأشار إلى أن الأجانب خرجوا بأكثر من 15 مليار دولار خلال شهري مارس وأبريل الماضي، دون أن يشعر بهم أحد ودون حدوث أي مشكلات، وبدون قوائم انتظار كما كان يحدث في الماضي ما كان يمثل أكبر عائق أمام المستثمرين الأجانب قبل التفكير في الاستثمار في مصر، ولكن نجح البنك المركزي المصري على مدى السنوات الأربع الأخيرة في استعادة ثقة المؤسسات الدولية والأجانب في السوق المصرية وهو ما يعكس العودة السريعة للصناديق الدولية للاستثمار في مصر وضخ مليارات الدولارات.ولفت إلى أن مصر من الدول القليلة جدا التي كان لديها ثقة في الذهاب إلى السوق الدولية، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل يصل حجم تغطية لطرح هو الأكبر في تاريخ مصر بقيمة 5 مليارات دولار يتم تغطيته بقرابة 5 مرات رغم أنه يأتي في وقت عصيب يمر به العالم والأسواق الدولية بسبب تداعيات فيروس كورونا.ونوه إلى أن الاتجاه العالمي في أسواق المال في الفترة الحالية هو تفضيل الاتجاه إلى السندات طويلة الأجل بآجال زمنية تبدأ من 4 سنوات وحتى 40 سنة، متوقعا أن تعود مصر من جديد إلى سوق السندات الدولية بسهولة إذا رأت الحكومة ذلك.من جانبه.. قال محمد أبو باشا كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية هيرميس، إن نجاح مصر في السوق الدولية يؤسس إلى اتجاه تصاعدي جديد في دخول المستثمرين الأجانب في أدوات أسواق الدين مرة أخرى.وأضاف أن شهري مارس وأبريل الماضيين شهدا خروجا كبيرا للأموال تجاوز الـ17 مليار دولار، لكن عدنا لنشهد انعكاسا لهذا الاتجاه منذ أوائل يونيو الجاري، وبدأت الدفة تتحول نحو العودة إلى السوق المصرية من جديد.وأرجع كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية هيرميس هذا الاتجاه إلى توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ما يساعد الحكومة على مواصلة الاقتراض الخارجي لسد الفجوة التمويلية.وقالت عليا ممدوح كبير الاقتصاديين بشركة بلتون المالية القابضة، إن الاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولي يوفر بعض الاستقرار لسعر الجنيه بعد موجة التراجع الطفيفة التي يشهدها، مع الأخذ في الاعتبار ضعف تدفقات النقد الأجنبي والعودة الجزئية المتوقعة لأنشطة الاستيراد عند إعلان الحكومة عن فتح جزئي للأنشطة التجارية.وأضافت أن الحكومة المصرية لجأت للتمويل الخارجي، لأنه يمثل خدمة عبء دين أقل تكلفة فضلًا عما يوفره من تدفق النقد الأجنبي اللازم، حيث تستهدف الحكومة خفض عبء فوائد الديون، كما سيؤدي الاتفاق سيؤدي لوصول إجمالي التمويلات الخارجية إلى 13 مليار دولار منذ تفشي كوفيد-19.وأكدت كبير الاقتصاديين بشركة بلتون المالية تزايد الثقة الدولية في المسار الاقتصادي بعد الإصلاحات، وسينعكس بالضرورة إيجابيًا على تدفق النقد الأجنبي في الأوراق المالية الحكومية، مشيرة إلى أن التدفقات الداخلة المتجددة خلال شهري مايو ويونيو من العام الحالي تؤكد أن موجة التخارج القوية لاستثمارات المحافظ المالية كانت عند أعلى مستوياتها في مارس الماضي، وهو ما كان الخطر الرئيسي على سعر الجنيه.ورأت أن ظروف أسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية ستستمر في الحفاظ على جاذبية الاستثمار في السوق المصري، رغم خفضها بواقع 300 نقطة أساس، مشيرة إلى أنه فيما يتعلق بانتشار كوفيد-19، فهو مازال محدودا نسبيا في مصر، والإجراءات المتخذة من الحكومة والبنك المركزي المصري للتعامل مع تداعياته السلبية تبدو كافية للحفاظ على زخم نمو الناتج المحلي الإجمالي.
مشاركة :