أنقرة - تكابد تركيا في الأشهر الأخيرة لاستعادة ثقة المستثمرين الأجانب وإعطاء دفعة لقطاع السياحة المتعثر، في ظل بيئة باتت عالية المخاطر وطاردة للاستثمار بفعل حالة عدم الاستقرار والتدخلات الخارجية التي يقودها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى جانب سياساته التي أفرزت مناخا من التوترات على جميع المستويات سواء تلك المتعلقة بالسياسة النقدية أو بمحاولات أسلمة الجهاز المصرفي أو بالعلاقات الخارجية مع الشركاء التقليديين في أوروبا وغيرها.وتشير بيانات رسمية إلى تراجع ملحوظ في إقبال المستثمرين على ضخ استثمارات في السوق التركية وإلى عزوف عن الاستثمار في سوق السندات المحلية، وهو أمر يمكن تفسيره بالمنطق الاقتصادي بالتوجهات التي تدفع نحوها الحكومة التركية التي يقودها الإسلاميون والتي أثارت الكثير من المخاوف والقلق لدى معظم المستثمرين بسبب غموض المرحلة.وقد انخفضت حصة السندات المحلية التركية للمستثمرين من غير المقيمين إلى النصف منذ يناير، بينما لا توجد في الوقت أي إجراءات من شأنها أن تعيد الثقة في قطاع تعرض للاهتزاز في أكثر من مناسبة بداية بتدخلات الرئيس شخصيا في سياسات البنك المركزي وصولا إلى حزمة إجراءات اقتصادية تراها الحكومة تحفيزية ويعتبرها المستثمرون مقلقة.وفي محاولة لجذب المستثمرين، كانت وزارة المالية قد وقعت مؤخرا اتفاقا مع شركة خدمات مالية مقرها بروكسل على أمل إعادة تنشيط الاهتمام الأجنبي بالسندات التركية، لكن لا تبدو هذه الصفقة مجدية في ظل ثقة باتت مفقودة في السوق المحلية وموجة الانهيار التي ضربت العملة الوطنية (الليرة) ومعركة الفائدة التي يخوضها أردوغان منذ سنوات على خلاف نصائح الخبراء الاقتصاديين.ويرى مستثمرون أجانب قاموا ببيع سندات محلية بشكل كبير خلال العام الحالي بعد أن خفّض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة، أن الوضع غير مطمئن في الوقت الراهن، فيما تأتي عمليات البيع امتدادا لمسار بدأ منذ سنوات شهدت تصاعد النزعة الاستبدادية للرئيس التركي، ما قلّص بشكل كبير حجم الاستثمار الأجنبي في تركيا.وترزح أنقرة تحت وطأة تركة ثقيلة من المشاكل تفاقمت في الفترة الأخيرة مع تدابير الغلق والعزل التي اتخذتها دول عبر العالم للتصدي لتفشي فيروس كورونا. وإلى جانب تراجع الاستثمار الأجنبي في السوق التركية، يواجه قطاع السياحة الذي يعتبر رافدا مهما لخزينة الدولة من العملة الصعبة، وضعا هو الأصعب منذ أعوام.وكان قطاع السياحة قد وفر لتركيا في العام الماضي نحو 35 مليار دولار ، لكن من المستبعد جدا أن تحقق أنقرة إيرادات مماثلة هذا العام.وتعتبر المنتجعات التركية من أهم الوجهات السياحية للوافدين الأجانب، لكن مع تفشي فيروس كورونا من الصعب جدا أن تشهد تلك المنتجعات اقبالا من الأجانب.وقد أطلقت ألمانيا إشارة واضحة بأن مددت تحذيراتها من السفر إلى تركيا باعتبارها لا تزال من بؤرة خطرة من حيث تفشي وباء كوفيد 19.ومن شأن القرار الألماني أن يثير مخاوف السياح الغربيين وسط توقعات بتراجع أعداد الوافدين من دول الاتحاد الأوروبي إلى الوجهة التركية، فيما تقدر أنقرة عدد السياح الألمان الذين زاروها في العام الماضي بخمسة ملايين سائح.
مشاركة :