أعلنت الحكومة اليمنية أن الميليشيات الحوثية تحتجز أكثر من 150 صهريج وقود قادمة من المناطق المحررة، وتمنع وصولها إلى مناطق سيطرتها، في سياق سعي الجماعة إلى مضاعفة معاناة السكان وإنعاش السوق السوداء.وأكدت اللجنة الاقتصادية اليمنية التابعة للحكومة الشرعية، في بيان أمس (الاثنين)، أن الحكومة بذلت كل جهودها وقدمت تسهيلاتها لنقل المشتقات النفطية من المناطق المحررة إلى المناطق الخاضعة للميليشيات للتخفيف من معاناة المواطنين والحد من نشاط السوق السوداء في تلك المناطق.وذكر البيان المدون على الصفحة الرسمية للجنة على «فيسبوك» أن الحوثيين «يصرّون على منع ما يزيد عن 150 مقطورة وقود (صهريج) من الدخول إلى مناطق الخضوع، ويهددون التجار ويرهبون العاملين على القاطرات، في إصرار واضح للمتاجرة السياسية بمعاناة المواطنين وتعزيز السوق السوداء التي يديرونها».وأوضحت اللجنة أن «الوقود الذي تم نقله بواسطة المقطورات من المناطق المحررة إلى مناطق الخضوع، وتم استيراده بشكل قانوني إلى الموانئ المحررة، مطابق للمواصفات، وخضع لجميع ضوابط الفحص الفني ولقرارات الحكومة وقوانينها، ولديه شهادات فحص من شركات دولية متخصصة تؤكد سلامة المواصفات الفنية وقانونية مصدرها».وللأسبوع الثاني على التوالي، تشهد العاصمة اليمنية صنعاء أزمة حادة في الوقود على إثر قيام الجماعة الحوثية بإغلاق المحطات في المدينة وتخصيص بعض المحطات فقط للبيع بحصص محددة لكل سيارة.وأكد شهود في العاصمة لـ«الشرق الأوسط» أن طوابير السيارات تصل إلى مئات أمام المحطات، في الوقت الذي يحصل فيه أتباع الجماعة وقادتها على الوقود بشكل تمييزي من محطات مخصصة لهم.وأدت الأزمة التي اختلقتها الجماعة للمزايدة بها سياسياً إلى فتح السوق السوداء على مصراعيها أمام الموالين لها، إذ وصل سعر الصفيحة الواحدة سعة 20 لتراً من البنزين إلى نحو 15 ألف ريال (نحو 25 دولاراً) وهي كلفة تفوق قدرة أغلب السكان في مناطق سيطرة الجماعة.ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن تأخر السفن في عرض البحر الأحمر وعدم وصولها إلى ميناء الحديدة الخاضع لهم هو السبب في الأزمة، غير أن مصادر حكومية دحضت مزاعم الجماعة، وأكدت أن الأزمة مفتعلة رداً على غضب الشارع على قانون «الخمس» الذي أقرّته الجماعة أخيراً لنهب 20 في المائة من ثروات اليمنيين وأموالهم.وندّدت الحكومة اليمنية الأسبوع الماضي بأزمة الوقود الجديدة المفتعلة، كما لوّحت بتدابير جديدة ستتخذها بالتشاور مع الأمم المتحدة رداً على انقلاب على اتفاق سابق حول تنظيم استيراد المشتقات النفطية وتخصيص رسوم العائدات المالية من موانئ الحديدة.وذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن المجلس الاقتصادي الأعلى وقف في اجتماع افتراضي، برئاسة رئيس الوزراء رئيس المجلس الدكتور معين عبد الملك، أمام تنصل الجماعة من التفاهمات التي تم التوصل إليها برعاية المبعوث الأممي لاستيراد المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وتطبيق الضوابط الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتجفيف اقتصاد الحرب والحد من التجارة غير القانونية للنفط في اليمن، إضافة إلى نهبها إيرادات البنك المركزي في الحديدة المتفق على تخصيصها لصرف مرتبات موظفي الدولة.واتهم المجلس الاقتصادي اليمني الميليشيات بأنها افتعلت أزمة الوقود بهدف تعزيز السوق السوداء والتنصل عن اتفاقاتها مع المبعوث الأممي وخلق معاناة إنسانية والمتاجرة بها لدى المنظمات الدولية.كما أشار إلى أن الجماعة تحاول «تضليل الرأي العام بمزاعم احتجاز سفن المشتقات النفطية من قبل الحكومة والتحالف الداعم للشرعية»، في حين أنها في حقيقة الأمر «تمضي في نهجها لتعميق الكارثة الإنسانية واستخدامها ورقة للابتزاز السياسي دون اكتراث بمعاناة المواطنين». بحسب ما أوردته وكالة سبأ.وطالبت الحكومة الأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح من إقدام الميليشيات الحوثية على التنصل كعادتها عن الاتفاق، وتعمدها تأخير تفريغ سفن الوقود والغذاء في ميناء الحديدة، ومنع دخولها بهدف افتعال الأزمات والمتاجرة بقوت ومعيشة المواطنين واستخدام معاناتهم لخدمة مشروعها الانقلابي.وتوصلت الشرعية العام الماضي إلى اتفاق مع الجماعة الحوثية برعاية الأمم المتحدة بخصوص تنظيم عملية استيراد المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة وتوريد رسوم عائدات الاستيراد على الشحنات إلى حساب خاص في فرع البنك المركزي بالحديدة من أجل استخدام المبالغ في صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة بالاتفاق مع الحكومة الشرعية، وهو الاتفاق الذي انقلبت عليه الجماعة أخيراً.وبحسب تقارير حكومية سابقة، بلغت الإيرادات المحصلة في الحساب البنكي نحو 35 مليار ريال يمني (الدولار نحو 600 ريال) غير أن قادة الجماعة أقدموا على التصرف في المبلغ لتمويل المجهود الحربي، بحسب اتهامات الشرعية للجماعة.وأوردت وكالة «سبأ» أن الاجتماع الاقتصادي للحكومة تداول عدداً من الخيارات والبدائل للتعاطي مع تنصل الحوثي من الاتفاق على مسمع ومرأى من المبعوث الأممي، وأقرّ بهذا الخصوص الخيارات المناسبة للتعامل مع ذلك، والتنسيق والتشاور مع المبعوث الأممي إلى اليمن في الخطوات القادمة، باعتباره المسؤول عن الاتفاق وتطبيقه.
مشاركة :