القاهرة- تشن مصر حملة إعلامية ودبلوماسية مكثفة لثني إثيوبيا على بدء ملء سد النهضة في يوليو المقبل قبل التوصل إلى اتفاق، ولجأت القاهرة مؤخرا إلى مجلس الأمن الدولي لتعزيز تلك الضغوط التي تقابلها الأخيرة بحملة مضادة. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في حوار مع وكالة أسوشييتد برس الاثنين إن مصر تريد من مجلس الأمن تحمل المسؤولية ومنع أديس أبابا من البدء في ملء سدها الكهرومائي الضخم، متهما المسؤولين الإثيوبيين بتأجيج العداء بين الدولتين. وأعلنت إثيوبيا الجمعة أنها ستبدأ في ملء خزان السد في يوليو بعد فشل الجولة الأخيرة من المحادثات مع مصر والسودان في التوصل إلى اتفاق يحكم كيفية ملء السد وتشغيله. وطلبت مصر رسميا من مجلس الأمن التدخل في رسالة أرسلتها للمجلس في نفس اليوم. وقال شكري “إن مسؤولية مجلس الأمن هي معالجة التهديد الذي يواجه السلام والأمن الدوليين، وبالتأكيد فإن الإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها إثيوبيا في هذا الصدد ستشكل مثل هذا التهديد المباشر”. ومن المحتمل أن يؤدي ملء سد النهضة الإثيوبي إلى تصعيد الخلاف المستمر منذ سنوات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول المشروع الضخم البالغة كلفته 4.6 مليون دولار، وإن كانت مصر لا تزال تتبنى خيار المفاوضات التي كان آخرها تأكيد شكري استعداد بلاده للبدء في حوار جديد الآن. غراف وتقول إثيوبيا إن الكهرباء التي سيولدها السد من شأنها انتشال الملايين من مواطنيها من الفقر. وتريد إثيوبيا البدء بملء الخزان مع بداية موسم الأمطار في يوليو، والذي يصب المزيد من المياه في النيل الأزرق، رافد النيل الرئيسي. وتخشى مصر، التي تعتمد على النيل لتوفير أكثر من 90 في المئة من حاجياتها، أن يكون لتشغيل السد دون اتفاق تأثير مدمرعليها. ويظل السودان، الذي يعتمد إلى حد كبير على النيل للحصول على المياه، عالقا بين مصالح الطرفين المتضاربة. وحاولت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام التوسط في حل النزاع، لكن إثيوبيا لم تحضر اجتماع التوقيع في فبراير واتهمت إدارة ترامب بالانحياز إلى مصر. وفي الأسبوع الماضي، غرد مجلس الأمن القومي الأميركي على تويتر بأن “257 مليون شخص في شرق أفريقيا يعتمدون على إثيوبيا لإظهار قيادة قوية، مما يعني إبرام صفقة عادلة”. وحذر شكري من أن ملء الخزان دون اتفاق من شأنه أن ينتهك إعلان المبادئ لعام 2015 الذي يحكم محادثاتهم، ويستبعد العودة إلى المفاوضات. وقال “لا نسعى إلى مطالبة مجلس الأمن باتخاذ أي إجراء قسري”. وفي رسالة من ثلاث صفحات إلى المجلس، طلبت مصر من مجلس الأمن إعادة إثيوبيا إلى المحادثات من أجل “إيجاد حل عادل ومتوازن” وحثها على الامتناع عن اتخاذ القرارات أحادية الجانب، محذرة من أن ملء السد دون صفقة “يشكل خطرا على مصر بتداعيات تهدد السلم والأمن الدوليين”. ويخشى من أن تفجر الأزمة صراعا عسكريا، خاصة وأن مصر التي تواجه ما تسميه تهديدا وجوديا، قد وصلت مرارا وتكرارا إلى طريق مسدود في محاولتها إبرام صفقة. وغالبا ما دعا المعلقون في وسائل الإعلام المصرية الموالية للحكومة إلى اتخاذ إجراءات لوقف إثيوبيا. وقال أحد المعلقين مصطفى السعيد في منشور على فيسبوك، إن البدء في ملء الخزان سيكون بمثابة “إعلان حرب”، وحث الحكومة على منع المرور الإثيوبي عبر قناة السويس. وأكد شكري أن الحكومة المصرية لم تهدد بعمل عسكري، وسعت لحل سياسي، وعملت على إقناع الشعب المصري بأن إثيوبيا لها الحق في بناء السد لتحقيق أهدافها التنموية. وقال عن العمل العسكري “لم تقم مصر أبدا، على مدى السنوات الست الماضية، حتى بإشارة غير مباشرة إلى مثل هذه الاحتمالات”. لكنه أوضح أنه إذا لم يستطع مجلس الأمن إعادة إثيوبيا إلى المفاوضات وإذا بدأ ملء السد، “فسوف نجد أنفسنا في وضع يتعين علينا التعامل معه. وعندما يحين الوقت، سنكون صريحين وواضحين للغاية في الإجراء الذي سنتخذه”. ودعا الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الآخرين، إلى جانب الدول الأفريقية، إلى المساعدة في التوصل إلى اتفاق “يأخذ في الاعتبار مصالح الدول الثلاث”. وتتمثل النقاط الخلافية بين الطرفين في كمية المياه التي ستطلقها إثيوبيا في اتجاه مجرى النهر من السد في حالة حدوث جفاف لعدة سنوات وكيف ستحل إثيوبيا ومصر والسودان أي نزاعات مستقبلية. وخلال هذا الشهر، عقد وزراء من الدول الثلاث مفاوضات استمرت سبعة أيام عبر تقينة الفيديو، لكن المحادثات اختتمت الأربعاء دون اتفاق، ولم يتم تحديد موعد للعودة إليها مرة أخرى. وقال وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارغاشيو لوكالة أسوشييتد برس الجمعة إن ملء السد سيبدأ خلال موسم الأمطار في يوليو ورفض حاجة الدول إلى عقد اتفاق. واتهم مصر بمحاولة “إملاء أوامرها والسيطرة حتى على التطورات المستقبلية على نهرنا”. إثيوبيا أعلنت أنها ستبدأ في ملء خزان السد في يوليو بعد فشل الجولة الأخيرة من المحادثات مع مصر والسودان إثيوبيا أعلنت أنها ستبدأ في ملء خزان السد في يوليو بعد فشل الجولة الأخيرة من المحادثات مع مصر والسودان ورد سامح شكري الأحد قائلا “كنا مرنين ومرحبين في العديد من المناسبات. لكنني لا أستطيع أن أقول إن هناك إرادة سياسية مماثلة من جانب إثيوبيا”. ووصف تعليقات أندارغاشيو بأنها “مخيبة للآمال”، مشيرا إلى “تصاعد العداء الذي تم إنشاؤه عن قصد”. وقال إن البدء في ملء الخزان الآن سيبرهن على “الرغبة في التحكم في تدفق المياه، والتحكم كذلك” في المياه التي تصل إلى مصر والسودان. وكان وزير الري السوداني أعلن الأربعاء أن بلاده ومصر ترفضان محاولات إثيوبيا لتقديم بنود بشأن تقاسم المياه في صفقة السد. وحصلت مصر على نصيب الأسد من مياه النيل بموجب اتفاقيات استمرت لعقود تعود إلى الحقبة الاستعمارية البريطانية. ويأتي مصدر 85 في المئة من مياه النيل في إثيوبيا من النيل الأزرق. وقال شكري إن بلاده ترى أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق، ولكن “يجب التفاوض بشأنه بحسن نية”. وقال إن أي صفقة مستقبلية بشأن حصص مياه النيل يجب أن تأخذ في الاعتبار أن إثيوبيا لديها مصادر مياه أخرى إلى جانب النيل.
مشاركة :