لم يكن الأهالي وحدهم ضحايا داعش في المناطق التي احتلها الارهابيون، وانما امتد ضررهم إلى "مائدة رمضان" التي بدت شحيحة وشاحبة هذا العام خصوصا في مدينة تعلّمت على الاحتفاء بهذا الشهر الفضيل، كمدينة الموصل. صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية المتابعة للشأن الموصلي أجمعت على ان "لا أجواء رمضانية في هذا العام" وان التقشّف سيّد الإفطار والسحور، بعد ان أصاب الترشيد آلاف المنازل العائدة لمنتسبي الأجهزة الأمنية والموظفين وغيرهم ممن أصبحوا عاطلين عن العمل منذ خروج محافظة نينوى عن سيطرة الدولة العراقية، فيما اختفت الكثير من العادات التي تشتهر بها هذه المدينة الإسلامية العريقة، بعد سيطرة التنظيم الإرهابي عليها في يونيو 2014. كانت السلطات العراقية تمنع الإفطار العلني في شهر رمضان وتغلق جميع المطاعم والمقاهي، لكنها مراعاة لوجود المسيحيين والآيزيديين والأشخاص الذين تمنعهم اوضاعهم الصحية عن الصيام، تسمح لمطاعم محدّدة وسط المدينة بالعمل على وفق شروط يحترمها الطرفان الحكومي والأهلي، أما أوامر "ديوان الحسبة" الصارمة جداً فقضت بإغلاق المطاعم في عموم المدينة طوال شهر رمضان وليس من استثناءات. نقل أحد المواقع الالكترونية عن موصليّ اسماه سعيد ذنون قال عنه انه "مسلم غير متديّن" لم يصم من قبل، وكانت تربطه علاقة وثيقة بمطعم كان يحصل على إذن الاستمرار في العمل أثناء شهر رمضان سابقا. يقول ذنون "الفضول قادني إلى المطعم الذي أحب ان ارتاده في شارع حلب وسط الموصل، فوجدته مغلقاً مثل جميع مطاعم المدينة، كما كُتبت على واجهته عبارة "من عقارات "داعش"، لأن مالكه مسيحي"، والأمر الذي لا تهاون فيه بالنسبة للتنظيم هو فرض الصيام على الجميع، من عمر 14 عاماً فما فوق فلا مجال للتملُّص، والصيام إجباري. ويؤكد "ذنون" للموقع، إن عناصر "الحسبة" يشدّدون رقابتهم على الناس، وأعلنوا عن مكافئة قدرها 80 دولاراً للإبلاغ عن أي شخص مفطر من دون ان يعلنوا عن نوع عقوبته، لكن مخالفات أبسط كانت عقوبتها القتل، وأضاف "انا صائم في العلن فقط". جديد "داعش"، بحسب موقع آخر متخصص في الشأن العراقي، هو تقليص صلاة التراويح التي تُقام طوال رمضان إلى ثمانية ركعات، ومنع قراءة التسابيح والأذكار الدينية خلال الصلاة في المساجد، وإجبار المصلين على الاستماع لمحاضرات خطباء "داعش" أو الموالين لها. بينما أفاد مراسل احدى الشبكات الاعلامية الموصلية، بأن "عناصر الحسبة التابعة لتنظيم داعش قاموا باعتقال أحد الحلاقين في حي السكر في الجانب الأيسر من مدينة الموصل، لأنه كان يشاهد مسلسل "باب الحارة" على تلفازه في دكانه الصغير، فاقتحموا الدكان وقاموا بتكسير جهاز التلفاز وجهاز استقبال البث، ومن ثم اعتقلوه واقتادوه الى جهة مجهولة بعد ضربه بشدة وتوبيخه بأشد عبارات التكفير والشتيمة". وذكرت الشبكة الموصلية، أن تنظيم "داعش" كان قد أصدر العديد من القرارات يمنع بموجبها سكان مدينة الموصل من مشاهدة مباريات كرة القدم وبعض المسلسلات والبرامج التلفزيونية التي يعدها التنظيم مخالفة لتعاليمه المزعومة التي جاء بها باسم الدين.
مشاركة :