سعود شاب عمره 26 سنة لا يعاني من أي امراض مزمنة ولا يأخذ أي علاجات ولم يسبق له زيارة الطبيب متزوج حديثا وموظف حكومي..في يوم السبت الماضي ذهب كعادته الى النادي الرياضي وقام بأداء الرياضة على جهاز السير الكهربائي 30 دقيقة ثم تمارين عضلات 20 دقيقة ثم خرج من بوابة النادي وأشعل السيجارة!! وبعد دقائق بسيطة أحس بألم شديد في صدره لم يشعر به من قبل ودوخة وغثيان وتعرق شديد. أوقف السيجارة ودخل النادي مرة أخرى وطلب من الاستقبال الاتصال على الإسعاف..عندما حضر الإسعاف كان سعود يعاني من جلطة حادة في القلب. اعطي العلاج المبدئي وتم نقله للمستشفى وعمل قسطرة للقلب وكان لديه انسداد تام في الشريان الامامي التاجي..فتم فتح الشريان ووضع الدعامة المناسبة.. جاء أبو سعود مصدوما مما حصل لابنه كيف جلطة يادكتور مع شاب عمره 26 سنة؟ الجلطات لاتحدث الا في كبار السن حسب علمي؟!.. ومع هذه المشكلة سنسلط الضوء على هذه الظاهرة التي ممكن تحدث لأي شخص في أي عمر إذا لم يتخذ خطوات الوقاية اللازمة. أولا: جلطات القلب في الشباب تحت 40 سنة لا تشكل اكثر من 10% دوليا من مجموع جلطات القلب واسبابها غالبا مكتسبة وليس كما يظن البعض انها وراثية في الغالب وان كانت الوراثة تلعب دورا مهما في هذه الفئة العمرية ولكنها ليست الاغلب كما يظن بعض المثقفين الصحيين..وتظل العوامل التقليدية هي المسيطرة على الصورة وهي ارتفاع الكولسترول والتدخين ومرض السكري وارتفاع الضغط المزمن والضغط النفسي الاجتماعي وقلة الرياضة وقلة تناول الخضروات والفواكه والتاريخ العائلي بأمراض الشرايين التاجية المبكرة..وفي حالة سعود مريضنا أعلاه فكان لديه عاملان مهمان جدا أولهما انه كان يدخن علبتين من السجائر يوميا وكان لديه ارتفاع في الكولسترول الضار 200 ملجم في الديسيلتر ولكنه لم يكن يعلم بذلك!! وهذا تقصير منه في صحته بلاشك فالوعي الصحي بأهمية الفحص المبكر مسؤولية الشخص نفسه. فالدراسات الطبية مثل دراسة انترهارت المشهورة اثبتت ان 90% من أسباب جلطات القلب يمكن الوقاية منها وبالتالي تفاديها..ومما يدل على ضعف مستوى الوعي الصحي عند (سعود) أنه كان يمارس الرياضة اليومية ويدخن علبتي سجائر يوميا..ومن المفترض ان يعلم ان ترك التدخين أولى بكثير وانفع للجسم من الرياضة البدنية(نسبيا في حالته المرضية) ومما كان يزيد الطين بلة انه كان يدخن مباشرة بعد التمرين الرياضي مباشرة وهذا يزيد من تأثير النيكوتين على شرايين القلب بسبب زيادة الجهد وقلة الاكسجين وكثرة استخلاص وسرعة ارتفاع تركيز اول أكسيد الكربون في الدم وبالتالي فإن اسوأ الأوقات نسبيا للتدخين هي اثناء الرياضة البدنية او الانفعال النفسي..ومن النقاط التي يجب الإشارة اليها ان انتشار التدخين في من يصابون بالجلطات اقل من أربعين سنة اكثر من ضعف انتشاره في من يصابون بالجلطات فوق ذلك العمر. ثانيا: ارتفاع الكولسترول في حالة سعود كان أخطر عليه من التدخين (نسبيا) والتحكم بارتفاع ذلك الكولسترول سواء بالدواء كان سيعود عليه بمردود صحي أكثر نفعا من استمراره في الرياضة اليومية وبلا شك في كل منهما خير..ولكن المسألة نسبيه نبسطها للقارئ الكريم ليعرف الأهمية النسبية للعوامل المختلفة المسببة لجلطات القلب. ثالثا: هناك عوامل أخرى أكثر ندرة مما ذكرنا أعلاه مثل انقباض الشرايين سواء الذاتية او بتأثير المواد المخدرة التي تستخدمها بعض الشباب مثل الكوكايين والحشيشة (الماريجوانا) وزيادة التجلط بالدم اما الوراثية بنقص بروتينات معينة او زيادتها او مكتسبة مثل تأثير حبوب منع الحمل وكذلك فتق بطانة الشريان التاجي وبالذات في النساء الحوامل. رابعا: من المهم على الطبيب ان يميز بين ثلاثة امراض رئيسية تتشابه كثيرا في الشباب المصابين بجلطة في القلب التهاب عضلة القلب او جلطة القلب بسبب انسداد الشريان التاجي او انقباضه المؤقت وهذه الثلاثة امراض تتشابه كثيرا في الاعراض وتخطيط القلب والانزيمات ولكنها تختلف كثيرا في طريقة العلاج ولذلك وجب التنويه. الخلاصة: ان جلطات القلب في الشباب اقل حدوثا عند مقارنتها بمن هم فوق الأربعين سنة ولكن لها أسباب يمكن الوقاية منها وللوعي الصحي دور كبير في الوقاية منها وتفادي مضاعفاتها.
مشاركة :