أثبتت دراسة علمية قادها فريق بحثي من المختبرات الوطنية للأمراض المُعدية الناشئة في جامعة بوسطن الأميركية، أن الأشعة فوق البنفسجية قادرة على تثبيط نشاط فايروس كورونا المُستجد المُسبب لمرض كوفيد – 19 في ثوان، وذلك باستخدام إحدى وسائل الإضاءة، وهو ما يمهد لإنجازات علمية وطبية متقدمة لمُكافحة هذا الفايروس. دبي – لم تصدق تخمينات دان آرنولد الموظف بشركة “يو.في لايت تكنولوجي” لبيع المعدات التي تعتمد على الأشعة فوق البنفسجية في تعقيم المستشفيات وشركات الأدوية والصناعات الغذائية في بريطانيا، والذي أجاب قائلا عندما طرح سؤال عن إمكانية استخدام الأشعة فوق البنفسجية في علاج فايروس كورونا “ستكون كمن يحرق نفسه بالنار!”. وذلك أن دراسة بحثية أجرتها الشركة الرائدة على مستوى العالم في حلول الإضاءة أثبتت قدرة تقنية الأشعة فوق البنفسجية الشديدة في تثبيط نشاط فايروس كورونا المُستجد المُسبب لمرض كوفيد – 19. وكشفت سيجنيفاي، الشركة الرائدة على مستوى العالم في حلول الإضاءة عن تكليف المختبرات الوطنية للأمراض المُعدية الناشئة في جامعة بوسطن بإجراء دراسة بحثية بهدف إثبات فعالية حلولها للإضاءة بتقنية الأشعة فوق البنفسجية الشديدة في تثبيط نشاط فايروس كورونا المُستجد سارس كوف – 2 المُسبب لمرض كوفيد – 19. ويعتبر النوع الثالث من الأشعة فوق البنفسجية، “ج”، وهو نوع من الأشعة ذو موجات أقصر وأنشط، قادرا على إتلاف المادة الجينية (الوراثية) بفاعلية سواء في الخلايا البشرية أو في الجزيئات الفايروسية، وقلما يتعرض المرء لهذا النوع لأن طبقة الأوزون في الغلاف الجوي تمنعه من الوصول إلى البشرة الحساسة. لكن العلماء ابتكروا وسيلة لاستخدام هذا النوع من الأشعة في قتل الميكروبات. ومنذ اكتشاف ذلك في عام 1878 شاع استخدام الأشعة البنفسجية من النوع “ج” في تعقيم المستشفيات والطائرات والمكاتب والمصانع بصورة يومية، كذلك يُعتمد عليها كثيرا في تطهير مياه الشرب حيث تقاوم بعض الطفيليات المطهرات الكيمياوية كالكلور. ومنذ بدء تفشّي فايروس كورونا المُستجد، حرص الدكتور الأكاديمي المُشارك أنتوني جريفيث، في علم الأحياء الدقيقة بكلية الطب في جامعة بوسطن، على التعاون مع فريقه البحثي لتطوير أدوات وحلول مُبتكرة تُمهد لإنجازات علمية وطبية متقدمة في مُكافحة هذا الفايروس. جرعة بمقدار 5 ميلي جول/ سم 2 من الأشعة فوق البنفسجية قادرة على كبح نشاط فايروس كورونا في غضون 6 ثوان فقط وقام الدكتور جريفيث وفريقه خلال المشروع البحثي بمعالجة المواد الممزوجة باللقاح عبر توجيه جرعات متباينة من الأشعة فوق البنفسجية الشديدة باستخدام إحدى وسائل الإضاءة لشركة سيجنيفاي، ثم عمل الفريق على تقييم أثر هذه الأشعة في تثبيط نشاط الفايروس في ظل ظروف مختلفة. وقد استخدم الفريق أثناء العملية جرعة بمقدار 5 ميلي جول/ سم 2 من الأشعة فوق البنفسجية، كانت كفيلة بكبح نشاط فايروس كورونا بنسبة 99 في المئة في غضون 6 ثوان فقط. كما أظهرت نتائج الدراسة أن استخدام جرعة أشعة بمقدار 22 ميلي جول/ سم 2 أدت إلى تثبيط نشاط الفايروس بنسبة 99.99 في المئة في غضون 25 ثانية. وتعليقا على ذلك، قال الدكتور أنتوني جريفيث “أظهرت نتائج الاختبار أن نشاط الفايروسات توقف بالكامل في غضون ثوان معدودة من التعرّض لجرعة مُحددة من الأشعة فوق البنفسجية الشديدة، ولم نرصد بعد ذلك أي نشاط فايروسي. ونحن متحمسون جدا لهذا الإنجاز الرائع، الذي نأمل في أن يساعد في تسريع الجهود لتطوير منتجات جديدة يمكنها الحد قدر المُستطاع من تفشّي جائحة كوفيد – 19”. ومن جانبه، قال إريك روندولات، الرئيس التنفيذي لشركة سيجنيفاي “نحن سعداء بتعاوننا المثمر مع جامعة بوسطن في مجال مكافحة تفشي فايروس كورونا المُستجد. ولقد نجحت جامعة بوسطن في إثبات كفاءة حلولنا للإضاءة ودورها الهام كإجراء احترازي ووقائي للشركات والمؤسسات، التي تسعى لتوفير بيئة صحية خالية من الفايروسات”. ونظرا للدور المُرتقب لتكنولوجيا الأشعة فوق البنفسجية الشديدة في تدمير فايروس كورونا ومنع تفشيه، أكدت سيجنيفاي أنها لن تحتكر حقوق تطوير هذه التكنولوجيا، وستجعلها مُتاحة لجميع الشركات في قطاع حلول ومعدات الإضاءة. وأشارت إلى أنها ستعمل خلال الأشهر القليلة المقبلة على زيادة قدراتها الإنتاجية المختلفة بهدف تلبية الحاجة المتزايدة لتقنيات التعقيم وإبادة الجراثيم والفايروسات. تعقيم الأرضية بتعريضها للإشعاع تعقيم الأرضية بتعريضها للإشعاع وأشار الخبراء بدورهم إلى أن اللجوء إلى الأشعة فوق البنفسجية “ج” عالية التركيز لمكافحة فايروس كورونا المستجد ناتج عن أن دراسات سابقة أظهرت إمكانية استخدام تلك الأشعة ضد فايروسات أخرى من نوع الفايروسات التاجية مثل سارس، إذ يضر إشعاعها بالمادة الوراثية لتلك الفايروسات، بما يحول دون قدرة الفايروس على استنساخ نفسه. وفي الصين مثلا وفي ذروة انتشار وباء كورونا تم تعقيم حافلات بأكملها ليلا بتعريضها للإشعاع، كما جرت الاستعانة بأجهزة روبوت لتطهير أرضيات المستشفيات باستخدام نفس الأشعة، واستخدمت المصارف أيضا هذه الأشعة لتطهير عملاتها. في الوقت نفسه، سجلت الشركات الموردة لمعدات الأشعة البنفسجية في بريطانيا مبيعات ضخمة في الفترات الأخيرة. ومن بينها شركة “يو.في لايت تكنولوجي” التي نفد ما لديها من معدات. وبالرغم من أن الأشعة فوق البنفسجية ضارة جدا وفق ما يؤكده الخبراء الذين يشيرون إلى أن الإنسان يصاب بحرق في الجلد جراء أشعة الشمس بعد التعرض للأشعة فوق البنفسجية من نوع “ب” لساعات، وأن الأشعة من نوع “ج” قادرة على حرق الجلد خلال ثوان، إلا أنهم يؤكدون على وجوب الاستعانة بمعدات خاصة والتدرب على استخدام الأشعة “ج” بشكل آمن. وقال الخبراء إن الدراسات حول قدرة الأشعة فوق البنفسجية على القضاء على فايروس كورونا لا تزال محدودة النتائج، إلا أنه يمكن استقاء نتائج من دراسات على فايروسات أخرى كالأنفلونزا، حيث حلل العلماء بيانات الدخول للمستشفيات في البرازيل ووجدوا أن حالات الإصابة بالأنفلونزا زادت خلال موسم حرائق الغابات لأن الدخان يحجب الأشعة البنفسجية أو يقلل منها. كذلك وجدت دراسة أخرى أنه كلما طال تعرُّض جزيئات فايروس الأنفلونزا للشمس وكلما زاد تركيز أشعتها، كلما ضعفت قدرة الفايروس على العدوى. وبينت الدراسة أنه لا يمكن التعويل على أشعة الشمس وحدها للقضاء على الفايروس، لأنه ليس معلوما كم من الوقت يلزم لإبطال قدرة فايروس كورونا المستجد على العدوى باستخدام أشعة الشمس، ولا التركيز المطلوب لتلك الأشعة. كذلك أشارت الدراسة إلى أن شدة الشمس والأشعة فوق البنفسجية تختلفان من وقت لآخر خلال النهار وباختلاف الطقس والموقع الجغرافي حسب خطوط العرض وهو ما يجعلها وسيلة غير مضمونة للقضاء على الفايروس.
مشاركة :