كتب إبراهيم بدوي: طرحت دراسة مطوله حول تنظيم الدولة "داعش" وهدفه المعلن بإقامة خلافة "باقية وتتمدد"، استراتيجية مغايرة لما يقوم به التحالف الدولي فى محاربته للتنظيم. وترتكز الاستراتيجية الجديدة على عدد من المحاور أبرزها استغلال التحديات الداخلية التي يواجهها التنظيم والتظلمات من وحشيته وأسلوب حكمه لإضعافه من الداخل وتجاوز الضربات الجوية إلى القيام بعمليات بريّة تقودها قوات محلية بالتنسيق مع التحالف مع دعم المعارضة السورية المعتدلة. البقاء والتمدد وأشارت الدراسة التي قدمتها لينا الخطيب مديرة مركز كارنيجي للشرق الأوسط إلى أن استراتيجية التنظيم للبقاء والنمو تشمل معاً عناصر عسكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية. ومع ذلك، اقتصر التدخّل الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم، إلى حدّ كبير، على الغارات الجوية. لذلك فإن الثغرات في مقاربة التحالف الدولي، إلى جانب الانقسامات الطائفية العميقة في العراق والاستراتيجيات المتغيّرة للنظام السوري وحلفائه، تتيح لتنظيم داعش مواصلة البقاء والتمدّد. نقاط ضعف وأكدت الدراسة في ما أسمته فهم تنظيم الدولة ونقاط الضعف الداخلية التي يعانيها أن التنظيم يواجه تحديات داخلية كبيرة، بما فيها: تظلّمات حيال وحشيته والسلوكيات المُبهَمة لأسلوب الحكم الذي يعتمده، وإن قدراته في الحكم محدودة، إضافة إلى وجود توترات في صفوفه بين المقاتلين الأجانب والمحليين. من الهجوم للدفاع وذكرت أن المقاربة العسكرية لتنظيم الدولة تطوّرت مع الوقت، من تشديد على الحرب الهجومية إلى تركيز على العمليات الدفاعية أكثر، ومؤخراً، إلى محاولات لاستغلال مكامن الضعف السياسية والعسكرية لأعدائه، كما فعل في منتصف العام 2015 حين أحرز تقدّماً في تدمر في سورية والرمادي في العراق. البعد الاقتصادي وفي ما يتعلق بالبعدين الاقتصادي والاجتماعي للتنظيم، نوهت الدراسة بأنه على المستويين الاقتصادي-الاجتماعي والسياسي، تستفيد هذه الجماعة السنّية المتطرفة من ديناميكيّتَين قويّتَين: استمرار الصراع السوري، والحنق الذي يعتري سنّة العراق جرّاء إقصاء بغداد المنهجي لهم. استراتيجية مغايرة اقترحت الدراسة استراتيجية مغايرة يستطيع من خلالها اللاعبون الإقليميون والغرب، محاربة تنظيم الدولة، وذلك عبر عدد من المحاور واستندت على عدد كبير من اللقاءات المباشرة، مابين آذار/مارس 2014 وأيار/مايو 2015، مع عددٍ من المدنيين والمقاتلين السوريين المقيمين في مناطق خاضعة إلى سيطرة تنظيم الدولة، وفي مناطق لايسيطر عليها التنظيم في سورية، وفي جنوب تركيا والأردن. كما أُجريَت بعض المقابلات وجهاً لوجه في جنوب تركيا والأردن، في حين أُجريَت مقابلات أخرى عبر "سكايب". وتراوح الأشخاص الذين أُجريَت المقابلات معهم من متعاطفين مع تنظيم داعش إلى خصوم له، وكانوا من خلفيات متنوّعة. تحديات داخلية وأشارت الدراسة في المحور الأول من هذه الاستراتيجية إلى ضرورة استغلال نقاط ضعف التنظيم. وأنه ينبغي على الغرب وحلفائه الإفادة من التحديات الداخلية التي يواجهها التنظيم الجهادي لإضعافه من الداخل لاستقطاب المتظلمين من وحشيته وأسلوب حكمه. وأشارت إلى أن تنظيم الدولة يواجه التحدي المتمثّل في مدى قدرته على إرساء دولة فعلية. وأن نجاحه يجب ألا يُقاس بحجم الأراضي التي يسيطر عليها، بل بمدى حيوية التنظيم ككلّ. عمليات برية ودعم المعارضة ويرتكز المحور الثاني على ضرورة تجاوز الغارات الجوية وألّا يقتصر التدخّل العسكري ضد تنظيم الدولة على الغارات الجوية فقط، بل يجب أن يشمل أيضاً عمليات بريّة تقودها القوات العسكرية السورية والعراقية بالتنسيق مع التحالف الدولي. كما يجب دعم المعارضة المعتدلة في سورية. وينبغي على الغرب وحلفائه توطيد القدرات العملياتية والحوكمة لدى الجبهة الجنوبية في الجيش السوري الحر، التحالف الوحيد للمعارضة المعتدلة، الذي يقاتل كلّاً من داعش والنظام في سورية. ثقة السنة وفي ما وصفته بطريقة لاستعادة ثقة السنة في العراق، أشارت الدراسة إلى أهمية إنشاء حرس وطني في العراق. وأوضحت أن من شأن قوة متعدّدة المذاهب والإثنيات أن تساعد على إعادة ثقة السنّة في مؤسسات الدولة، وتوسيع الانخراط المحلّي في القتال ضد تنظيم الدولة "داعش". الصراع السوري وأشارت الدراسة في طرحها لآليات محاربة تنظيم الدولة إلى ضرورة دفع تركيا إلى تأدية دور أكبر. وأنه ينبغي على تركيا أن تسمح لطائرات التحالف الدولي باستخدام القواعد التركية، مايتيح لها مجالاً أفضل لبلوغ أهداف داخل سورية. وشددت الدراسة على إيجاد حلّ للصراع السوري مشيرة إلى أنه ينبغي على الغرب وحلفائه بدء مفاوضات حول تسوية سياسية في سورية، لأنه من دون هذه التسوية لايمكن تدمير داعش. حقبة جديدة وأشارت الدراسة إلى أن صعود تنظيم الدولة في العراق وسورية كان مؤشراً على بدء حقبة جهادية جديدة. وفي حين أن القاعدة استهدفت دوماً تقويض ترتيبات القوة الراهنة من دون طرح بدائل محددة، يتقدم داعش خطوة أكثر إلى الأمام ويُعلن عن رؤية لنظام دولة يحل مكان الأمر الواقع الراهن. أهداف التنظيم وذكرت أن الأهداف الاستراتيجية لـ"داعش" تتمحور حول حيازة الأموال، والموارد، والقوة. ولذا، إقامة الخلافة في العراق وسورية هي مجرد البداية، لا النهاية، لهذا التنظيم. وإن الإيديولوجيا ليست غاية داعش الأساسية؛ بل هي مجرّد أداة للحصول على المال والسلطة. ونوهت بأن استراتيجية داعش تُعتبَر متنوعة وتستند إلى البراغماتية، كما إلى دمج ماهو عسكري بما هو إعلامي وسياسي-اجتماعي.
مشاركة :