بعيدًا عن الحياة الخيالية التي يعيشها أغنياء اليوم، تبقى هناك محطات صعبة عاشت مرارتها تلك الأسر الغنية في سبيل الوصول إلى الثراء ولم تكن تستطيع أن تتذوق ملذات الحياة لو لم تنتصر على تلك الظروف إلا في الأحلام!منذ أكثر من 8000 عام كانت هناك مدينة تقع في وادٍ أجدب خالية من الغابات والمناجم، بعيدة عن الطرق التجارية، لكنها تعيش في ترف وازدهار وتعج بالأثرياء.. تلك قصة حضارة مدينة بابل التي اختارها رجل الأعمال الأمريكي جورج كلاسون (1874- 1957) طريقًا للمستقبل والطموحات والرغبات التي نتمنى تحقيقها. استلهم كلاسون من حكايا بابل القديمة طرق الوصول إلى الثراء وكتب كتاب «أغنى رجل في بابل» الذي حقق مبيعات تتجاوز مليوني نسخة منذ نشره في عام 1926، وحاصل على درجة تقييم (4.26) لأكثر من 100 ألف قارئ في موقع جودريدز وأكثر من 5000 مراجعة عربية وأجنبية. ويقدم الكتاب نصائح عملية مستوحاة من حكايا مدينة بابل؛ ومنها قصة أغنى رجل في بابل وتجار في مجالات أخرى تقلبت أحوالهم من الفقر إلى الثراء وساهموا في تعمير مدينة بابل بفضل العمل وفق قوانين المال. ويدعو للبدأ أولاً في التغلب على محفظتك الخاوية قبل كل شيء ثم تبدأ في التحكم في النفقات حتى العمل على إنماء تلك المدخولات والمحافظة عليها من الضياع وصولاً إلى ضمان دخلك والعمل على مضاعفته باقتناص الفرص.ويعتبر الكتاب قوانين المال من الأسس الثابتة التي لا تتغير مثل قانون الجاذبية الأرضية، ويرى أن المال لا يزال يخضع لتلك الحكمة التي كانت تحكم بابل؛ ومنها «أن المال يأتي بسهولة لأي إنسان يقوم بإدخار العشر من الإيرادات ثم العمل على إنمائه ثم استثماره في إطار نصائح الرجال المتخصصين في التعامل مع المال». وينتهي الكتاب بتقديم نبذة تاريخية عن مدينة بابل باعتبارها النموذج الواضح على قدرة الإنسان في تحقيق الأهداف العظيمة على أن موارد وثروات هذه المدينة من تطوير وصنع الإنسان نفسه، واعتبر البابليين هم المبتكرين الأصليين للمال كوسيلة للمقايضة وسندات الملكية المكتوبة، فقد كانت مدينة منشأة بنظام يشبه كثيرًا نظام المدن العصرية. ياسر الزاكي
مشاركة :