دخلت الأزمة الليبية، خلال الأيام القليلة الماضية، منعطفا جديدا وضع جميع الأطراف فى الداخل الليبى، ومعها القوى الأقليمية والمجتمع الدولى أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما مُزيد مِنْ التصعيد العسكرى، أو البدء فورًا فى عملية سياسية تفاوضية تنهى معاناة الشعب الليبى. لقد أسفر التدخل العسكرى التركى مع نقل آلاف العناصر الإرهابية من الشمال السورى إلى ليبيا وتدفق شحنات السلاح لصالح ما يسمى «حكومة الوفاق» عن تغيير ميزان القوى وكشف عن حجم التهديد الذى تتعرض له ليبيا وانعكاساته الخطيرة على أمنها وأمن دول الجوار، بل وأمن المنطقة والعالم بأسرة. من هنا جاء التحرك المصرى سريعًا مدركا أخطار إطلاق يد قوى إقليمية طامعة فى بلد عربى يشكل امتدادًا استراتيجيا لأمنها، وللأمن القومى العربى.رأت مصر أن تطرح أفكارأ سياسية فى شكل مبادرة عملية تكون استكمالًا لمبادرات دولية وفى مقدمتها مقررات الأمم المتحدة ومؤتمر برلين فى محاولة منها لنزع فتيل الحرب، وقد لاقت المبادرةً المصرية قبولا شعبيًا ليبيًا وترحيبًا عربيًا ودوليًا، ولكن حكومة السراج التى رهنت قرارها للمحتل التركى ولسلاح الميليشيات الإرهابية أدركت أن المبادرة المصرية تُجهض مخططها فى الاستيلاء على ليبيا بالكامل وتسليم مقدرات الشعب الليبى لمحور أنقرة، والميليشيات التابعة لها، ولم ترض بالطرح الدبلوماسى والسياسى المصرى الذى هدف لحقن دماء الشعب الليبى الشقيق، ولعلنا لا نذيع سرًا أن وفودًا عسكرية وشعبية وبرلمانية وشخصيات من أبناء القبائل الليبية زارت القاهرة وأحاطتها بترتيبات وخطط هذا المحور فى اقتحام المناطق التى تخضع لسيطرة الجيش الوطنى الليبى، والوصول لبنغازى وسرت والجفرة لتصل لآخر نقطة للحدود المشتركة مع مصر.تصريحات الرئيس السيسى القوية والواضحة قلبت معادلات القوة فى المشهد الليبى، فقد أكدت أنه حال تجاوز محور الوفاق الوضع الحالى فإن مصر لها الحق بشرعية دولية وقف هذا الخطر الذى يهدد أمنها ويحول دولة جارة لقاعدة تهدد الأمن والسلم الدوليين.لقد وجدت تصريحات الرئيس السيسى ترحيبا كبيرا من جميع فئات الشعب الليبى ومكوناته، ولعل تصريحات المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، التى رحبت بهذا الموقف المصرى وبيانات عمد ووجهاء القبائل الذين ناشدوا القاهرة بإنقاذ بلادهم، أعطت شرعية شعبية ليبية لحق مصر فى الدفاع عن أمن وسلامة البلدين، شرعية تضاف للشرعية الدولية، وللشرعية العربية الذى وضحت فى بيان وزراء الخارجية العرب.إنها القوة التى تصنع السلام، فهل يرضخ الطامعون فى ليبيا لطريق المفاوضات؟ أم سيضطر الحريصون على سلامة وأمن شعوب المنطقة اختيار طريق القوة الشرعية لفرضه؟
مشاركة :