رحلـــــة الشبــــــح المخيـــــف

  • 6/27/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تجمعت كومةٌ من الغيوم الرمادية اكتست السماء حلة من الديباج ورصعت بحبات اللآلئ البلورية معلنة هطول زخات من أمطار الخير.. قرعت الحبات زجاج النوافذ والأبواب لفتح حكاية تطول فصولها، وآهات تدمى عيونها..عينان غائرتان، شفتان ذابلتان، وجه أصفر محمّر كقرص الشمس الملتهبة، جسم هزيل، حرارة مرتفعة..في منتصف شهر أبريل من عام 2019م وبعد التأكد من تلبس الشبح اللعين جسدها النحيل هزّت الكلمات وأرعدت كل من معها، نزلت كالصاعقة على رؤوسهم.. شعروا بانهيار العالم تحت أقدامهم..كانت ابتسامتها ورضاها بقضاء الله وقدره رسالة أرادت إيصالها مؤكدة قوله سبحانه وتعالى: (قلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لنَا).بعد مرور شهر من مرحلة العلاج بدت استجابتها بدرجة عالية، إلا أن الطبيب أوصى بمواصلة علاجها في الخارج في إحدى المستشفيات الكبرى والتي شهدت الكثير من الحالات التي تماثلت للشفاء؛ للإمكانات المهيأة والطاقم الطبي المتخصص في جراحة المخ والأعصاب..تبدأُ رحلة النفقات والعلاج الباهظ بالخارج.. كل ذلك لم يكن مهمًا أمام رؤيتها بصحة وعافية فالصحة، تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، نعمة لا تقدر بثمن..استمرت الإقامة والعلاج ما يقارب ثلاثة الأشهر عُرف فيها الصاحب والقريب والمخادع والجبان..جرعات من الكيماوي تسري في عروقها، ووخزات من الألم لم تضعف إرادتها.. هزمت الشبح بانتصاره عليه بقوة إيمانها وبدعم كبير من عائلتها ومحبيها، ماسكة قبعتها التي خلعتها فخرًا واعتزازًا برأسها الأصلع اللامع تحت أشعة الشمس، وأمام تصفيق حار لشجاعتها وزغاريد ترجمت حجم السعادة بنثر أكاليل من الورود شاكرة الله على نعمة الابتلاء.. بدا الشبح ينشر أجنحته ويضم ما تبقى من عظام رخوة مغطاة بلحم هزيل ينهش ويتلذذ غير مكترث بما يحيطها.. يوّد أن ينال منها ما يريد، لم يجد ملاذًا ولا طعامًا سوى جسدها الذي يسد به جوعه الذي لا ينتهي..هذه المرة أراد أن يحبس أنفاسها التي طالت، فكرّس أسلحته بشراسة وبتعاون جرثومة استساغت لعق دمها لتوقف نبضات قلبها الذي مازال ينبض في قلوب كل من عرفها.. أغلق الكتاب وتمزق غلافه، وتناثرت حروفه لتجتمع ثانية حاملة عنوانًا يليق به «لله ما أعطى ولله ما أخذ».

مشاركة :