اكتشف علماء الفلك كوكبين شبيهين بالأرض لكنهما يفوقانها حجما، ويدوران حول نجم يبعد 11 سنة ضوئية فقط عن الشمس، وفقا لدراسة جديدة نشرت في دورية العلوم الخميس. وقالت شبكة “سي إن إن” الإخبارية إن قرب هذا النظام الكوكبي المثير للاهتمام والقريب من المجموعة الشمسية يمكن دراسته بشكل أكبر في المستقبل. ووفقا للباحثين، من المحتمل وجود كوكب ثالث يدور بعيدا قليلا عن النجم الذي يسمى بـ “غليز 887” وهو نجم قزم أحمر خافت يبلغ حجمه نصف كتلة الشمس تقريبا. ونظرا لقربه، فهو ألمع قزم أحمر في السماء، إضافة إلى أنه واحد من أقرب النجوم إلى المجموعة الشمسية. ورصد فريق من علماء الفلك ممن يعملون في مشروع يسمى “النقاط الحمراء”، والذي يحاول العثور على كواكب أرضية خارجية أقرب إلى شمسنا، حركة النجم عبر المرصد الفلكي الجنوبي الأوروبي في تشيلي كل ليلة لمدة ثلاثة أشهر. واكتشف الفريق العلمي الكوكبين الفائقين اللذين يدوران حول النجم غليز 887 عبر تقنية تسمى “الطيف هاربز” ذات السرعة الشعاعية العالية الدقة. وتمكّن تقنية الطيف هاربز من الكشف عن الأجرام السماوية باستخدام تقنية أخرى تسمى “تمايل دوبلر” أو طريقة السرعة الشعاعية. ويحدث هذا التمايل عندما يتحرك النجم ذهابا وإيابا على شكل تذبذبات صغيرة بسبب سحبه بقوة الجاذبية من قبل الكواكب التي تدور حوله. وأطلق علماء الفلك على الكوكبين اللذين تم اكتشافهما حول النجم غليز 887b وغليز 887c. ويكمل الكوكب الأول مدارا واحدا حول النجم كل 9.3 أيام أرضية، بينما يستغرق الكوكب الثاني 21.8 يوما أرضيا لإكمال مدار واحد. كما اكتشف العلماء إشارة أبعد من ذلك يمكن أن تتوافق مع إشارة لكوكب آخر يستغرق 50 يوما أرضيا لإكمال دورانه حول النجم. يذكر أنه هذه الكواكب تسمى بـ”الأرض الفائقة” نظرا لأن حجمها أكبر من الأرض ولكنها أصغر من الكواكب الأخرى مثل أورانوس ونبتون، وتقع في مدار فلكي صالح للسكن، وهو المدار الذي يمكن فيه للكواكب الأرضية دعم وجود المياه السائلة على سطحها. وبما أن النجم غليز 887 أكثر برودة من شمسنا، فإن منطقته الصالحة للسكن أقرب بكثير في المدى إلى النجم – مما يعني أن الكواكب التي تدور حوله بشكل قريب يحتمل أن تكون أيضا ضمن هذا النطاق. ومع ذلك، فإن الأرضين الخارقتين قريبتان قليلا إلى النجم، مما يعني أنهما حارتان للغاية ولا تستطيعان الاحتفاظ بالماء بشكله السائل. كما أن الكوكبين يتلقيان طاقة من النجم تبلغ ما بين 2.5 و8 مرات أكثر مما تتلقاه الأرض من الشمس. ولكن الكوكب الثالث المحتمل، الذي يمكن أن يكون أيضا أرضا فائقة، يمكن أنه يدور في منطقة النجم الصالحة للسكن. وقالت ساندرا جيفرز، المؤلفة الرئيسية للدراسة والمحاضرة في معهد الفيزياء الفلكية في جامعة غوتنغن في ألمانيا، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى شبكة “سي إن إن”: “النجم غليز 887 هو أفضل نجم يقع على مقربة من الشمس لأنه نجم هادئ بشكل غير عادي، فهو ليس كالنجوم المعتمة ولا تحدث فيه انفجارات نشطة مثل تلك التي نراها على الشمس”. ولو كان النجم نشطا مثل شمسنا، فإن رياحه النجمية ستتآكل وتكتسح الغلاف الجوي للكواكب التي تدور حوله. ويعتقد الباحثون أنه بما أن النجم هادئ، فإن من الممكن أن تحتفظ الكواكب المحيطة به بطبيعة أجوائها. وقد يكون لديها أجواء أكثر سمكا من الغلاف الجوي للأرض. ويقول أستاذ علم الفلك في قسم علم الفلك والفيزياء النظرية في جامعة لوند في السويد، ميلفين ديفيز: “إذا كان لشخص ما أن يعيش في كوكب حول قزم أحمر، فمن الأفضل أن يختار نجما أكثر هدوء مثل نجم غليز 887”. كما أن سطوع النجم ثابت للغاية، مما يعني أنه قد يكون من الأسهل اكتشاف الغلاف الجوي المحتمل لهذه الكواكب، وأن تصبح أهدافا مثالية للبحث في البعثات الفضائية القادمة عبر تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لوكالة ناسا. ويمكن للتلسكوب، الذي من المتوقع إطلاقه في العام المقبل، أن يخترق الغلاف الجوي للكواكب الخارجية ويساعد على توصيف تكويناتها. وتقول جيفرز: “سيتمكن العلماء من خلال دراسة أجواء هذه الكواكب من فهم ما إذا كانت الظروف صالحة للحياة على تلك الكواكب”. يذكر أن الفريق العلمي الذي يعمل في مشروع النقاط الحمراء كان قد عثر على كواكب خارجية أخرى قريبة من شمسنا، مثل الكواكب التي تدور حول نجم بروكسيما سنتوري ونجم بارنارد. وتساعد دراسة هذه الكواكب الخارجية القريبة على معرفة المزيد عن تكوين وتطور النجوم والكواكب، فضلا عن البحث عن الحياة خارج الأرض. وتحاول جيفرز وفريقها العلمي في المستقبل مراقبة النجم غليز 887 لتحديد ما إذا كانت الإشارة الثالثة هي لكوكب آخر يدور حول النجم. وكتب ديفيز: “إذا أكدت عمليات الرصد الأخرى وجود الكوكب الثالث في المنطقة الصالحة للسكن، فسيصبح النجم القزم غليز 887 من أكثر النظم الكوكبية المجاورة للمجموعة الشمسية التي تمت دراستها بشكل مكثف”.
مشاركة :