باريس وبرلين وروما تدفع باتجاه «حل سياسي» في ليبيا

  • 6/27/2020
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

البيان الثلاثي لفرنسا وألمانيا وإيطاليا حول الوضع في ليبيا، والذي صدر ليلة أول من أمس عن الناطقين باسم وزارات خارجية الدول الثلاث، ليس الأول من نوعه. فقد سبقه بيان مشابه صدر في التاسع من يونيو (حزيران) الجاري باسم وزراء نفس الدول. إضافة إلى «وزير خارجية» الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل. وفي الحالتين معا فإن الرسائل نفسها، وهي أربع: الأولى دعوة «كل الأطراف» الليبية من أجل «وقف فوري وغير مشروط» للعمليات الحربية، ولتعزيز المواقع العسكرية. والثانية دعوة «اللاعبين الأجانب إلى وضع حد لكل أنواع التدخل» في ليبيا، والاحترام الكامل لحظر السلاح. والثالثة تشجيع الأطراف الليبية للتوصل إلى اتفاق «وقف دائم لإطلاق النار يتمتع بالصدقية». وأخيرا «العودة إلى الحوار السياسي الليبي ــ الليبي»، بعد توافر شرط وقف إطلاق النار، من أجل «حل سياسي دائم»، وفق الإطار الذي وضعه مؤتمر برلين، الذي تعده باريس وبرلين وروما «الإطار الوحيد القابل للحياة».وتجدر الإشارة إلى أن البيان الثلاثي يسمي بالاسم المبادرة المصرية المعلنة في السادس من الشهر الجاري. بيد أن أهمية هذا البيان تنبع من أمرين: الأول، كونه يأتي عقب التحولات الميدانية التي حصلت في ليبيا، وتراجع قوات المشير خليفة حفتر عن مواقعها في محيط طرابلس إلى مواقع جديدة، عنوانها اليوم «خط سرت ــ الجفرة»، الذي وصفه الرئيس المصري بأنه «خط أحمر». يضاف إلى ذلك التوتر الذي شهدته مياه المتوسط بين القطع البحرية اليونانية والفرنسية مع فرقاطات تركية. والثاني أنه يعكس تقاربا بين باريس وروما، اللتين كانت لهما مواقف متضاربة من ليبيا، بحيث كانت الأولى تميل إلى دعم حفتر، والثانية إلى جانب حكومة فائز السراج. يضاف إلى ذلك أن ما يجمع بين العواصم الثلاث هو أن كلا منها حاولت دفع الملف الليبي إلى الأمام: باريس نظمت مؤتمرين «في 2017 و2018» وجمعت فيهما الطرفين الليبيين المتنازعين، وروما كانت نشطة بشأن هذا الملف طيلة السنوات الماضية، فيما استضافت برلين الاجتماع الدولي برعاية الأمم المتحدة في يناير (كانون الثاني) الماضي. إلا أن كافة هذه المحاولات باءت بالفشل.وبحسب مصدر دبلوماسي أوروبي في باريس، فإن هذه الدول «باتت اليوم تشعر بأنها فقدت التأثير في الملف الليبي، وأن تركيا سحبت البساط من تحت أرجلها». مبرزا أن هذه التطور هو الذي سرع التقارب الفرنسي ــ الإيطالي، على اعتبار أن الطرفين «خاسران» من التحولات الجارية في ليبيا، ومخاوفهما «مشتركة» من تقسيم هذا البلد، أو إقامة «مناطق نفوذ» لتركيا من جهة ولروسيا من جهة أخرى.بيد أن روما وباريس تفترقان حول نقطة أساسية: ففيما العلاقات الفرنسية ــ التركية متأزمة، فإن الدبلوماسية الإيطالية أبقت على علاقاتها مع أنقرة، والدليل على ذلك الزيارة التي قام وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو إلى تركيا في 19 من الجاري.ثمة قناعة أوروبية اليوم بأن الحسم العسكري في ليبيا لم يعد ممكنا، لا من جانب قائد الجيش الوطني الليبي، ولا من جهة حكومة الوفاق. وتفيد المعلومات المتوافرة أن ما يسعى إليه الأوروبيون، رغم وسائل الضغط الضعيفة المتوافرة بين أيديهم، هو «تثبيت خطوط القتال» حيث هي اليوم. ومن هذه الزاوية، فإن التهديدات التي أطلقها الرئيس المصري، مؤخرا، بالتدخل العسكري المباشر في ليبيا باسم «الأمن القومي» في حال تجاوز «الخط الأحمر» مفيدة لأن من شأنها، على الأرجح، أن تمنع «الوفاق» من السعي إلى السيطرة على سرت والجفرة. إلا أن أمرا كهذا لا يعني أن المعارك لن تتواصل في مناطق أخرى من الأراضي الليبية الشاسعة، أو أن حدوث معارك «محدودة» لاختبار استعدادات كل طرف أصبحت مستبعدة. ومن هذه الزاوية يمكن أن نفهم التأييد العلني، الذي وفره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للموقف المصري، عندما اعتبر مخاوف القاهرة «مشروعة».وبكلام آخر يمكن اعتبار أن باريس «تراهن» اليوم على الموقف المصري المتشدد من أجل احتواء طموحات أنقرة... وفي أي حال، فإن الخلاف اليوم يتركز على موقفين متناقضين، الأول محوره طرابلس ــ أنقرة، ويربط وقف النار والعودة إلى المفاوضات بالسيطرة على سرت والجفرة. فيما الموقف الثاني المضاد يرفض هذا الشرط، ويتمسك ببقاء هذين الموقعين تحت سيطرة الجيش الوطني.

مشاركة :