ونحن علي مشارف رفع الحظر التدريجي و عودة الحياة لطبيعتها جزئيا وسط حالة من الترقب والتحسب لعواقب هذه العودة، التي ربما تكون مخيفة، إن لم يكن يقابلها ما يكفي من الوعي الاجتماعي والانتباه الجيد لخطورة المرحلة، فقد ترددت كثيراً قبل أن أقرر معاودة الكتابة عن عواقب رفع الحظر وضرورة الإلحاح علي توعية الناس وتذكيرهم بأننا ما زلنا فى ذروة انتشار الوباء، بعدما انتابتني مشاعر الإحباط جراء ما سمعته وشاهدته لدى الكثيرين من استعدادات حافلة لما بعد انتهاء الحظر ، كما لو كانت الدولة قد اتخذت قرارات الإغلاق رغبة منها بتعذيب الناس وحرمانهم حق المتعة وممارسة الحياة. ولكن سرعان ما رأيت أنه من واجبي أنا، و كل من له كلمة أو قلم أن يستمر بأداء واجبه، وما يمليه عليه ضميره تجاه وطنه وأهله وناسه، حتى وإن كانت هذه الكلمات ستؤثر بقلة من الناس خير من عدمهم، و هذا أضعف الإيمان . “يا أيها المعتقدين أن انتهاء الحظر قد يعني انتهاء الكورونا”: ليس معنى أن تتخذ الدولة قرار فك الحظر مثلما سبقتها به معظم دول العالم أن الوباء قد انتهى! فهناك حد أقصى للإغلاق تستطيع الدول تحمله وتتكبد علي إثره الكثير من الخسائر الاقتصادية، كما تتضرر مصالح وأعمال كافة الكيانات العامة والخاصة، وكذلك العاملين وتحديداً بالقطاع الخاص والعمالة المؤقتة، وبالفعل قد كانت الحكومة المصرية من آخر الحكومات العربية التي قررت رفع الحظر بعد أن استنفدت كافة طاقتها، ولم تعد تحتمل المزيد من الإغلاق ووقف الحال. ولكن: هناك من انعدام الوعي وشدة الاستهتار لدى بعض الناس ما يدفعهم للترويج بأن كورونا قد انتهت بدليل انتهاء الحظر، نعم، لم تكن مزحة أو مبالغة، لكنها جملة يرددها البعض ويروج لها ويجذب بها أكبر عدد من المشتاقين لعودة الحياة والصخب والانطلاق بغض النظر عن تبعاته، و كذلك من يستمرؤون دفن رؤوسهم بالرمال كي لا يواجهون الحقائق التي لا تتناسب وأهواءهم. “أعزائي المتلهفين على القهاوي والكافيهات والمسارح والسينمات”: كل منكم طائره بعنقه ومسؤوليته فوق كتفيه، فإن أدركنا جميعاً أن انتهاء الحظر لا علاقة له بانتهاء الوباء، وأن قرار الدولة وفقاً للأوضاع الاقتصادية، وأن الحذر من كورونا ونحن بذروة انتشارها يجب أن يكون مضاعفاً بعد انتهاء الإغلاق، سننجو من فخ التفشي للوباء وانعدام السيطرة، وإن تصورنا كما يقول البعض أن الحياة قد عادت كما كانت، وكأنه زر يعود بها بضغطة واحدة، فتلك هي الكارثة التي ندعو الله ألا تقع علينا. نهاية: فلا بديل عن تشديد الإجراءات الاحترازية الذاتية التي يطبقها كل مواطن على نفسه وأهله ويعي جيداً أن الحاجة إلى الحذر قد باتت أشد من ذي قبل . فانتهاء الحظر لا يعني على الإطلاق انتهاء الحذر.
مشاركة :