فضّل الفنان الأردني ياسر المصري المشاركة في 12 حلقة ضمن المسلسل المصري العهد على قبوله البطولة المطلقة في العمل البدوي حنايا الغيث الذي اعتذر عن عدم الانضمام إليه مبكراً قاصداً الانتقال إلى مرحلة انتقاء اعتبرها أكثر دقة في مشواره المهني. ياسر غاب ربما للمرة الأولى عن الدراما البدوية الرمضانية منذ أكسبته نجومية عربية عقب تصدّره مسلسل نمر بن عدوان عام 2007 حتى إنه ظهر السنة الماضية فقط في 3 أعمال بدوية دفعة واحدة هي رعود المزن والوعد وأخوة الدم الذي اقتصرت إطلالته ضمنه على مشاهد تمهيدية محدودة لأحداث أخرى غادرها مقتولاً، وفقاً للنص. ومنذ اختاره المخرج خالد يوسف في دور الأخ الأكبر المتمسك بجذور الأرض ضمن الفيلم المصري كف القمر المُنتج قبل 25 يناير عام 2011 أعاد المصري ترتيب أوراقه حسب تأكيده وأدرك إقباله على مرحلة مغايرة تأجّلت قليلاً بسبب الأحداث الأمنية والسياسية التي شهدتها القاهرة لاحقاً إلى جانب حرصه على الانتقاء تحديداً خارج الأردن قبل تقمّصه دور الضابط العنيف في تحت الأرض عام 2013 ثم زوج بنت يحيى الفخراني في دهشة السنة الماضية حتى ذهابه مع شخصية الأب الروحي مشعل قائد الثورة على الظلم وصاحب كلمة الحق المتعايش إجباراً مع الأفاعي في جحرٍ مضييء وسط العتمة أشعل مقتله شرارة تحرّك أهل القلعة في مواجهة السلطة المتسلطة، وفقاً لما جاء في مسلسل العهد. 12 حلقة فقط ارتدى فيها ياسر ثوب الأب الروحي الذي يقصده آسر ياسين مهيب وغادة عادل سحر وبعض المقهورين للدلالة على طريق الخير ومحاولة التخلص من غموضٍ يتوغل مع تفشي ظواهر وطقوس غريبة قبل أن تعثر ابنته أروى جودة سندس على طريقه بعد رحلة بحث طويلة تنتهي مع وصولها إلى جثته مضرجة بالدماء في مشهدٍ لم يُسدل الستار على أفكار وحضور مشعل المحفورة في ذاكرة من قرروا السير على نهجه. ياسر كان متحفزاً كثيراً لأداء الدور وخلال حضوره المتقطّع فعاليات فنية في عمّان أثناء تصوير العهد ظل محتفظاً ربما للمرة الأولى بتفاصيل الشخصية مكتفياً بمؤشرات عامة ورغبته في الحديث تفصيلاً عقب الانتهاء من كل شيء وقياس ردود فعل الجمهور على إطلالته والعمل كاملاً مع تلميحه إلى تعويله كثيراً على ثنائية المؤلف محمد أمين راضي والمخرج خالد مرعي ووصفه اجتماعهما معاً ب الإبداع الخاص، لاسيما بعد حصد تجربتيهما السابقتين نيران صديقة والسبع وصايا سياقاً مختلفاً للإثارة الدرامية الأسطورية ونيلهما التفاتة بارزة. في دردشات متباينة أكد ياسر غير مرة أن مقياس النجومية لديه ليس في بطولة أعمال معتادة ومتاحة لا تمنح التحدّي الحقيقي، وإنما خوض غمار دور غير متوقع يكفل ظهور جانب آخر من القدرات مشيراً إلى أن تلك الفرص نادرة ولا تستحق التوقف عندها إعلامياً وليس الاضطرار أحياناً إلى قبول سواها بسبب تواضع المفاضلة. ولا يتنكر ياسر ل نمر بن عدوان الذي منحه شهرة عقب نحو 17 عاماً من تنقله بين الاستعراض في فرقة شعبية والتمثيل بشتى أنواعه ولا يستاء حيال مناداته باسم الشخصية البدوية ذاتها حتى الآن لكنه في المقابل يجد من واجبه عدم البقاء رهن النجاح الأوحد الذي يتحوّل إلى عبء. ورغم رفضه ترك الدراما البدوية التي تسبب تأجيل مسلسل وعد الغريب من بطولته في غيابه عن عباءتها خلال رمضان الحالي بل وتفكيره ربما في نطاق الإنتاج ضمنها عبر خطوة لاحقة إلاّ أنه يشير دائماً إلى محاولته الفرز بين الاختيارات المتاحة، ولذلك لم يرَ في حنايا الغيث مراده حتى مع إطلاق منتج المسلسل عصام حجاوي انتقادات ضد من نعتهم الباحثين عن نجومية ضئيلة خارج الوطن في تلميحٍ واضح. بعد نجاحه المختلف في العهد ربما يقطع المصري عهداً حازماً مع نفسه حيال قراراته الفنية المقبلة وربما يُصر على رفض أوجه المجاملة والتدقيق أكثر إزاء مدى تحقيق كل تجربة خطوة جديدة للأمام ضمن مشواره حتى في ظل نقص الفرص المتميزة على حد تعبيره وإدراكه وسواه من الفنانين التزامات تفرض أحياناً الوجود معنوياً وتارة لدواعي مادية ضمن أعمال عددية في قائمة طويلة.