أكد محللون غربيون أن النظام التركي أوقع نفسه في مأزق شديد التعقيد في ليبيا، بعد أن أدى تدخله العسكري هناك دعما لحكومة فايز السراج المتحالفة مع التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، إلى دخول المزيد من الأطراف الإقليمية والدولية على خط الأزمة الليبية. وقال المحللون، إن نظام رجب طيب أردوغان أوقع نفسه في هذه «الورطة»، بعدما «مضى إلى شوط أبعد من اللازم على الساحة الليبية. فبدلاً من السعي لإنهاء الأزمة الدموية المستمرة هناك منذ أكثر من 9 سنوات، أدت تحركات هذا النظام إلى نقل الصراع إلى مرحلة جديدة». وأشار ستيفن كوك، الباحث الأميركي البارز بشأن سياسات بلاده حيال الشرق الأوسط، إلى أن التحركات التخريبية لنظام أردوغان دفعت مصر إلى التلويح بالتدخل، وأدت إلى أن تتخذ الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا واليونان وايطاليا مواقف أكثر تشدداً حيال التدخل التركي في ليبيا والوقوف كحجر عثرة دون تحقيق أنقرة وحكومة طرابلس العميلة لها، أطماعهما وعلى رأسها الاستيلاء على مدينة سرت، التي تشكل بوابة لمنطقة «الهلال النفطي» الاستراتيجية. وحذر كوك - الخبير في مركز «مجلس العلاقات الخارجية» للأبحاث والدراسات في نيويورك - من أن أنشطة التنقيب غير القانونية التي تقوم بها السفن التركية عن النفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، تفاقم التوترات بين أنقرة والدول الأخرى المُطلة على البحر نفسه. وقال - في تصريحات نقلها موقع «أحوال» الإخباري المعني بالشؤون التركية - إن هذه العمليات «لن تنتهي على نحو سلمي» على الأرجح. ومن جانبه، قال هوارد آيسنستات الأستاذ المساعد لتاريخ الشرق الأوسط في جامعة سانت لورانس الأميركية، إن تركيا تحاول منذ أمد بعيد بسط هيمنتها على مقدرات ليبيا، مُشيراً إلى أن الإبقاء على وجود عسكري تركي في هذا البلد «شكّل طوال الوقت جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً» للنظام الحاكم في أنقرة. ويلقى تدخل تركيا السافر في ليبيا، انتقادات واسعة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل إصرار أردوغان على الاضطلاع بدور «الداعم القوي لجماعة الإخوان الإرهابية، سواء في شمال أفريقيا أو في منطقة الشرق الأوسط بوجه عام». ويعود هذا الدعم - بنظر المحللين الغربيين - إلى أن نظام رجب طيب أردوغان يعتبر «الإخوان» والتنظيمات المتطرفة والإرهابية التابعة لها «وسيلة لإكساب تركيا القوة على الساحة الإقليمية». وفي السياق نفسه، شددت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية على أن الهدف الرئيس لتركيا الآن، يتمثل في السيطرة على ليبيا بالكامل، بعد أن تصورت أنها ردعت خصومها هناك. لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى العقبات المتعددة التي ستحول دون أن تتمكن أنقرة من تحقيق هذه المطامع، ومن بينها حقيقة أن «مدينة سرت التي تحاول ميليشيات حكومة السراج الاستيلاء عليها في الوقت الحاضر، تعج بسكان معادين بشدة لهذه الحكومة، وللتنظيمات المتشددة المُهيمنة عليها».
مشاركة :