بيروت - الراية: وزعت قطر مليون سلة إفطار رمضانية على اللاجئين السوريين إلى لبنان، إضافة إلى مساعداتها المستمرة التي تقدمها لهم. واستفاد من تلك السلال حوالي نصف مليون لاجئ، حيث بدأت فرق الإغاثة القطرية توزيعها منذ مطلع الشهر الكريم في الشمال اللبناني، الذي يُعتبر أكثر المناطق استقبالاً للاجئين السوريين، بدءًا من مدينة طرابلس التي تحوي في أحيائها وشوارعها الفقيرة نسبة عالية من اللاجئين، وصولاً إلى وادي خالد التي تقع على خطّ النار بين لبنان وسوريا، وما بينهما من قرى وبلدات شمالية. وكانت قطر قد ركزت جهودها، منذ رمضان 2011م، لدعم اللاجئين السوريين إلى لبنان وإغاثتهم، فضلاً عن إغاثة اللاجئين السوريين في كل دول جوار سوريا، انطلاقًا من حرصها الدائم على تقديم كافة أشكال الدعم للشعب السوري الشقيق، ومؤازرة البلد المضيف كي لا يرزح تحت ثقل أحماله، وقد خصّصت للمهمة "كتيبة" من المغيثين، تعمل ليل نهار، كي تقف على حاجات النازحين. وقد أدركت قطر منذ بداية اللجوء السوري أن أي تأخير من جانبها في مد يد المساعدة للاجئين السوريين من شأنه أن يؤدّي إلى تداعيات دراماتيكية كبيرة، كون الدوحة هي الجهة الوحيدة التي تلتزم بدعم النازحين بشكل جدي، والنازحون يدركون ذلك بدورهم، لأنهم خبروا المساعدات القطرية التي لا تنقطع، وخبروا المساعدات الأخرى المتقطّعة من عربية وأممية. الإغاثة مستمرة.. رغم المخاطر منذ اليوم الأول لتدفّق اللاجئين السوريين إلى لبنان هرباً من المعارك، تعمل فرق الديوان الأميري على خطّ النار، غير آبهة بالنيران السورية المندلعة على الطرف الآخر من الحدود، ولا بالقصف الصاروخي والمدفعي الذي تتعرّض له المناطق الحدودية اللبنانية من وقت لآخر، ولا بغارات الطيران التي تقوم بها القوات السورية فوق المناطق الحدودية، وهمّها الوحيد إيصال أكبر عدد ممكن من المساعدات لأكبر شريحة ممكنة من اللاجئين السوريين. ورغم المخاطر، ترفع فرق الديوان الأميري راية بيضاء، تقول من خلالها إنّ الحق في حياة كريمة من أهم حقوق اللاجئين السوريين، مؤكّدة بذلك انتماءها لمدرسة تؤمن بأنّ جميع العرب إخوة بالدم، ولذلك منذ اليوم الأوّل من الشهر الفضيل وحتى اليوم، تزدحم كافة المناطق الشمالية بالشاحنات التي تنقل السلال الغذائية القطرية، التي حرصت الجهّات المسؤولة عن توزيعها على أن تحاكي المعايير العالمية من حيث النوعية والجودة، فرمضان هذا العام، جاء ليشكّل دليلاً إضافياً على أنّ قطر لم تكتفِ بالشعارات في دعمها للثورة السورية، بل قدّمت منذ خمس سنوات إلى اليوم دعمًا ملموسًا للاجئين السوريين، انطلاقاً من إيمانها بالواجب الإنساني والديني تجاه الإخوة والأشقاء السوريين، لتكون مساعداتها تعويضاً عن مساعدات الدول العربية المفقودة. وتحاول قطر في كلّ رمضان من كلّ سنة أن تصل مساعداتها لأكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين الذين يعيشون أسوأ معاناة إنسانية في التاريخ الحديث، فتأتي مساعداتها في كل عام بحجم المأساة، وما يجعل العمل القطري متميزًا، هو وضع فرق الإغاثة القطرية نفسها في قلب الحدث السوري، من خلال معايشتها لتفاصيل المأساة السورية على أرض لبنان، ولذلك تأتي مساعداتها أكثر محاكاةً من أي مساعدة أخرى لحاجات النازحين السوريين، إن من ناحية الكمية، أو من ناحية النوعية، أو حتّى من ناحية المضمون. في قلب المحنة لا تكتفِ فرق الإغاثة القطرية بوضع نفسها في قلب الحدث السوري، بل تضع فرق الإغاثة الأميرية العاملة على الأرض نصب أعينها الحاجات السورية، وتعمل على سدّها بما أوتيت من قوة، وتقول إنّ كلّ ما تقدّمه للشعب السوري الشقيق من دعم، يجيء انطلاقاً من حقّ الشعب السوري، وتعتبر أنّ لكل نازح ولاجئ الحق في تأمين معيشته في ظل تنوّع ما يعانيه النازحون إلى لبنان من بطالة وترمّل ومرض وإعاقة. تقيم فرق الإغاثة الأميرية في قلب محنة النازحين السوريين إلى لبنان، ولذلك تشعر ببردهم وجوعهم وخوفهم وتعبهم، وعليه تولي اهتماماً خاصاً بالأمومة والطفولة في أيّ تفصيل تريد القيام به، ولذلك للنساء والأطفال الأولوية هذا العام كما في كل عام في مساعداتها الرمضانية، فاللوائح الاسمية التي تمّ إعدادها من قبل فرق الإغاثة الأميرية بالتعاون مع رؤساء بلديات ومخاتير الشمال، تزخر بأسماء لنازحين سوريين يتحدّرون من كل الجغرافيا السورية، ولكن الغلبة هي للنساء في هذه اللوائح، انطلاقاً من إيمان الفرق العاملة على الأرض بأنّ المرأة السورية بحاجة لرعاية خاصة، خصوصاً بعد تراجع مستوى الدعم الذي كانت تحظى به مع بدايات الأزمة السورية، وانطلاقاً من كون العدد الأكبر للنازحين في لبنان هم من الإناث، بحيث تصل النسبة إلى أكثر من 53 بالمائة بحسب دراسة "مفوضية اللاجئين". ومنذ تراجع المساعدات العربية والأممية للاجئين السوريين إلى لبنان، يعيش هؤلاء بين حدي النزوح الأكبر والمساعدات الأقل، ولولا بلوغ المساعدات القطرية سقفاً غير مسبوق في تاريخ المساعدات لبلغ ملف النازحين السوريين حدّ تهديد الاستقرار اللبناني بأبعاده الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بعدما يئس لبنان من إمكان ترجمة الدعم الدولي اللفظي له، برغم عشرات الزيارات الدولية، ورزمة المؤتمرات الدولية التي بدأت في الكويت وانتهت في نيويورك وبرلين. يُطلق النازحون السوريون إلى شمال لبنان صرخة عتب على العرب جميعهم باستثناء قطر، حيث يجمعون على أنّ القيادة الرشيدة للبلاد تولي ملفّهم أهمية قصوى.
مشاركة :