قال رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام إن اتهام رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون له بأنه يمارس صلاحيات رئاستي الحكومة والجمهورية، «هو اتهام في العنوان الخاطئ»، معتبراً أن «كل الناس يمكن ان تتهم إلا أنا في هذا المجال، فلا التباس في مواقفي وممارستي في ظل الشغور الرئاسي، وحرصي على الرئاسة. فممارستي تدل الى أني بالكاد أحافظ على صلاحياتي وعلى العكس بعضهم يتهمني بأني لا أمارس صلاحياتي كما يجب دستورياً». وقال سلام رداً على سؤال انه يتصرف على أساس أنه مؤتمن على الوطن أكثر من رئاسة الحكومة «ومن ضمن أمانتي على الوطن في هذه الحكومة رئاسة الحكومة».وسأل: «لماذا أمارس الآن دوري في رئاسة الحكومة؟ ألم توافق القوى السياسية علي أني شخص حيادي؟ لكن إذا أرادوا تصفية حسابات تتعلق بالأزمة السياسية في البلاد فهذا ليس دور الحكومة ولا يحمّلن أحد الحكومة أكبر من طاقتها. وإذا كانوا عاجزين عن ملء الشغور الرئاسي فعليهم عدم اتهام الآخرين بذلك». وإذ أكد سلام ان تأجيل جلسة مجلس الوزراء اليوم لم يُطرح خلال زيارة وزير الدولة محمد فنيش له أول من أمس، أكد رداً على سؤال أن الجلسة قائمة وأنه إذا اعترض وزيرا «التيار الوطني الحر» على جدول الأعمال وطالبا بتقديم بند التعيينات الأمنية على أي بند، وإذا اعتبرا قرار دعم تصدير الإنتاج الزراعي بحراً، «فأنا سأسيّر الاجتماع في شكل يعطي نتائج لمصلحة العباد والبلاد»، وقال: «الأجواء حول الأزمة السياسية كانت قائمة قبل الجلسة الماضية لمجلس الوزراء، وأنا قلت أن هذه الأزمة كلها خارج الحكومة». ورداً على سؤال لـ «الحياة» قال إن إدارته لجلسة اليوم «ستكون كما في كل جلسة، بما أشعر به من حاجة الى الوحدة الوطنية ويفي بمتطلبات تحقيق مصالح الناس، لا أريد أن أكون مماحكاً أو متصادماً مع أحد، هذا ليس دوري فليس هذا ما أطمح اليه. وهكذا مارست لسنتين ونصف السنة». وعن نية عون تحريك الشارع من أجل حقوق المسيحيين قال سلام: «ليتحمل هو مسؤوليته، إذا أراد تغيير النظام كما نسمع فلتتحملها القوى السياسية كلها وهذا لا يتم في مجلس الوزراء، وسبق أن أكدت ضمن انطلاقة الحكومة الائتلافية أنها لإدارة شؤون البلد في ظل الشغور الرئاسي ولأن حل الأزمة السياسية خارجياً قلنا بتحييد القضايا الخلافية الكبرى عن عملها. ونحن لم نقصر بالخطوات التي تحفظ الاستقرار، لا سيما أمنياً. وسأل: «هل يتم تأمين الاستقرار بشل الحكومة أم بتفعيلها من خلال الإنجازات الأمنية التي تحققت وبالتعيينات الواسعة التي نجحت في إجرائها؟ هل تعطيلها يحقق غرض إنجاز مكاسب سياسية؟ هل يستطيع فريق أن يدعي أني أنجزت أمراً ما في الحكومة لمصلحة فريق من دون الآخر؟». وعن التواصل بينه وبين العماد عون أوضح أنه «كان موجوداً ولا شيء منقطعاً ولا شيء موصولاً. والوزراء يتحركون، ولمعلوماتكم الرئيس سعد الحريري لا أتحدث اليه إلا مرة كل شهرين». وعن اتهامه بتهميش مكون مسيحي رئيسي من قبل جماعة عون قال سلام: «هذه وجهة نظرهم.؟ لكن هل كل القوى المسيحية تتفق معهم على هذا الاتهام. لم أسمع هذا من الكتائب و «القوات اللبنانية» والنائب سليمان فرنجية، هل أن هؤلاء وكذلك المسيحيين المستقلين يعتبرون أنفسهم مهمشين. أنا أسمع بأن الشارع المسيحي الذي يتم الادعاء باحتكاره، من خلال تواصلي الشخصي مع بعضهم، يبدي ارتياحه الي وثقته بأنني أتجاوز الحساسيات الطائفية. لقد برهنت عملياً على أني مع كل اللبنانيين». التعيينات العسكرية والأمنية وتعليقاً على أسباب عدم إرضاء كتلة العماد عون بطرح تعيين قائد للجيش على رغم أن مهلة انتهاء خدمة القائد الحالي جان قهوجي لم تنته أجاب سلام: «موضوع التعيينات الأمنية استنفد لأنه اختصاص وزيرين. وزير الداخلية طرح اسماً بدلاً من اللواء ابراهيم بصبوص ولم يتم القبول به، فجرى التمديد. ووزير الدفاع قال إنه لن يطرح الأمر الا عندما يستحق. ولم يسبق أن طرح موضوع في الحكومة بالنيابة عن الوزير المختص». وأضاف: «ليس على علمي أن الفرقاء الذين وافقوا على التمديد للعماد قهوجي سنتين فعلوا ذلك لكي يقطعوا له مدة التمديد هذه لاحقاً. هذا فضلاً عن أننا وسط معركة يخوضها الجيش مع الإرهاب، لا تحتمل تشكيكاً به وبقيادته، أي تشكيك يصب في خانة أعدائنا، خصوصاً بعد تحقيق إنجازات أمنية غير مسبوقة على مساحة كل الوطن. ولو كانت هناك اخفاقات أو انكسارات أو عجز ما فهذا مفهوم. لكن في ظروفنا الحالية هل مفيد هذا التشكيك؟ حين تنتهي مدة القائد في أيلول نرى». وفيما سلام أن لا أحد قادر على دفع ثمن فرط الحكومة إذا أرادوا أن يفرطوا الائتلاف الذي تتشكل منه. وعما سيكون عليه الوضع إذا استقال منها وزيرا عون قال: «حين نصل اليها نحكي فيها لسنا في وارد الاستقالة الآن وهم قالوا انهم لن ينسحبوا». وحين سئل إذا كان يعتقد ان طرح الفيديرالية من قبل العماد عون يحمل أخطاراً في هذا الظرف أجاب سلام: «الوطن كله في خطر. فهم قالوا كلاماً كبيراً بمعنى أنه لا يهمنا النظام. فهذا كلام تصعيدي يجعل الأمور تنفلت باتجاهات مجهولة. في ظل أوضاع المنطقة الحالية لسنا قادرين على أن نتحمل أن نفتح حساباً حول نظامنا، والقول إن النظام شيء والدولة شيء آخر ربما يكون صحيحاً، لكن عندما يُضرب النظام تُضرب الدولة». وكرر سلام رداً عن أن تحرك عون يتم تحت عنوان حقوق المسيحيين المهدورة التأكيد أن «جوابي هو أن الموضوع ليس عندي بل عند القوى السياسية. أنا كنت واضحاً حين تسلمت مهماتي بأن المواضيع الخلافية المتعلقة بالأزمة السياسية لا تحل داخل الحكومة، أنا لا أصعّد مع أحد وأقوم بواجباتي بهدف تسيير شؤون الناس، هل الإفلاس في المواجهة مع القوى السياسية يبرّر أن يفشّوا خلقهم بالحكومة؟ إذا أرادوا ذلك فليقولوها بصراحة. وإذا قالوا إن لا ضرورة لهذه الحكومة أنا آخر المتمسكين. لكني سأبذل جهدي لوقف التعطيل في مجلس الوزراء». وعن إمكان استقالته قال: «لم أعط إشارة إلى أحد بأني متمسك بهذا المنصب والكرسي. اضطررت مرتين أو ثلاثة لأن أنبه الى ذلك إذ لا يكلف الله نفساً إلا ما في وسعها». وعما نقل عنه أنه إذا استمر التعطيل لا مانع من أن تتحول الحكومة الى تصريف أعمال أجاب: «قلت لهم في آخر جلسة لمجلس الوزراء إزاء المدح الذي سمعته إن صبري طويل وأدير الأمور بحكمة، ان صبري الشخصي هو ملكي أنا أتصرف به كما أشاء وأنا حر فيه. أما صبري كرئيس حكومة فهو ليس ملكي بل ملك الوطن. وإذا كان الوطن في وضع خطير سأتصرف، ولربما هذا ما يحاولون إيصال الأمور اليه. لكن الى الآن ألمس ان غالبية القوى السياسية غير راغبة في شل وتعطيل الحكومة». وأضاف: «قلت لهم في جلسة الحكومة أيضاً أنه إذا كان هناك تعطيل للحكومة فهذا مثل تحويلها حكومة تصريف أعمال. وإذا كان الأمر كذلك فلتستقل لتصرف الأعمال فعلياً». التوافق والتصويت وذكّر سلام بأن ما يسمى آلية اتخاذ القرارات بالتوافق يفضل تسميتها مقاربة لتسيير أعمال مجلس الوزراء، «وهي ليست دستوراً ولا قانوناً يجري اعتمادها لإبعاد التعطيل، إذا أرادت قوة سياسية ما هذا التعطيل. ونحن لم نعتمد التصويت في الحكومة». وسأل: «ألم تؤخذ القرارات سابقاً بالتوافق؟ لكن المقاربة التي اعتمدناها تعني أيضاً أنه إذا أراد مكون أو اثنان التعطيل والأكثرية توافقت على أمر ما فإنه لا يجوز عدم تأمين حقوق الناس وشؤونها، وفي قرار دعم تصدير الإنتاج الزراعي، لو لم نتخذ القرار الأسبوع الماضي لكان الأمر خطيراً على وضعنا». ورداً على سؤال عن التقديرات التي تقول إن العماد عون يتحرك لأنه يشعر بأنه بعد الاتفاق على النووي سيحصل تحرك دولي من أجل ملء الشغور الرئاسي في لبنان قال سلام: «الجميع يترقب الاتفاق ولا شك في أنه سيكون هناك معطى جديد يؤثر هنا وهناك. نأمل بأن تكون التداعيات إيجابية ليس للمنطقة بل خصوصاً للبنان. وطبيعي أن يعمل كل مكون سياسي حساباته ليوظفها لمصلحته».
مشاركة :