أدلى الفرنسيون الأحد بأصواتهم في انتخابات بلدية يتوقع أن تفرز نتيجة سيئة للرئيس إيمانويل ماكرون وحزبه (الجمهورية إلى الأمام) وذلك قبل سنتين من معركة إعادة الانتخاب، وهو ما سيدفع الرئيس الفرنسي على الأرجح للقيام بتعديلات وزارية بعد استكشاف مكامن الخلل في سياساته والإعلان عن إستراتيجيات جديدة للفترة المتبقية من ولايته. باريس- يتأهب حزب “الجمهورية إلى الأمام” في فرنسا، وهو حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، لتلقي هزيمة في انتخابات بلدية جرت الأحد وقد تمتد تداعيات نتائجها إلى حكومة رئيس الوزراء إدوارد فيليب حيث ينوي ماكرون إجراء تعديلات وزارية لمواجهة وابل الانتقادات بشأن إدارته لأزمة فايروس كورونا المستجد. ويرى معلقون أن هذه الانتخابات ستضع الرئيس الفرنسي في مأزق حقيقي في ظل غضب اجتماعي ما يجعله يفكر في تعديلات وزارية قبل عامين من انتهاء ولايته الرئاسية التي شهدت أزمات متعاقبة من السترات الصفراء وصولا إلى أزمة كوفيد – 19. ووسط إجراءات احترازية كبيرة لفرض قيود التباعد الاجتماعي صوت الفرنسيون بكماماتهم الأحد لمرشحيهم. وكان ماكرون يأمل في أن تعزز هذه الانتخابات موقعه في المشهد قبل خوضه معركة إعادة الانتخاب في عام 2022 وذلك من خلال تدعيم أركان حزبه في بلدات ومدن فرنسا خاصة الكبرى منها، لكن نتائج الدور الأول من هذه الانتخابات ومعاونيه قللوا من حجم توقعاته. جان جاريجس: "الجمهورية إلى الأمام" حزب جديد يجد صعوبة في فرض نفسه كقوة جان جاريجس: "الجمهورية إلى الأمام" حزب جديد يجد صعوبة في فرض نفسه كقوة وجرت الجولة الأولى في مارس حيث توجه 44 في المئة من الفرنسيين إلى مراكز الاقتراع في تراجع لأعداد الناخبين أرجعه مراقبون إلى المخاوف التي سادت من أزمة كوفيد – 19. وفي باريس، التي تعد الجائزة الكبرى في الانتخابات، تمضي رئيسة البلدية الاشتراكية آن هيدالجو قدما نحو تحقيق فوز مريح بعد حملة سادتها الفوضى من قبل ماكرون وحزبه. وكان المرشح الذي اختاره ماكرون لخوض الانتخابات في باريس، وهو بنجامين غريفو، قد تنحى بسبب فضيحة تسجيل جنسي مصور، الأمر الذي أدى إلى ترشيح وزيرة الصحة السابقة أنياس بوزين عن حزب الرئيس قبل شهر واحد من الجولة الأولى. وتستبعد التكهنات أن تشهد باريس الخسارة الوحيدة لماكرون ومرشحيه حيث تخطاهم خصومهم في مارسيليا وليل كذلك، وأجبر حزب الجمهورية إلى الأمام على التحالف مع اليمين في ليون وبوردو. ومن المتوقع أن يحقق حزب الخضر (مناصر للبيئة) نجاحا في مدن مثل ليون ومرسيليا وبوردو بالتحالف مع اليسار أحيانا، استنادا إلى القوة الدافعة التي اكتسبها في الانتخابات الأوروبية العام الماضي. وتشير استطلاعات الرأي إلى تضرر شعبية ماكرون من الأزمة الصحية. وسجلت فرنسا أكثر من 29 ألفا و750 وفاة منذ بداية الوباء. وتم تأجيل الجولة الثانية من الانتخابات البلدية في غويانا الفرنسية حيث لا تزال حالة الوباء “مقلقة للغاية”، بحسب الحكومة. وأثر الامتناع في الجولة الأولى للسباق البلدي سلبا على حزب ماكرون. وبالفعل بلغت نسب التصويت بعد ظهر الأحد 15 في المئة منخفضة بذلك عن النسبة التي تحققت في الجولة الأولى. وقال المؤرخ والأستاذ في جامعة أورليانز جان جاريجس إن “المشكلة هي أن الجمهورية إلى الأمام حزب جديد ليس له جذور محلية ويجد صعوبة في فرض نفسه كقوة. كما أنه طمس صورته من خلال عقده التحالفات مع اليسار ومع اليمين أيضا خاصة بعد الجولة الأولى”. ويشير سعي حزب ماكرون للفوز بعشرة آلاف مقعد في المجالس البلدية من أصل 535 ألف مقعد في فرنسا إلى ضعف طموحه في هذا الاستحقاق الذي تزامن مع أزمات عديدة. من جهة أخرى، ليس من المؤكد فوز رئيس الوزراء إدوارد فيليب، في مدينة هافر، الساحلية في غرب البلاد، رغم أنه تجرد من انتمائه إلى الحزب. وتقول مصادر إن ماكرون في حال هزيمته قد يضطر إلى إجراء تعديل وزاري. وتبدو هذه الحالة غريبة نوعا ما نظرا لتعرض الرئيس إلى انتقادات تتعلق بإدارة أزمة فايروس كورونا المستجد فيما يتقدم عليه رئيس الوزراء إلى حد كبير في استطلاعات الرأي. المرشح الذي اختاره ماكرون لخوض الانتخابات في باريس، وهو بنجامين غريفو، قد تنحى بسبب فضيحة تسجيل جنسي مصور ويملك الرئيس الفرنسي، الذي يجري مشاوراته ولكنه لا يكشف عن نواياه، وحده مفاتيح تعديل وزاري محتمل. وسيتركز الاهتمام على مدى تأثير هذا الاقتراع على الجزء الثاني من ولاية ماكرون الذي ألمح إلى أن أزمة الفايروس غيرت أشياء واعدا بـ”استخلاص العبر”. وفي الأسابيع الأخيرة، أدى حدوث عدة انشقاقات لنواب إلى فقدان حزب الجمهورية إلى الأمام الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي). وقد يؤدي حدوث كارثة الأحد إلى إضعاف هذه الأغلبية الهشة أو إيقاظ بعض المطامح حول الانتخابات الرئاسية لعام 2022. وتقول كلوي موران من مؤسسة جان جوريس “عندما يكون لدينا مفهوم عمودي وشخصي جدا للسلطة، يمكننا أن نتصور أنه لن يرغب في حزب يربكه”. ووجهت الانتقادات لمفهوم السلطة هذا على نطاق واسع خلال حركة “السترات الصفراء” التي استمرت بين العامين 2018 و2019 والإضراب الطويل احتجاجا على إصلاح الأنظمة التقاعدية الشتاء الماضي.
مشاركة :