الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتّحدة، لاسيما في مجال حفظ الأمن وحماية الاستقرار، برزت مجدّدا في زيارة المبعوث الأميركي الخاص بإيران براين هوك إلى أبوظبي ومحادثاته مع وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان حيث تمّ التطرّق إلى الملف الإيراني وما تمثّله سياسة طهران من أخطار على استقرار الإقليم. أبوظبي - برز خلال مباحثات سياسية إماراتية أميركية موضوع حماية استقرار المنطقة وحفظ أمنها كمحور رئيسي من محاور الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتّحدة والولايات المتّحدة، فيما عكست المواقف المشتركة من السياسات الإيرانية، حالة الوفاق بين الطرفين وتنسيقهما المشترك بمواجهة كل ما يهدد الاستقرار. وجاء ذلك خلال لقاء جمع في أبوظبي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي وبراين هوك الممثل الأميركي الخاص بشؤون إيران وكبير مستشاري السياسات لوزير الخارجية الأميركي، وجرى خلاله “بحث علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في المجالات كافة”، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإماراتية “وام” الأحد. وتمّ التطرّق إلى الملف الإيراني في المحادثات التي حضرها من الجانب الإماراتي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وعن الجانب الأميركي جون راكولتا جونيور سفير الولايات المتحدة لدى الإمارات. وقالت الوكالة إنّ الجانبين تبادلا “وجهات النظر تجاه مستجدات الأوضاع في المنطقة وبحثا عددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومنها التهديدات التي تمثلها إيران والجهود المشتركة التي تبذلها دولة الإمارات والولايات المتحدة من أجل ضمان استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط”. وجدّدت الإمارات التعبير عن موقفها الثابت من السياسة السلبية الإيرانية في المنطقة، حيث أدان الشيخ عبدالله بن زايد “تدخل إيران وحلفائها المستمر في شؤون الدول العربية”. ووصف علاقات بلاده مع الولايات المتّحدة بالاستراتيجية، مؤكّدا حرص الإمارات على مواصلة التعاون مع الشريك الأميركي “من أجل تعزيز الاستقرار في المنطقة”، لافتا إلى التزام “الدولتين بالقضاء على التطرف بكافة أشكاله من أجل ضمان أمن وتسامح واستقرار وسلامة المجتمعات كافة”. كذلك أكد براين هوك “متانة العلاقات الاستراتيجية الراسخة التي تجمع البلدين والعمل المستمر من أجل تعزيز التعاون الاستراتيجي في كافة المجالات”. وربطت مصادر سياسية جولة هوك في المنطقة، والتي شملت أبوظبي، بتسريع الولايات المتّحدة لجهودها الهادفة إلى منع إيران من الحصول على المزيد من الأسلحة التي تستخدمها في تهديد استقرار المنطقة، وفي إذكاء الصراعات في بعض أنحائها على غرار ما تقوم به في اليمن عن طريق وكلائها الحوثيين. وعرض هوك لتلك الجهود في تصريحات لوكالة أسوشييتد برس قال فيها إنّ حظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة على إيران يجب أن يظل ساري المفعول لمنعها من “أن تصبح تاجر الأسلحة المفضل للأنظمة المارقة والمنظمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم”. وحث المبعوث الأميركي العالم على تجاهل تهديدات إيران بالانتقام إذا تم تمديد الحظر الذي ينتهي في أكتوبر القادم، واصفا أسلوب التهديد بـ”تكتيك المافيا”. جولة براين هوك مرتبطة بتسريع الولايات المتّحدة لجهودها الهادفة إلى منع إيران من الحصول على المزيد من الأسلحة ويأتي من ضمن خيارات إيران في الردّ على تمديد حظر الأسلحة طرد المفتشين الدوليين الذين يراقبون برنامجها النووي وتعميق الأزمة القائمة منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية. ويتمّ بموجب حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة منع إيران من شراء طائرات مقاتلة ودبابات وسفن حربية، لكنه لم يكن ناجعا في وقف تهريب الأسلحة إلى مناطق الحرب. وشدّد هوك على وجوب الإبقاء على حظر استيراد وتصدير السلاح على طهران وذلك لتأمين منطقة الشرق الأوسط. وقال “إذا تركنا الحظر تنتهي صلوحيته يمكنك أن تكون على يقين من أن ما تفعله إيران في الظلام ستفعله في وضح النهار”. وكانت الأمم المتحدة قد منعت إيران من شراء أنظمة أسلحة رئيسية في عام 2010 وسط توترات حول برنامجها النووي. وضيّق المنع على الإيرانيين سبل استبدال معدّاتهم القديمة التي تم شراؤها من قبل الشاه قبل ثورة الخميني سنة 1979. وتتوقّع أجهزة المخابرات الأميركية أنّ إيران ستحاول على الأرجح شراء طائرات مقاتلة روسية من طراز سو 30 وطائرات تدريب باك 130 ودبابات تي 70، وكذلك شراء نظام الدفاع الجوي الروسي أس 400 ونظام صواريخ الدفاع الساحلي باستيان. ومن ضمن التهديدات المباشرة لجيران إيران في المنطقة، تحوّل طهران إلى تطوير الصواريخ الباليستية. وتأمل واشنطن أنّ تحدّ العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس ترامب وأثرت بقوّة على الوضع المالي لإيران حيث استهدفت بشكل مباشر مبيعات النفط، من قدرة طهران على الدفع مقابل شراء الأسلحة. وقال براين هوك إن انخفاض عائدات طهران المالية يمثل “شيئا جيدا للمنطقة” ويؤثر على قدرتها على دعم وكلائها الإقليميين مثل سوريا، مضيفا “على الإيرانيين الاختيار بين البنادق في دمشق أو الزبدة في طهران”. وهددت إيران بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي وسط حملة الضغوط الأميركية. وتقول الوكالة إن مخزون طهران من اليورانيوم منخفض التخصيب يواصل نموه. وقال هوك “إذا لعبنا وفق القواعد الإيرانية فإن إيران ستفوز”، مضيفا “إنه تكتيك مافيا حيث يتم تخويف الناس لقبول نوع معين من السلوك خوفا من شيء أسوأ بكثير”، ومؤكّدا “لا أحد يعتقد أن سلوك إيران يستحق تخفيف القيود على قدرتها على نقل الأسلحة”.
مشاركة :