أكدت الدراسات التي شملت الأشخاص المتعافين من فايروس كورونا أن آثارا جانبية طويلة الأمد تلازم أغلب الحالات التي شفيت، ومنها الارتباك أو متلازمة ما بعد العناية المركزة، وصعوبة التركيز والانتباه، وقلة الوعي بالشخص والمكان والوقت، وحتى عدم القدرة على التفاعل مع الآخرين. إضافة إلى أن عدوى فايروس كورونا الجديد لها تأثيرات عميقة على العديد من الأعضاء المختلفة. نيويوك- ركزت جهود أغلب الأطباء والباحثين على مرحلة ما بعد الشفاء من فايروس كورونا وبينت التقارير أن أعراضا طويلة الأمد تبقى تلازم المتعافين من كوفيد - 19 ومنها الارتباك أو متلازمة ما بعد العناية المركزة ومتلازمة التعب بعد الإصابة وفقدان بعض الحواس كالذوق والشم، واعتلال عضلة القلب. وخلال تقديمه لملخص حول التعافي من فايروس كورونا قال وليام بيتري، أستاذ الطب المتخصص في الأمراض المعدية لدى البالغين في جامعة فيرجينيا، “توجد فجوات مهمة في معرفتنا”. وأشار بيتري إلى أن المرضى ذوي الحالات الأكثر خطورة الذين يتلقون الرعاية في وحدة العناية المركزة، يمكن أن يتعرضوا لخطر الإصابة بالهذيان، الذي يتميز بصعوبة التركيز والانتباه وقلة الوعي بالشخص والمكان والوقت، وحتى عدم القدرة على التفاعل مع الآخرين. وأوضح أن الهذيان لا يعد من المضاعفات المحددة لكوفيد – 19، ولكنه للأسف من المضاعفات الشائعة لرعاية وحدة العناية المركزة. وتشمل عوامل الخطر بالإضافة إلى كون المريض في وحدة العناية المركزة، العمر المتقدم والمرض الموجود مسبقا. كما تشير بعض الدراسات إلى أن ما يصل إلى 75 في المئة من المرضى الذين عولجوا في وحدة العناية المركزة، يعانون من الهذيان. والمشكلة ليست فقط في غياب التركيز أثناء الاستشفاء، ولكن لأشهر بعد ذلك. وأكدت الدراسات أنه بعد 3 أشهر من الخروج من المستشفى، ما زال العديد من الأشخاص الذين تعافوا يواجهون صعوبة في الذاكرة قصيرة المدى، والقدرة على فهم الكلمات المكتوبة والمنطوقة وتعلم أشياء جديدة. وحتى أن البعض واجهوا صعوبة في معرفة مكانهم وما هو تاريخ اليوم. وكانت نتائج الوظائف التنفيذية أسوأ بكثير لدى أولئك الذين عانوا من الهذيان. ويكرس الأطباء جهودا كبيرة للحدّ من الهذيان لدى المرضى في وحدة العناية المركزة. كما يواجه الأشخاص الذين تعافوا من فايروس كورونا مشاكل طويلة المدى في التنفس حيث غالبا ما يشتكي مرضى كوفيد – 19، الذين يعانون من حالات حادة، من الالتهاب الرئوي ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة أثناء المرض. ولم يتبع الأطباء المرضى الذين تعافوا من فايروس كورونا الجديد لفترة كافية، لمعرفة ما إذا كانت هناك مشاكل طويلة المدى في التنفس. ومع ذلك، فإن دراسة العاملين في مجال الرعاية الصحية في الصين، الذين أصيبوا بالسارس، بسبب فايروس سارس كوف، الذي انتشر خلال عام 2003، تبعث على الاطمئنان. ويُشفى تلف الرئة، الذي يقاس بالتغيرات البينية التي تظهر في فحوصات التصوير المقطعي المحوسب في نتائج اختبار وظائف الرئة، في غضون عامين بعد المرض. ويعاني معظم مرضى كوفيد – 19، من فقدان الذوق أو الشم. ولاحظ ربع المرضى فقط بعض التحسن في غضون أسبوع. كما عانى الناجون من الموت بسبب كوفيد - 19 من متلازمة التعب بعد الإصابة حيث تم استيفاء معايير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، لتشخيص متلازمة التعب المزمن لدى ربع مرضى فايروس كورونا. ومن المحتمل أن يكون من المهم استهداف تدخلات الصحة النفسية للناجين من كوفيد – 19، لمساعدتهم على التعامل مع فترة نقاهة طويلة تتميز بالإرهاق. كما تمت مقابلة نصف الناجين تقريبا بعد أكثر من 3 سنوات من الشفاء، عند تفشي مرض السارس الأصلي وكشفوا معاناتهم من التعب. وفي متابعتهم للحالات التي شفيت من عدوى فايروس كورونا تبين للأطباء أنه قد تنشأ جلطات الدم لدى ما يصل إلى ربع مرضى كوفيد – 19 المصابين بأمراض خطيرة. ويمكن أن تتسبب الجلطات الدموية في حدوث مضاعفات خطيرة طويلة الأمد، إذا انفصلت الجلطات عن الأوعية الدموية وانتقلت إلى الرئة، وتسبب الانسداد الرئوي، أو قد تنتقل إلى الدماغ وتسبب السكتة الدماغية. ولوحظ في إحدى الدراسات، التهاب في عضلة القلب يسمى “اعتلال عضلة القلب”، لدى ثلث مرضى كوفيد – 19 المصابين بأمراض شديدة. كما لوحظ عدم انتظام ضربات القلب، ومن غير المعروف ما إذا كان هذا بسبب عدوى مباشرة في القلب أو ثانوية، للتوتر الناجم عن الاستجابة الالتهابية لهذه العدوى. من جهة أخرى كشف الأطباء خلال بحثهم أنه يمكن أن يتجه تفاعل كوفيد – 19 وداء السكري في الاتجاه الآخر، حيث تظهر ارتفاعات الجلوكوز في الحالات الشديدة من كوفيد – 19 لدى بعض المرضى الذين ليس لديهم تاريخ سابق بمرض السكري. 75 في المئة من المرضى الذين عولجوا في وحدة العناية يعانون من الهذيان ونظرا لأن الفايروس يتفاعل مع الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2، على الخلايا البشرية، فمن المعقول أن تكون التغييرات في نشاطه أحد أسباب مرض السكري لدى مرضى فايروس كورونا الجديد.. وخلص الأطباء إلى أن عدوى فايروس كورونا الجديد لها تأثيرات عميقة على العديد من الأعضاء المختلفة في الجسم. كما توقعوا أن ما يسببه كوفيد – 19 سيشفى منه الغالبية العظمى من المرضى. كما أوصى الأطباء بضرورة الالتزام بالإجراءات التي تحدّ من انتشار الفايروس ومنها ارتداء الأقنعة من الدرجة الطبية وخصوصا لأولئك الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر، أو أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية. من جهتها أوصت منظمة الصحة العالمية بضرورة تجنب الأماكن المزدحمة، مشيرة إلى أنه لا يزال على الأشخاص ارتداء قناع الوجه والحفاظ على التباعد بنحو متر ونصف المتر، إذا رغبوا في زيارة أصدقائهم. وإذا كان ذلك ممكنا، من المستحسن القيام بهذه الزيارات في الهواء الطلق. مؤكدة على أن الهواء الطلق يقلل من احتمالات انتشار فايروس كورونا، خاصة في الأماكن التي تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة.
مشاركة :