بمناسبةً مرور 16 عاما علي رحيلً رائدة التعليم الخاص في مصر سعاد كفافي، اسمها حاضرا لأنها تركت ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، من ينظر في التواريخ ويحسب الأيام والشهور والسنين سيعرف أن الدكتورة الفاضلة "سعاد كفافي" مؤسسة جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا رحلت عن عالمنا منذ ستة عشر عاما، وبالتحديد في العام 2004 عن عمر يناهز الـ76، لكن من ينظر بعين الحقيقة إلى ما فعلته هذه السيدة المصرية الحالمة العاملة سيعرف أنها لم ترحل حتى الآن. تقدمت السيدة النبيلة سعاد كفافي طليعة قافلة التعليم الجامعي الخاص، كان التعليم الجامعي في مصر قاصرا على بعض الجامعات الأجنبية التي كانت تفيد بلادها "ماديا" من خلال تحويل مكاسبها بالعملة الصعبة إلى الخارج، كما تستفيد من الطلبة النابغين عبر مساعدتهم على الهجرة خارج مصر والعمل في جامعات أوروبا وأمريكا، ناهيك عن أن بعض هذه الجامعات كانت كثيرا ما تسهم في إضعاف الهوية المصرية عند الكثيرين من طلابها كما كانت تسهم في إكسابهم العديد من العادات الاجتماعية الغريبة على مجتمعاتنا، فجاءت فكرة الراحلة القديرة "سعاد كفافي" الطليعية البناءة ببناء كيان تعليمي وطني، يرتقي بمستوى التعليم المصري، ويسهم في تحويله إلى مصنع لإنتاج العقول والقلوب العامرة بحب الوطن، كما يسهم في الاستفادة برأس المال الوطني والحفاظ عليه في الداخل المصري لتتمكن من القيام بدور اجتماعي وثقافي وتعليمي وصحي يستفيد به الجميع، فاستحقت بذلك أن يخلد اسمها وأن تصبح جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا التي أسستها قبلة كل من يريد تعليما راقيا حقيقيا ينافس بل ويتفوق أحيانا على الكثير من الجامعات الأجنبية.وبرغم انتشار اسمها كرائدة للتعليم الخاص في مصر لكن جامعتها حملت على عاتقها أن تراعي صحة المصريين الجسمية والعقلية والوجدانية أيضا، فأسست مستشفى "سعاد كفافي" التي برز اسمها مؤخرا حينما اصطفت مع جيش مصر الأبيض لتواجه فيروس كورونا بعزيمة وإصرار وتحد، وهي المستشفى التي تخدم غير القادرين مجانا، وتقوم بالعديد من الأنشطة الخيرية التي تتم بشكل احترافى ووفق أعلى معايير الجودة من حيث الخدمات الصحية المقدمة للمرضى ورعايتهم وعلى وجه الخصوص فى المناطق الشعبية ذات الكثافة السكانية المرتفعة وأيضًا فى المحافظات الحدودية عن طريق "قافلة مستشفى سعاد كفافي الميداني المتنقل" التى قامت مؤخرًا بعلاج المرضى غير القادرين فى بعض القرى الأكثر احتياجًا استكمالًا للنشاط الإنسانى الذى بدأته التربوية الرائدة الراحلة سعاد كفافى التى كانت تضع نصب عينيها بشكل دائم الإسهام بشكل حقيقى فى خدمة المجتمع، والالتزام باعتبارات المسئولية المجتمعية.ولم تكتف الجامعة بالقيام بدورها الاجتماعي عن طريق المستشفى فحسب فأسست أوبرا جامعة مصر التي تقوم بدور ثقافي وفني راق في مدينة كانت حتى وقت قريب تفتقد لأي نشاط فني أو ثقافي يربط أبنائها بوجدان المصريين وثقافتهم، فكان "مسرح أوبرا جامعة مصر" المنارة الثقافية والفنية الوحيدة في مدينة ٦ أكتوبر، والذي مازال يفتح أبوابه لاستقبال الراغبين في تعلم مختلف الفنون على يد متخصصين وخبراء، خاصة الأطفال الذي يتعلمون فنون الباليه، والرسم، والعوف على الفلوت، والعود، والبيانو، والجيتار، والقانون، والدرامز، والكمان، كما يتعلمون الغناء أيضا.العقل له التعليم، والجسم له المستشفى، والروح لها مسرح وأوبرا، هكذا تكتمل خطة بناء الإنسان التي وضعتها الراحلة التي لم ترحل النبيلة "سعاد كفافي" لتضرب بعملها وحلمها مثالا حيا لمن يريد أن يخدم وطنه وأن يسهم في تطويره، سيدة رأت لم يره أحد، فنالت ما لم ينله أحد.
مشاركة :