مصدر الصورةAFPImage caption خرج عشرات الآلاف من السودانيين الثلاثاء في الخرطوم ومدن أخرى، للمطالبة بإصلاحات، والقصاص من قاتلي المتظاهرين علقت صحف سودانية وعربية على "المليونية"، التي دعا إليها ناشطون سودانيون، للتظاهر في الثلاثين من يونيو/حزيران الجاري، من أجل تحقيق السلام والعدالة وتحسين الأوضاع المعيشية. ويرى كُتّاب أن هذه الدعوة جاءت لتلبية مطلب شعبي، "لتصحيح مسار الثورة"، فيما انتقد آخرون الحكومة بأنها لم ترتق إلى تطلعات الشعب السوداني، بعد إسقاط حكومة البشير. ويرى فريق ثالث أن "المليونية" تأتي تأييدا لحكومة عبد الله حمدوك، وطالبوا بإعطائه الفرصة وحذروا من مغبة إسقاط الحكومة."تصحيح مسار الثورة" يقول عبد الحميد عوض في "العربي الجديد" اللندنية: "لا ينظر العديد من السودانيين بعين الرضا، إلى نتائج ثورتهم على الرغم من أنها نجحت، العام الماضي، بالإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، لذلك جاءت دعوة اليوم، الثلاثاء، للخروج في مليونية تحت شعار تصحيح مسار الثورة". ويقول إن الحكومة قابلت الدعوة للتظاهرات "بجانبين سياسي وأمني. سياسيا، اجتمع حمدوك مع لجان المقاومة وأُسر الضحايا لطمأنتهم والتعهّد لهم بتحقيق مطالبهم. وأعقب ذلك تلقي حمدوك تقريرا مرحليا من لجنة التحقيق الوطنية حول فض الاعتصام، فضلا عن عقده اجتماعات مع تحالف الحرية والتغيير، حول إجراء تفاهمات بشأن تعيين الولاة والمجلس التشريعي، وإجراء تعديل وزاري سريع". ويضيف: "الجانب الآخر لتعاطي الحكومة هو تكثيف الانتشار الأمني غير المسبوق في ولاية الخرطوم، بمنع الدخول والخروج منها... فضلا عن إغلاق الجسور المؤدية لوسط الخرطوم، وتفريغ المنطقة من المواطنين، وسدّ كل الطرق المؤدية لمحيط قيادة الجيش، والتحذير من وجود مندسين خلال المواكب". ويرى أنه "مع تلك الصورة، يصعب التكهن بما سيحدث اليوم". ويرى حيدر الشيخ هلال، في جريدة "الراكوبة" السودانية، أن الثلاثين من يونيو/حزيران "يوم التصحيح الوجداني". ويقول الكاتب إن هذا اليوم "محطة تاريخية تستلهم العبر، إذ تعتبر نقطة تحول كبيرة في وجدان الأمة السودانية ومفاهيمها الثورية، التي كانت تأخذ طابعها المرحلي الطبيعي منذ انطلاق الثورة". ويؤكد أن ذكرى الثلاثين من يونيو/حزيران تعتبر "محطة فارقة حقيقة"، وأن "قناعات التغيير لدى الشعب قد وصلت نهاياتها الحتمية، وقد تشبع الجميع بثقافتها الناشئة عن حقيقة أن الشعب هو أداة التغيير، وفي يده تحديد مصيره لا في يد غيره". ويضيف بأن "الشارع وقبل أن يخرج قد أوصل رسالته، وليس على الحكومة إلا تنفيذ مطالب الشارع التصحيحية، حتى لا يخطو الفعل الثوري خطوة أخرى باتجاه إسقاط الحكومة، وهذا السيناريو ينتظره أعداء الثورة بكل خبث، وعلى الحكومة تفادي ذلك بكل صرامة حتى لا نعود إلى المربع الأول، الذي سينتج واقعا متأزما ومعقدا"."أين الحرية؟" ويرى الوليد آدم مادبو، في "العربي الجديد" اللندنية، أن "الحكومة قد عجزت عن بلورة برنامج عمل، واستراتيجية وطنية ترتقي إلى مستوى شجاعة شباب الثورة وفرادة استبسالهم، وتستنفر الكفاءات والعقول السودانية المنتشرة في عرض المعمورة، وهي بعد لم تنتبه إلى ضرورة تبنّي منهج شامل، يعتمد إشراك كل السودانيين في وضع التصور اللائق بمستقبل بلادهم". ويقول موقع "باج نيوز" السوداني: "يرى كثير من الثوار أن ما تحقق من الوثيقة الدستورية، وتشكيل الحكومة الانتقالية، لا يرقى إلى تطلعات الثورة وأهدافها، ولهذا يرى الداعمون لمليونية 30 يونيو أهمية أن تصحح الثورة مسارها". وتحت عنوان "لماذا نخرج؟"، يقول زهير السراج في نفس الموقع: "لو نفذت الحكومة شعار الثورة .. حرية، سلام، وعدالة، لما كانت فى حاجة لاستنفار الجيش وإغلاق الكبارى بالمدرعات، وتأمين الطرق والميادين بالعربات المصفحة، وإعلان حالة الاستعداد القصوى بين كافة القوات النظامية، وإغلاق الأسواق والمتاجر وإصدار البيانات، للتحذير من المؤامرات وأعمال الشغب والفوضى، المتوقعة خلال مسيرة الغضب الجماهيرية اليوم".مصدر الصورةGetty ImagesImage caption إصلاح الأحوال المعيشية ومكافحة الغلاء من أبرز مطالب المتظاهرين. صورة أرشيفية ويضيف: "وما كانت الجماهير فى حاجة إلى الخروج، من أجل استكمال أهداف الثورة المجيدة، وتحقيق شعار حرية، سلام وعدالة الذى خرجت تطالب به فى ديسمبر 2018، وفى 30 يونيو 2019". ويتساءل الكاتب مستنكرا: "أين الحرية وأين السلام، وأين العدالة وأين الثورة نفسها؟ فى بلاد لا يزال العسكر يحكمونها، ويتحكمون فيها وينعمون بأموالها وخيراتها، فى وجود حكومة غالبية وزرائها ضعفاء، تنقصهم الخبرة والمعرفة والروح الثورية"."اتركوا حمدوك يعمل" ويرى نجيب عبد الرحيم أبو أحمد، في مقال منشور على موقع "النيلين"، أن "الهدف الرئيس من المسيرة دعم حكومة حمدوك، وإعادة هيكلة القوات النظامية والأمنية ووقف يد العنف، الذي تمارسه قوات الأمن والشرطة مع لجان المقاومة، والتعجيل بمحاكمة رموز النظام البائد، وتعيين الولاة المدنيين وإنجاز ملف السلام، والإسراع بمحاكمة المتهمين بفض اعتصام القيادة، وإقالة مدير عام الشرطة وإقالة وزير الداخلية، وتكوين المجلس التشريعي وإعفاء بعض الوزراء، الذين فشلوا في أداء مهامهم". ويؤكد أن "المليونية ستخرج يوم 30 يونيو، إن شاء الله، ومن صميم عملكم حماية المسيرة... ولن تستطيعوا إسقاط الحكومة الانتقالية، التي مهرت بالدماء الغالية للشهداء، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل هذا الوطن". ويقول أحمد يوسف التاي، في جريدة "الانتباهة" السودانية، إن "كل الإجراءات المشددة والتحوطات والاستعدادات، التي رأيناها اليوم، تشير إلى خطورة الأمر، وأن المحاذير الأمنية وتحركات فلول النظام المخلوع، التي حذرنا منها مبكراً، لم تكن مجرد خيال". ويضيف: "كل هذه التحوطات الأمنية مطلوبة، وإذا لم تكن الحكومة جاهزة للتعامل مع (التهديدات)، والتحركات المضادة من قبل الفلول، فلا سبيل إلا إلغائها والاكتفاء بتسليم مذكرة بالمطالب لرئيس الوزراء". لكنه يؤكد في نفس الوقت أنه "لا مراء ولا جدال حول المطالب الموضوعية، والمُلحة التي يرفعها الثوار حاليا، والمتمثلة في تصحيح مسار الثورة، ومعالجة تفلتات السوق والتصدي للغلاء ومعاش الناس، وتحقيق أهداف الثورة، واستعجال التحقيق وسرعة البت في ملف الشهداء، ومحاسبة رموز النظام المخلوع واستكمال هياكل السلطة، واختيار المجلس التشريعي والولاة". ويؤكد أنها "كلها مطالب موضوعية ومهمة وواجبة التنفيذ، لكن التحوطات والحذر أوجب". وفي الصحيفة نفسها، يقول سهيل الأرباب: "تطهروا واتركوا حمدوك يعمل، فخلال أسابيع سينجز السلام، وخلال أسابيع ستكتمل هياكل الحكم بالولايات، وستتم خطوات إصلاح الاقتصاد والتنمية، ويصبح من حق الشعب الحلم بالمستقبل الذى حرمتموه منه ". ويضيف: "اتركوا حمدوك يعمل، واغتسلوا من أدران 30 عاما من القهر والتسلط على الشعب... اغتسلوا وراجعوا أفكاركم وأساليبكم، ودعوا حمدوك يعمل ثلاث سنوات، وقد فشلتم ثلاثين عاما".
مشاركة :