القاهرة- انتقلت حرب المياه بين المصريين والإثيوبيين بسبب سد النهضة إلى تطبيق “تيك توك. والمشروع، المفترض أن يكون أكبر منشأة لتوليد الكهرباء من المياه في أفريقيا، أثار خلافات مع دولتي المصب الجارتين مصر والسودان، اللتين تخشيان أن يحد من مواردهما المائية الضرورية. وتصاعدت حدة الخلافات بين شعوب الدول الثلاث لتنتقل من مواقع التواصل الاجتماعي التقليدية إلى تطبيق “تيك توك”. ونشر إثيوبيون مقاطع فيديو على ”تيك توك“، ظهروا فيها وأمامهم 3 أكواب من الماء، تحمل أعلام بلاد مصر والسودان وإثيوبيا، ثم يقومون بملء الكوب الذي يحمل علم بلادهم بالماء، ويكررون الأمر بالسودان مع التأكيد على أنهم أشقاؤهم. وعندما يحين دور ملء كوب مصر، يقومون بتفريغ الكوب من الماء وتنشيفه جيدًا، في إشارة إلى رفضهم منح المياه إلى مصر، في حين قام أحدهم في المقاطع المتداولة، بالبصق في كوب مصر بدلًا من وضع المياه به. واختار ناشط سوداني أن يكون منحازا إلى إثيوبيا بدلا من مصر، وملأ قنينة إثيوبيا عن آخرها والتي هي بمثابة سد النهضة، ثم ملأ معظم قنينة السودان، لكنه ترك قنينة مصر خاوية. وانهالت تعليقات المصريين الغاضبة على المقاطع، مشيرين إلى أن أزمة سد النهضة وصلت إلى مرحلة الاستفزاز. وكتب أحد المتابعين لأزمة سد النهضة تعليقًا ساخرًا على المقاطع المتداولة: ونشر أحد المصريين رسالة رأى من خلالها أن سد النهضة سيؤدي إلى إفقار مصر التام من المياه وهو ما سيؤدي في النهاية إلى أن تقدم مصر على تدمير السد. وأخذت بيلين سيوم، الناطقة الرسمية باسم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الأسبوع الماضي، استراحة من التصريحات الرسمية لتنشر شيئا مختلفا على موقعها في تويتر: قصيدة من 37 بيتا تدافع فيها عن السد الضخم الذي تبنيه بلادها على النيل الأزرق. وفي القصيدة التي حملت عنوان “إثيوبيا تتكلم”، كتبت سيوم “أمهاتي يطلبن الراحة.. من سنوات من الفقر.. أبناؤهن يريدون مستقبلا مشرقا.. والحق في السعي لتحقيق الرخاء”. وكما تشير الأبيات، فإن إثيوبيا تنظر إلى مشروع سد النهضة البالغة كلفته 4.6 مليار دولار بوصفه بالغ الأهمية لتنميتها ومدها بالكهرباء. وفيما يتزايد الاهتمام العالمي بالسد، يجد المدافعون عنه طرقا مبتكرة لإظهار الدعم له، بأبيات الشعر، وأشكال أخرى من الفن، وقبل كل شيء على منصات التواصل الاجتماعي. ويرى بعض المراقبين أن السد يوفر نقطة نادرة للتكاتف في بلد متعدد الإثنيات يمر بفترة انتقال ديموقراطي مشحونة وينتظر انتخابات أرجئت بسبب فايروس كورونا. وقارن المحاضر الجامعي والخبير في إدارة المياه، أبيبي يرغا، جهود إنجاز السد بحرب إثيوبيا ضد المستعمر الإيطالي في أواخر القرن التاسع عشر. وشرح “في تلك الفترة، تكاتف الإثيوبيون بغض النظر عن دينهم وخلفياتهم لمحاربة القوة المستعمرة”. وأضاف “الآن في القرن الحادي والعشرين يقوم السد بجمع الإثيوبيين المنقسمين سياسيا وإثنيا”. وبدأت إثيوبيا ببناء السد عام 2011 خلال حكم رئيس الوزراء ميليس زيناوي الذي قدم المشروع كمحفز للقضاء على الفقر. وساهم الموظفون الرسميون براتب شهر في المشروع ذلك العام، وقد أصدرت الحكومة سندات للإثيوبيين في الداخل والخارج. وبعد نحو عقد، لا يزال السد مصدر أمل لبلد أكثر من نصف سكانه البالغ عددهم 110 ملايين نسمة، محرومون من الكهرباء. وبعد ثماني سنوات تقريبا على وفاة زيناوي، فإن الوجه الأبرز للمشروع هو على الأرجح وزير المياه سيليشي بيكيلي، وهو أكاديمي سابق له مؤلفات عديدة. وكوزير في الحكومة أبدى اهتماما بالغا بموضوع السد. ففي مؤتمر صحافي في يناير في أديس أبابا، رد على سؤال لأحد الصحافيين حول ما إذا كانت دول أخرى بخلاف إثيوبيا قد تلعب دورا في تشغيل السد. حدق سيليشي في عيني الصحافي، ليجيب ببساطة “إنه سدي”. وما لبثت عبارته أن انتشرت كهاشتاغ. وانتشر تسجيل لذلك المقطع على الإنترنت بشكل واسع، وبات البحث عن هاشتاغ “إنه سدي” يأتي بتعليقات لا نهاية لها تشيد بالمشروع. حتى أن مسؤولين قاموا في فعاليات مؤخرا بتوزيع قمصان تحمل هذا الشعار على صحافيين إثيوبيين يرتدونها بفخر خلال تنقلهم في المدينة. وانضم آخرون ممن هم غير إثيوبيين إلى حمى هاشتاغ “إنه سدي”.
مشاركة :