لم يكن من الغريب أن نستمع إلى وكيل أعمال اللاعبين الشهير كيا جورابشيان وهو يتحدث إلى محطة «توك سبورت» الإذاعية ويعرض أفكاره وخططه للمستقبل، لكن عندما بدأ يتحدث عن مستقبل المدافع البرازيلي ديفيد لويز قبل 10 أيام، بدأت أدرك من يتعامل بانتظام مع نادي آرسنال فيما يتعلق بالتعاقدات الجديدة وصفقات اللاعبين. وقد سلطت جملة واحدة قالها وكيل أعمال اللاعبين المولود في إيران، الضوء على هذا الأمر بشكل واضح. إذ كان الموعد النهائي لانتهاء عقود اللاعبين الذين تنتهي عقودهم هذا الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز - 23 يونيو (حزيران) - يقترب بسرعة كبيرة، ويعتقد جورابشيان أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين عليه القيام به. وقال جورابشيان: «هناك العديد من القضايا داخل النظام بأكمله سوف يتم حلها».ولا يخفى على أحد أن هناك علاقة عمل وثيقة بين جورابشيان ومسؤولي آرسنال، كما يحق له تماما أن يعلق ويقول وجهة نظره في هذا الشأن كما يريد. لكن بالنسبة للبعض ممن أبدوا تحفظات حول نفوذه، فإن تصريحاته الأخيرة كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، على حد قول أحدهم. ورغم أن تصريحات جورابشيان في هذا الصد كانت مقصودة، فإنها تعكس تماما المخاوف الداخلية لنادي آرسنال. وقد ألقت الأحداث التي تلت ذلك الضوء على أزمة الهوية التي يعاني منها آرسنال، والتي تسببت في حالة من الفزع بين المسؤولين السابقين والحاليين بالنادي.وما يثير القلق هو أن آرسنال، الذي كان ذات يوم مشهورا بموارده الهائلة، قد أوكل بقدر كبير من مسؤولية تدعيم صفوف الفريق بصفقات جديدة لقائمة محدودة من الأشخاص، ومن بينهم جورابشيان، وهو وكيل أعمال لاعبين لديه ماض كبير في عمليات السمسرة في صفقات بيع وشراء اللاعبين، كما يعد صديقا قديما للمدير الرياضي لنادي آرسنال، إيدو.بالطبع، لا يوجد شيء يمنعهما من العمل معاً، وهناك طرق عديدة لحل القضايا المتعلقة بالصفقات التي يبرمها النادي لتدعيم صفوفه. لكن شعر كثيرون بالدهشة يوم الثلاثاء الماضي عندما تم الإعلان عن أن اللاعب البرازيلي ديفيد لويز - البالغ من العمر 33 عاماً والذي يعد من بين أعلى اللاعبين أجرا في النادي في الوقت يعاني فيه النادي من صعوبات مالية كبيرة بسبب أزمة تفشي فيروس «كورونا» والنتائج المتواضعة التي يحققها النادي - قد جدد عقده مع النادي لعام آخر.وربما كان الأمر الأكثر إثارة للمخاوف هو حقيقة أن سيدريك سواريس، البالغ من العمر 28 عاماً والذي لم يشارك في أي مباراة بسبب الإصابة منذ انضمامه للنادي من ساوثهامبتون على سبيل الإعارة، قد تم تجديد عقده مع النادي لفترة طويلة ليصبح الخيار الثاني في مركز الظهير الأيمن.والغريب أن جورابشيان وشركته «سبورتس إنفست يو كيه»، هما من يمثلان كلا من لويز وسواريس!. لقد كانت مثل هذه الصفقات - رغم أنها تتم بطريقة مشروعة تماما - تخضع لسيطرة كاملة من المدير الفني السابق لآرسنال أرسين فينغر. وكان المدير الفني الفرنسي ينأى بنفسه عن التعامل مع وكلاء اللاعبين من أصحاب الأسماء الكبيرة، ولم يكن يرغب في دفع الكثير من الأموال للتعاقد مع لاعبين كبار في السن. لكن تدخلات جورابشيان كانت واضحة في عدد من الصفقات التي أبرمها آرسنال العام الماضي، والتي كان أولها تلك الصفقة التي عقدت في الثامن من أغسطس (آب)، بعد شهر واحد من عودة إيدو لنادي آرسنال. وتظهر قائمة المعاملات الوسيطة التي كشف عنها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم هذا الأسبوع أن شركة «سبورتس إنفيست يو كيه» قد مثلت آرسنال في صفقة انتقال أليكس إيوبي إلى إيفرتون مقابل 35 مليون جنيه إسترليني.ووفقاً لهذه القائمة، فإن الجانب الذي مثل كلا من إيوبي وإيفرتون في هذه الصفقة كان هو الوكالة التي تمثل اللاعب. ومن المعتاد أن تعمل أطراف مختلفة مع طرفي صفقة الانتقال، ويكون هذا الأمر أكثر شيوعا عندما تكون الصفقة للاعب قادم من الخارج، ولا توجد أي أخطاء في صفقة انتقال إيوبي من آرسنال إلى إيفرتون. لكن بعض الشخصيات التي لديها خبرة طويلة في هذا المجال تشير ببساطة إلى أن آرسنال وإيفرتون قد عملا من قبل مع بعضهما البعض، وبالتحديد قبل 18 شهرا عندما قام ثيو والكوت بنفس الخطوة، وبالتالي فإن إبرام صفقة إيوبي كان من الممكن أن تتم بنفس الطريقة، بعيدا عن التعقيدات التي حدثت في وجود جورابشيان وشركته.وقد وصل ديفيد لويز من تشيلسي في نفس اليوم وتبعه سواريس في يناير (كانون الثاني). وتشير تقارير صحافية إلى أن اللاعب البرازيلي ويليان، الذي يمثله أيضا جورابشيان، في طريقه للانتقال من تشيلسي إلى آرسنال في الصيف الحالي، رغم أن صحيفة «الأوبزرفر» قد أشارت إلى أنه رغم وجود اهتمام قوي من جانب آرسنال لضم اللاعب البرازيلي، فإنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن مستقبله.وهناك شعور بالقلق داخل بعض الأوساط من أن المسؤولين التنفيذيين بآرسنال يستمعون إلى مجموعة معينة من الأصوات ويتجاهلون ويهمشون أصحاب وجهات النظر البديلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بصفقات ضم لاعبين جدد والتخطيط لمستقبل النادي. لا يوجد أدنى شك في أن النادي بحاجة إلى تحديث الطريقة التي يعمل بها في أعقاب رحيل فينغر، ولهذا السبب كان هناك شعور بالدهشة عندما رحل سفين ميسلينتات، رئيس لجنة التعاقدات، في فبراير (شباط) 2019.ومنذ ذلك الحين، هناك شعور بأن آرسنال قد تخلى عن نهجه السابق فيما يتعلق بالتعاقدات الجديدة وأوكل بالأمر إلى إيدو، ومدير الكرة بالنادي، راؤول سانليهي. ويشعر بعض أعضاء مجلس الإدارة أنه قد تم تهميش دورهم، وهناك شعور بالقلق على نحو خاص من أن آرسنال، الذي أعاد هيكلة المسؤولين عن أكاديمية الناشئين بالنادي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بات في وضع يجعله يخسر أي منافسة على ضم أفضل اللاعبين الشباب في المستقبل. ويزعم أحد الموظفين السابقين أن نهج النادي لم يعد يتناسب مع قيمه ولا مع ثقافة الأداء العالي التي كان يعتمد عليها فينغر.وبات من الملاحظ بين المسؤولين في النادي خلال خلال الموسمين الماضيين أن بعض وكلاء اللاعبين لا يردون على مكالمات مسؤولي آرسنال بشكل متكرر. ويقول أحد ممثلي اللاعبين إنه يشعر بالإزعاج عندما يرى رقم آرسنال يظهر على هاتفه، في حين وجه آخر انتقادات شديدة للطريقة التي يتبعها مسؤولو آرسنال في التواصل.من المؤكد أن كل شخص لديه خططه الخاصة في هذا الصدد، وأن كل وكيل من وكلاء اللاعبين يفكر في مصلحة من يمثله، وهذا جزء طبيعي من اللعبة، لكن يصبح الأمر أكثر تعقيدا عندما تبدأ الصفقات المحتملة في التعثر.ويقول مصدر آخر إن المشكلة الأكبر تتمثل في «عدم وجود العقول التي تفكر بطريقة جيدة في الأمر». ويُعرف عن آرسنال جيداً، وفقاً لكلمات مدير النادي جوش كرونكي، أنه يعمل «بفاتورة أجور تناسب فريق يلعب في دوري أبطال أوروبا، لكنه يملك ميزانية فريق يلعب في الدوري الأوروبي». كما أن مركز الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز لن يتغير كثيرا إلا إذا كان لدى المدير الفني الإسباني ميكيل أرتيتا العناصر التي يريدها لتدعيم صفوف الفريق هذا الصيف. وهذا يعني أن النادي بحاجة إلى ضم لاعبين يقدمون له الإضافة اللازمة ويمكنه أن يحقق مكاسب مالية من بيعهم إذا أراد بعد ذلك، وهو ما يعني أن النادي سيعمل بطريقة تقترب من الطريقة التي تعمل بها أندية مثل بوروسيا دورتموند أو سالزبورغ، وليس الطريقة التي تعمل بها أندية مثل برشلونة أو ريال مدريد.وقال جورابشيان في مقابلة منفصلة مع محطة «توك سبورت» الإذاعية، في إشارة إلى سانليهي وإيدو: «أخيرا أصبح في آرسنال أشخاص يفهمون كرة القدم حقاً، لكن السؤال الآن يتعلق بما إذا كانت الأمور المالية ستساعدهم على تحقيق أهدافهم أم لا».وإذا لم تساعدهم النواحي المالية، فما الذي سيحدث بعد ذلك؟ ويبدو أن القضية الأكبر تتمثل فيما إذا كان سانليهي، الذي ساعد في انتقال نيمار إلى برشلونة، والمدير العام السابق لمنتخب البرازيل إيدو، سيكون لديهما الخبرات التي تؤهلهما لإدارة آرسنال بطريقة بسيطة وفقاً لهذه المعايير. لكنّ شخصا آخر على دراية بطريقتهما في العمل لا يعتقد ذلك، وهو ما يعني أن آرسنال قد يتحول إلى «فريق يكتفي باحتلال مركز في وسط جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز في غضون ثلاث أو أربع سنوات»، إذا لم يتغير شيء.ومع ذلك، لا تزال هناك إمكانية لتجنب هذه السيناريوهات السيئة. لقد أظهر تعاقد النادي مع غابرييل مارتينيللي وويليام صليبا العام الماضي أن النادي ما زال يملك العناصر التي تؤهله للتعاقد مع لاعبين واعدين لديهم القدرة على أن يصبحوا لاعبين من الطراز العالمي بعد ذلك. كما أن المستوى الجيد الذي ظهر به كل من إيدي نكتياه وجو ويلوك في مباراة الفريق أمام ساوثهامبتون يوم الخميس الماضي يذكرنا بأن أكاديمية الناشئين بالنادي لا تزال قادرة على تدعيم صفوف الفريق الأول بلاعبين رائعين.
مشاركة :