تم وصف السوريين الذين وفدوا إلى تركيا قبل تسع سنوات، بعد اندلاع حرب أهلية في بلادهم، بأنهم “ضيوف” من قبل الحكومة التركية. وعلى الرغم من أن وضع اللاجئين السوريين، 3.6 مليون سوري في البلاد، تغيّر لاحقا، إلا أن رؤيتهم كضيوف قد تم حفرها في أذهان شعب تركيا. وتعد تركيا من الدول الموقعة على اتفاقية جنيف لعام 1951 وبروتوكول عام 1967 اللاحق، لكنها تحافظ على قيود جغرافية على اللاجئين تم رفعها لاحقا من قبل الدول الموقعة الأخرى. تحتفظ أربع دول فقط بهذا القيد، الذي ينص على أن أيّ شخص قادم من خارج أوروبا لا يُمنح وضع اللاجئ. ولكن تركيا ليست موطنا حتى لحوالي 50 ألف لاجئ رسمي، لذا فإن وضع “لاجئ” لا يكاد يغادر البلاد أبدا. تمنح تركيا وضع اللاجئ المشروط لأولئك القادمين إلى البلاد من خارج أوروبا. وأولئك الذين يأتون من إيران وأفغانستان والعراق والدول الأفريقية يحظون بمثل هذا التصنيف. ما يعنيه هذا الوضع هو أن هؤلاء المهاجرين يتم تسجيلهم من قبل وزارة الداخلية والأمم المتحدة للانتظار في تركيا حتى يتم قبولهم كلاجئين رسميين في دولة أخرى. ويمكن أن تستمر فترة الانتظار هذه سنوات. وخلال هذا الوقت الطويل، يوضع المهاجرون في ما يسمى بـ”مدن تابعة”، ولا يحق لهم الاستقرار حيثما يشاؤون. يجب عليهم إثبات أنهم موجودون في أيّ مكان تم تعيينهم فيه من قبل الحكومة عن طريق تسجيل الدخول إلى مكاتب الحاكم المحلي مرتين في الشهر. وحتى إذا كان عليهم التقدم للحصول على تصاريح العمل، فمن الصعب عليهم الحصول على تصريح. ومع ذلك، يمكنهم الحصول على الرعاية الصحية. الفئة الثالثة للمهاجرين في تركيا يطلق عليهم اسم “الحماية الثانوية”. ولكن لا يتضح بعد من هم هؤلاء الذين ينتمون إلى هذه الفئة، أو حتى لمن يتم منحها. وبشكل قاطع، هذه الفئة مخصصة لأولئك الذين لا يتناسبون مع أيّ من الفئتين الأخريين، والذين ستكون حياتهم مهددة إذا عادوا إلى منازلهم. ومع ذلك، لم يتم تضمين السوريين في أيّ من هذه الفئات الثلاث عند وصولهم، وتم إنشاء فئة جديدة للمجموعة التي تعيش في ظل الضيافة: حالة الحماية المؤقتة. يتطلب هذا الوضع من الدولة المضيفة “فتح حدودها، وعدم إعادة اللاجئين مرة أخرى، وتلبية الاحتياجات الأساسية” لهم. وفي عام 2014، بعد تشكيل هذا الوضع، أنشأت تركيا “المديرية العامة لإدارة الهجرة” كمؤسسة حكومية وحيدة تتعامل مع هذه التركيبة السكانية. وعلى الرغم من مرور عدة سنوات، لم يتغير وضع السوريين كضيوف في جوهره. التقارير في وسائل الإعلام التركية بأن اللاجئين السوريين مُنحوا الجنسية – مثل الكثير من التقارير حولهم – لا تعكس الحقيقة. ووفقا للأرقام الحكومية الرسمية منذ مايو 2020، فإن عدد السوريين في تركيا هو حوالي 3 ملايين ونصف المليون، يعيش منهم 63 ألفا في المخيمات. وقد تم منح 110 آلاف سوري الجنسية التركية، وفقا لبيانات وزارة الداخلية، بينما عاد 402 ألف سوري إلى وطنهم. لا تمنح تركيا، على عكس الدول الأوروبية، الجنسية التلقائية للأفراد الذين عاشوا في البلاد لمدة خمس سنوات. يمكن لأي أحد أن يفحص تفاصيل هذه البيانات على الموقع الإلكتروني الخاص بـ”جمعية اللاجئين” ومقرها إسطنبول. توضح المنظمة المفاهيم الخاطئة الشائعة حول اللاجئين السوريين، وفي ما يلي نسرد القليل منها: “أصحاب الشركات الصغيرة السورية لا يدفعون الضرائب”. خطأ! مطلوب من كل مؤسسة تجارية في تركيا دفع الضرائب. السوريون ليسوا استثناء أو يتلقون معاملة خاصة في هذا الشأن. “يمكن للسوريين الحصول على تصريح عمل، والعمل في أي مكان يرغبون فيه”. خطأ! يطلب صاحب العمل تصريح عمل من الموظف. المواطن الأجنبي ليس لديه السلطة التلقائية للحصول على تصريح عمل. علاوة على ذلك، إذا رغب صاحب عمل تركي في توظيف مواطن أجنبي، فيجب أن يكون قد وظّف عنده على الأقل خمسة مواطنين أتراك. “السوريون يتقاضون راتبا من الحكومة”. خطأ! لم تعطِ الدولة التركية في الماضي ولا اليوم السوريين راتبا شهريا من مواردها الخاصة. “يمكن للسوريين دخول الجامعة دون اجتياز امتحان قبول”. خطأ! لا يوجد فرق في متطلبات دخول السوريين إلى الجامعات الخاصة أو الحكومية. يعد امتحان القبول الإلزامي بالجامعة شرطا ضروريا لدخول المهاجرين إلى الجامعة. يتم تداول هذا النوع من المعلومات الكاذبة عن السوريين في تركيا، وخاصة من قبل شرائح المجتمع القومية والعنصرية. ولسوء الحظ، هناك ديموغرافية تؤمن بمثل هذه المعلومات المضللة، وتريد أن تنتهي فترة إقامة السوريين كضيوف في البلاد. نسمع في الكثير من الأحيان عبارات موجهة إلى السوريين في تركيا من جميع شرائح المجتمع تقريبا، مثل “إذا كانوا ضيوفا، يجب عليهم التصرف على هذا النحو”، أو “هؤلاء ضيوف لا يغادرون أبدا”. تم الاحتفال في 20 يونيو الماضي باليوم العالمي للاجئين. ويُعتقد أن تركيا قد انتهزت الفرصة لتشرح ماهية ضيفها الكريم على المنصات الدولية، بينما يعمل مئات الآلاف من السوريين والأفغان والإيرانيين في البلاد في ظروف غير آمنة ويواجهون تمييزا مخزيا ولا يزال يتم استغلال النساء والأطفال السوريين. ولكن في الواقع، انتهك مالك هذا المنزل منذ فترة طويلة حقوق ضيوفه، وجعلهم يعملون بأجور متدنية، ورفع في ثمن الإيجار. لقد حان الوقت للتخلي عن هذا الحديث عن الضيوف والمضيفين، وبدلا من ذلك وجب التركيز على الاحتياجات الأساسية لهؤلاء المهاجرين الذين فروا من الحرب والموت والجوع للوصول إلى الأراضي التركية.
مشاركة :