حاول الاحتلال الإسرائيلي جاهداً وبشكل متعمد أثناء اعتداءاته وحروبه على قطاع غزة استهداف الأطفال، وفي العدوان الأخير على القطاع الصيف المنصرم رأى العالم أجساد أطفال وهم ينتشلون من تحت أنقاض المنازل التي دمرها قتلة الأطفال والمدنيين على مدى واحد وخمسين يوماً في الحرب الأخيرة. فوفق عمليات الرصد والتوثيق التي قام بها مركز الميزان لحقوق الإنسان بالتعاون من منظمات دولية أخرى، فإن عدد الأطفال الذين استشهدوا في قطاع غزة أثناء العدوان على يد قوات الاحتلال بلغ 547 طفلاً استشهدوا إما داخل منازلهم وإما أثناء لعبهم فوق أسطح المنازل أو بجوارها، منهم 535 قتلوا بشكل مباشر جراء الهجمات الإسرائيلية، وأعمار نحو 68% منهم 12 عاماً أو أقل، فيما لم تتم مساءلة أي من مرتكبي هذه الانتهاكات. وأكد مركز الميزان أن إسرائيل لا تخشى الملاحقة الدولية، فهي تشعر بأنها دولة محصنة ضد الملاحقة أو المساءلة، نحن بدورنا نبذل جهداً كبيراً في توثيق كل الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبتها الكيان للاستخدام المتعدد، سواء فيما يتعلق بحملات الضغط والتحشيد الدولية أو كتابة التقارير التي تفضح هذه الانتهاكات أو اللجوء إلى المحاكم الوطنية التي يسمح سلطانها القضائي بالنظر في جرائم الحرب بغض النظر، عما كان سبب ارتكابها أو ضحاياها، إضافة إلى المساعدة التي نقدمها من خلال المعلومات للجان التحقيق الدولية التي تأتي إلى قطاع غزة، سواء تلك اللجنة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان أو غيرها. ويشكل استهداف الاحتلال للأطفال نتيجة مؤكدة لضعف وفشل هذا العدو في تحقيق أهدافه العسكرية المرجوة في أرض غزة كالنيل من المقاومين الفلسطينيين وأماكن وجودهم ومحاولة لثني رجال المقاومة الفلسطينية وإجبارهم والضغط عليهم لإيقاف مقاومتهم وإطلاقهم للصواريخ باتجاه المستوطنات. من جهتها، قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، إنه رغم الأدلة الموثقة بأن قوات الاحتلال ارتكبت جرائم حرب خلال عدوانها على قطاع غزة الصيف الماضي، إلا أنه لم تكن هناك عدالة أو مساءلة عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق الأطفال الفلسطينيين. وقالت الحركة إن سياسة الإفلات من العقاب مكّنت إسرائيل من الاستمرار في سياستها الجائرة في قطاع غزة، ومما لا شك فيه أن الأطفال يظلون أهدافا لها، وأضافت لا يمكن القبول باستمرار الوضع الراهن، بحيث يستمر الأطفال الفلسطينيون بتحمل أسوأ الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستقبلية، والاحتلال العسكري طويل الأمد. وبينت تحقيقات الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أن هناك أدلة دامغة ومتكررة على ارتكاب القوات الإسرائيلية انتهاكات جسيمة ضد الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة خلال العدوان ترقى إلى مستوى جرائم حرب، وهذه الانتهاكات تتضمن استهداف الأطفال بشكل مباشر بالصواريخ التي تطلق من طائرات دون طيار، وهجمات على المدارس والمنازل. وتقول مفوضية الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، إن ممارسات الاحتلال بحق الأطفال لا تتوقف، خاصة بعد العدوان الأخير على غزة، حيث تسارعت وتيرة قتل الأطفال بشكل لافت للانتباه، مشيراً إلى أن الاحتلال يفلت كل مرة من العقاب. وأكد مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن الكيان الصهيوني لا يقيم وزناً لأي أخلاق أو قواعد أو معاهدات دولية، مع أن جميع هذه المعاهدات نصت صراحة على عدم إيذاء الأطفال حتى في الحروب، ومعاملتهم معاملة خاصة، إلا أن الكيان الصهيوني لا يتقيد بهذه القواعد الأخلاقية الدولية، ويرتكب جرائم حرب تكفي لسوق جميع قادته إلى المحكمة الجنائية الدولية، مضيفاً أن وجود أمريكا على رأس هذا العالم يجعل الصهاينة دائماً يفلتون من العقاب. على الرغم من الصمود الأسطوري الذي يسطره الشعب الفلسطيني في مواجهته للعدوان، إلا أن الاحتلال ترك ولا يزال بصمات مدمرة تستهدف الأطفال بالدرجة الأولى هي أبعد من أن تكون جرحاً يشفى بعد قصف، وأقسى من أن تترك علامة أو تقطع يداً، إنها الحرب النفسية التي تترك آثارا طويلة الأمد. الإعاقة النفسية التي هي أكثر ضرراً من الإعاقة الجسدية، والمعاناة اليومية من انقطاع الكهرباء ونقص المياه والغارات المستمرة وقلة النوم ونقص الدواء وعدم وجود أماكن آمنة والتشرد وتدمير المنازل وتحويل المدارس إلى ملاجئ لإيواء من شردوا ودمرت منازلهم، وتصور الموت في كل لحظة، وفقدان الأم والأب والأخوة والأخوات، واليتم والخوف من المستقبل والحصار. وأشار الطبيب النفسي محمد الطويل إلى ارتفاع أعداد الأطفال المصدومين بسبب استمرار تعرضهم للعدوان والحصار الإسرائيلي، ويضيف أننا لا نملك في فلسطين أو الدول العربية المجاورة اختصاصيين نفسيين يستطيعون أن يتعاملوا مع نصف مليون طفل وأسرهم ممن يحتاجون إلى خدمات نفسية ودعم نفسي مستمر.
مشاركة :